مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الغصب من منظار إسلامي



علي عبد المنعم طالب


* معناه:
معنى الغصب واحد لغةً وعرفاً وشرعاً، وهو الاستيلاء على مال الغير دون إذنه، سواء كان المال عيناً كمن استولى على سيارة بنية التملك أو كان حقاّ كمن يستولي على الحقوق العامّة كالشواطئ والطرقات وضفاف الأنهار وغيرها بنية الانتفاع بها وحده، أو كان منفعة كمن يستولي على دار بنية السكن فقط، ويتحقّق الغصب في الأشياء الثابتة والمنقولة على السواء.

* أحكامه:
شدّد الإسلام كثيراً على تحريم التعدي على أموال الناس وحقوقهم واعتبره بمنزلة التعدي على الدماء والأعراض، وحرّم على الغاصب التصرف في العين المغصوبة بأيّ شكلٍ من الأشكال، بل وحرّم التصرّف بأيّ شيء مطلقاً إلاّ مع العلم بالإذن الشرعي فيه لقول الإمام عليه السلام "لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفسٍ منه".
لكن ماذا لو حصل الغصب رغم كلّ هذا التشديد في التحريم؟
الجواب: يجب عند تحقّق الغصب المبادرة فوراً إلى رد العين المغصوبة إلى صاحبها، حتّى لو استلزم ذلك التضرّر بالغاصب، لأنّه هو الذي أدخلها على نفسه وأقدم عليها بسوء اختياره، فإذا غصب حجراً وبنى عليه يهدم البناء إذا توقف رد الحجر على الهدم، وإذا غيّر الغاصب الشيء المغصوب عن صفته كالحنطة يطحنها والدقيق يعجنه فعليه ردّه مع الأرش ، وإذا غصب بيضة فصارت فرخاً فالفرخ لصاحب البيضة لا للغاصب إلى غير ذلك من الأمثلة.
إذاً خلاصة الحكم الحرمة، ووجوب الرد والضمان، حيث يقع على عهدة الغاصب ضمان كلّ ما يرد على العين المغصوبة من تلفٍ أو خسارة، وكذلك ضمان المنفعة في مدة الغصب.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من خان جاره شبراً من الأرض جعله الله طوقاً في عنقه من تخوم الأرض السابعة حتّى يلقى الله يوم القيامة مطوّقاً إلاّ أن يتوب ويرجع".

* منافع المغصوب:
المنافع المباحة كلّها للمالك لأنّها نماء ملكه، سواء كانت المنفعة عيناً كثمر البستان المغصوب وولد النعجة، أو غيرها كالسكن واللباس والركوب، وسواءً استوفاها الغاصب أو بقيت في يده ولم يستوفِ منها شيئاً.
فإذا غصب سيارةً رديئةً مثلاً فأصلحها حتّى صارت جديدة ثمّ تلف بعضها وعادة رديئة كما كانت ضمنها الغاصب جديدة، لأنّ المنافع المعتبرة من الأوصاف تتبع العين فهي للمالك سواء حدثت عنده أو عند الغاصب، وكذلك إذا غصب شجرة ذابلة فسقاها حتّى أينعت ثمّ عادت إلى ما كانت عليه.
أمّا لو غصب أرضاً فزرعها أو بنى عليها فالزرع والبناء للغاصب، لكنّه يضمن أجرة الأرض طيلة مدة الزرع وثمنها إذا بنى عليها علاوةً على الإثم الكبير جراء هذا العمل.
سئل الإمام الصادق عليه السلام عن رجل زرع أرض رجلٍ بغير إذنه حتّى إذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال زرعت أرضي بغير إذني فزرعك لي وعليّ ما أنفقت، أله ذلك أم لا؟
أجاب الإمام عليه السلام : "للزارع زرعه، ولصاحب الأرض كراء أرضه".

* مسائل ملحقة:
*يجب أولاً وقبل كلّ شيء رد المغصوب بالذات، فإن تعذّر لتلفٍ أو ضياع وجب رد المثل، فإن لم يكن له مثل إطلاقاً، أو كان له ولكنه انقطع، وجب رد القيمة.
*لو تعاقبت الأيدي الغاصبة على عين ثم تلفت، فللمالك الرجوع على أيّهم شاء، لكن الضمان يقع على من تلفت العين من يده، فلو رجع المالك على من لم تتلف العين في يده يمكن لهذا الأخير الرجوع على من تلفت في يده.
*لو كان المغصوب باقياً لكن نزلت قيمته السوقية ردّه الغاصب ولا يضمن نقصان القيمة، إلاّ إذا كان ذلك بسبب نقصان في العين فيجب عليه حينئذٍ دفع أرش النقصان.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع