مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

لقاء مع الأديب الأستاذ سليمان كتاني‏



حوار: ولاء إبراهيم حمود


هذا حوارٌ طويل آخر، أوجزه لقرّاء المجلَّة... وهذا محاورٌ آخر تستضيفه صفحاتنا بمحبة استضافنا هو بمثلها، وبفسحة أكبر من الأدب المعجون بخبرات السنين وتتابع الأيام.. وصدق الجمال في جمال التعبير وهذا موضوع آخر ما زاده الدهر إلا خلوداً، وما سلبته الأيام شيئاً من جدته وتجدُّده وتجذره عميقاً في الوجدان الإنساني. وهذه مقدمة أخرى ولكنني أرفض كتابتها لأنني أشعر أن حواراً كهذا مع محاور نسجته خمائل الأيام حريراً ودمشقاً وقطيفة في حب النفر البيض الغُرِّ الميامين عن موضوع ليس كمثله موضوع. هكذا حوارٌ لا يحتاج تقديماً ولا يتطلب تأخيراً. وأراني أمام الموضوع وواضعه، أمام "كتاني بسكنتا" بل نسيجها المخملي الأنيق لغة وآداباً أشارك الشاعر الداغستاني "رسول ممزاتوف" رأيه بالمقدمة التي يراها تشبه رجلاً يجلس أمامنا في المسرح بكامل مساحته المضروبة طولاً بعرض وبقبعة تناسب هذا "الحاصل" وليس هذا فقط ولكنه يجلس على قلق كأن الريح تحته تقلبه يميناً ويساراً: إذاً هو يرى المقدمة حاجزاً بين النص وقارئه وأنا أراها كذلك مع حوار مماثل. لذلك أقول ألا بعداً لحواجز: ولتكن الكلمة الأخيرة مهداة إلى "كل من يستهويه علي بن أبي طالب عليه السلام في بطولة القيم وفتح كوى النس على الحق والخير الجمال"(*) ولنقرأ معاً مع سليمان كتاني عن علي في يوم علي ما قاله فيه عاشق علي حتى ثمالة العمر وبقايا الذاكرة...

* لَمَ وكيف ومتى كتبت؟ وما هي أبرز العوامل المساعدة على إنجاز الفكرة مكتوبة؟
* بأناقة في الكلمة التي تحترم القيمة الروحية للفكر كتبت، كان قصدي وما زال تجميل الحروف كي تتجمع ثوباً لائقاً بعظمة الفكر. منذ كنت في العشرين من عمري بدأت رحلة الكتابة لمجتمع أراه عظمة ونبلاً في إنسانيته وكان اهتمامي الفطري بالقضايا الإنسانية الكبيرة ورجالها أهم العوامل المساعدة على اتخاذي هذه الوسيلة للتعبير لا الجو الطبيعي الجميل الذي يحيطني كما يحلو للبعض أن يتصور.

* لماذا لم نقرأ لك شعراً في كل ما كتبت رغم أن نثرك يواصل حدود الشعر إن لم يتوفق عليه أحياناً؟
أوزان الشعر وتفعيلاته قيد ثقيل يعرقل سيل الكتابة وتقييد الفكر العظيم بقافية وتفعيلة أمرٌ ابتعدت عنه دائماً وحاولت أن أكتب نثري بمداد الجوهر في الشعر.

* إذاً أأعتبر إجابتك تحية للحداثة وشعرائها؟ وأن الحداثة إذ تكتسب بك أديباً كبيراً بعمره وتجربته الأدبية منتصرة؟
طبعاً! أنا أعتبر وأقدر روح التجديد والسلاسة والانطلاق في الشعر الحديث. الشعر بحد ذاته دعوة مفتوحة على مدى الحرية لذلك أرفض تقييده بقافية صغيرة قد تعجز عن إيصال معنى قيِّم إلا في بيتين أو ثلاثة، الشعر طوعٌ لشعاء الحداثة المجرِّبين والمثابرين وهم بنظري عباقرة. طالما أتوا بالمعاني المتلاحقة المتلاصقة على أساس أن الكلمة في خدمة المعنى، الذي يقصد بذاته لا بذات الصورة والقالب الموجودين أصلاً لتزيين المعنى وتلوينه لغايات جمالية فنية.

* إن كان الأمر كذلك، أين يقع ديوان العبقرية العربية في الشعر عند سليمان كتاني؟
عندما يقع البيت الواحد من الشعر في نفسي وبأسرتي استجمله حتى ولو كان موزوناً. كان المتنبي عبقري البيت والبيتين من الشعر، لاحظي عظمة هذا البيت:
أتحسب أنك جرم صغيرٌ
وفيك انطوى العالم الأكبر؟
هذه فسفة كاملة استطاع تحديدها بيت واحد من الشعر. لذلك لا قيمة لكل ذلك الحشو الذي لا يخدم إلا في إظهار قيمة البيت الواحد.

* هل من تأثيرات وذكريات خاصة تربطك بابن منطقتك ناسك الشخروب ميخائيل نعيمة؟
إنه يملأ رفاً من رفوف مكتبتي وهو صديق لم يستطع الموت تغييب صداقته، التقى معه في فلسفته الاجتماعية واختلف معه في مبادئ‏ء أخرى بينتها في كتابي عنه "ميخائيل نعيمة بيدر مفطوم". كنا نتبادل الزيارات والمودات.

* حدَّثتني قبل بدء حوارنا عن قيمة الصدق في الكلمة؟ في أي كتاباتك اعتمدته مضافاً إلى جمال شعرك المنثور؟
في كل كتاباتي! ما كتبت إلا ما أشعر به وإن كنت تريدين تحديد هدف لسؤالك يتعلق بما كتبته عن آل البيت عليه السلام.
فإليك الجواب صادقاً: ما كنت أعرف آل البيت قبل كتابتي عن عميدهم، عن علي أمير المؤمنين والذي ما كنت أعرفه قبل أن يطلب مني الكتابة عنه، حتى النبي الأعظم ما كنت أعرفه. ولا أخفي عنك أنني ما استطعت الكتابة عنهم إلا بعد أن قرأتهم ملياً في الكتب والتاريخ.

* وماذا بعد القراءة والتعرف؟ كيف رأيت أقطاب آل البيت؟ وكيف استطعت الغوص في عوالمهم البعيدة الغور والمدى؟ ألم تشعر لحظة أنك تسبح عكس تيارك في بحورهم المتماوجة وسع الكون؟
بعد القراءة أكبرت الرجال، وبعد التعرِّف أكبرت الأئمة. أكبرت العظمة في الأهداف. لم تكن لملمة أمةٍ مشرورة على هذه المساحات الغبراء مسألة سهلة وقد قام بهذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلام. أما الغوص في عوالمهم فهو غوص في عالمي، الصدق والبطولة. والسِّباحة ما بينهما لا تعني اطلاقاً أنني أسبح عكس تياري. وإن كنت تقصدين في هذه العكسية مسيحتَّتي فأنا لا أتردد في القول. كلنا مسلمون لله.
ثمة سلامٌ مطلق لعيسى عليه السلام وسلام آخر لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، لذلك أقول:
جاء إسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم عناقاً لإسلام المسيح عليه السلام الذي يكبره ب أربعمئة أو خمسمئة من السنين، وكان المسيح مثالاً للرجال العظام وللأنبياء الكرام المجسدين في محمد وعلي والزهراء عليه السلام.

* يقول جبران: "عظماء الدنيا ثلاثة: المسيح، محمد وعلي". ما هي مداميك العظمة المشتركة بين هذه الشخصيات الثلاثة حتى جمعهم جبران في حكم واحد؟
إن دراسة الشبه بين العظماء يتطلب مجهوداً بحثياً شاقاً. ثمة لون إنساني جامع لا ينفي التمايز بين هؤلاء الثلاثة فالمسيح لم يُعمِّر طويلاً مما لم نعطه فرصة إنجاز ما أنجزه محمد. وعلي جامع لكمالات النبيين الكريمين ما عدا النبوة. هنا سر اللقاء والتشارك وهذا عظمة التمايز والتفرد.

* ومع ذلك اعتبر مايكل هارت المفكر الأميركي أن محمداً أول الرجال عظمة في العالم بين مئة عظيم والمسيح رابعاً أما علي فلا ذكر له. إلام تعيد هذا الإغفال؟
صحيح، هناك غير تنكر للإمام علي في الغرب، هم يقرون بمحمد وينكرون علياً وبعضهم يرى أن علياً رواية لا وجود لها في حيز الواقع وأن نهج البلاغة ملحق به إلحاقاً.

* ماذا ترى أنت؟ هل يعنيك أن ترد على هذا الادعاء إن كنت تراه كذلك؟
كيف لا يعنيني؟ أنا أرى علياً طاقة من الطاقات العظيمة. من قام بنهج البلاغة سواه؟ أعطيني شخصاً يعطيني نهج بلاغة فأسميه الإمام علياً.. في علي يعنيني النهج والنهج باكورة عطائه، وإن كان له مؤلف آخر لم نسبه إلى علي ولم ينسبه إلى نفسه؟..

* هناك من يقول أنه للشريف الرَّضي..؟
- وهناك من يقول أنه بذلك يكون لعلي، نهج البلاغة حقيقة اسمها الإمام علي وأي ادعاءٍ سوى ذلك باطل.

* كيف رأيت علاقته بالرسول الأعظم؟؟
- كلاهما فهم الآخر إلى حد الاندغام الكامل، فهم الإمام محمداً فمشى بركابه وفهم محمد علياً فقلَّده الأمانة. وأنا فهمتهما معاً فأحببتهما معاً دون أي تمييز في الحب بينهما وبين المسيح.

* ما هي أعظم القيم التي حرَّكت شهيتك للكتابة عن علي؟
- صدقه ونصاعته في الفكر. وتركيزه على الحق في كلمةٍ تحمل السيف وتقاتل قتاله. علي هو هو، منذ المبتدأ إلى المنتهى صدقٌ وإخلاصٌ في رفع قيمة القضية، هو ساعد النبي اليمنى الاجتماع بكُلِّيته، بعظمته موجودٌ في علي.

* كيف رأيت علياً وسط رواياتٍ قد تعتبرها مبالغاتٍ؟ يرفضها العقل الإنساني المعاصر؟
- رأيته فيما عبّر به بنفسه عن ذاته وقد كان جميلاً وكبيراً وعظيماً في تعبيره، وتقبلته بكل ما عبَّر عنه في نهج بلاغته وفي تعاطيه مع النبي العظيم.

* ألم تلوِث هذه المبالغات شخصية الإمام وتُغْنِها في الوجدان الشعبي الإنساني لديك؟
- لا، إطلاقاً.. أنا لم أعرها أية أهمية لأني رأيت علياً لا يحتاجها. هو يمتلك عبقرية تزيد عن المعدَّل الإنساني المتعارف ولكنها معقولة ضمن واقع القوى المطلوبة وليست مبالغة. لو قلنا إن علياً قد تخطَّى الفضاء بفكره لا برجليه، كان بطلاً بضربة السيف وكان سواه كذلك ولكن ما كان سواه بطل موقف(1) كمواقفه، لا أؤمن بالعجائب تحيط بعلي بل أؤمن بعلي يحيط الكون بحقيقةٍ إنسانية محضة حاصلة الوجود في شخصه دون سواه وهنا اجتراح المعجزة إن أردتِ. رأيته يشق جدار الجهل والبغي بفكره حين رآه سواي يشق جداراً بيمينه أو برجله إني أترك العجائب للمستحبين لعلي ولي أنا رؤية فكره العظيم أعجوبة دهر وربما أراد محيطوه بالعجائب أن يكرموه هذا شأنهم وأسلوبهم، ولي أنا أن يحيا علي ومحمد والمسيح في خاطري وأن يخترقوا علَّي الجدر والحجب الزمنية بالقوى الفكرية والروحية التي اختصت بهم.

* من العظمة في الإمام إلى النّبْلِ في الإنسان. كيف ترى علاقة الإمام علي بالأسرة. ولنبدأ بالإمام طفلاً كيف كانت علاقته بأمه فاطمة بنت أسد، بوالده أبي طالب؟ وهل ترك هذان العظيمان تأثيرهما على شخصية الإمام وراثياً، أم هي شخصية معصومة كما في روايات الشيعة؟؟
- وهل تتعارض العصمة عند الشيعة مع قانون الوراثة التي كان علي أول من أشار إليها؟؟ على كلّ أنا ما درست علاقته بأبويه، لاحظي أنني ما ذكرت في كتابي شيئاً عنهما.

* لكن بنت أسد تستحق التفاتة وأبو طالب يستحق دراسة باعتبار أن كليهما قد حضن النبوة وأنجب الإمامة؟؟
- صحيح. لكنني درست علياً وحده كمجموعة قيمٍ فذة...

* ماذا عن علاقته بالمرأة؟ بالزهراء تحديداً، وبزوجاته بعدها؟؟
- لا أفصلُ بين الإمام والإنسان في شخص علي. لقد أحب الزهراء بكل ما فيه من صدقٍ وعظمة، لقد كانت مختصر مفاهيم علي في الإنسان قاطبة في المرأة فقط لذلك لا يفاجئك قولي أن علياً لم يحبّ امرأةً كما الزهراء. هو لم يحترم سواها وإن كان يراعي قيمة الإنسان في سواها. لم يحترم المرأة كثيراً ومهما كانت متعلمة، ولم يكن لها من علمها ومعارفها ما يلملمها إلى مائدة الإمام العظيمة.

* إذا أنت تؤكد صحة نسبة القول القائل أن المرأة كلها شر.. للإمام؟؟
- لم أدقق في هذا القول. لأنني تركت القضايا الثانية في حياته للقوانين والأعراف المتبعة في ذاك العصر.

* حسناً!، لو تجسدت المقاومة الإسلامية اليوم في إرهاب امرأة وفي استبسال الأنوثة المدافعة عن مقدساتها، أسرتها.. عرضها.. أما كان علي سيحترمها لو صادفها؟؟
- (يهز رأسه المثقل بمطالعات السنين ليجيبني بثقة ما فارقته لحظة منذ بدء الحوار.. رغم إعيائه الذي ما أطفأ عنده إتقاد شعلة الفكر الرحب الشامل)..
هل تعلمين سرّ احترام علي للمقاومة المعاصرة لو كان علي حياً؟ ولو صادفها؟

* لدي إجابتي ولكني أريد إجابتك لذلك أسألك..
- لديك جزءٌ من إجابة. كانت المقاومة ستتجسّد بالمرأة الوحيدة التي نالت احترام علي. كانت ستذكره بالزهراء عليه السلام بأم أبيها وأم الحسنين الذين أهداهما علي للكون وللحياة رائدي مقاومة وفارسي جهاد، وأنا إذ أقول أن علياً لم يحترم المرأة كثيراً اعني أنه ربط عجلة الحياة بالقضايا الكبرى التي ذاب فيها الاثنان رجلاً وامرأة. لا تلك القضايا الصغيرة التي تنحصر في حدود الذات الضيقة.. تسألين عن المقاومة؟ المقاومة حق من حقوقنا. وهي مخصوصة بما كانه الإمام علي إذاً هي هو وهي منه عظيمة ومنه شريفة وكبيرة. ويجب أن نتقيد بها لأنها تعبر عن وعينا للمجتمع وتحسسنا بقيمنا الإنسانية التي أكد عليها دائماً نهج علي ولو كان هذا الوعي موجوداً منذ خمسين سنة لما كان لليهودية هذا الأثر الخطير..

* لكن صراعنا ليس مع اليهودية كدين، صراعنا مع الصهاينة؟؟
- أنا لا أناقش العقيدة الدينية. قلت سابقاً أن الأديان وحدة: ولكني أسألك: هل تستطيعين أن تتفاهمي إنسانياً مع اليهودي؟ الذي لم يسعَ يوماً للتفاهم مع أحد..؟

* بالطبع لا.. ولكن مناسبة حديثك قطعت علّي سؤالاً عن أدونيس... شاعر الحداثة المعاصر. هو يقول في حوار مع مجلة الوسط: أنا لا أرى في اليهودي وجه العدو؟؟
- وأين يراه إذاً.. في الوجوه المشرقة للمقاومين؟؟ في أولئك الذين يواجهون الموت كما يواجه هو مباهج باريس ومفاتن لندن؟. لو لم تأخذ المقاومة بطولتها من علي لما كانت مقاومة صحيحة. ومن يستخف بالموت هو دائماً على حق. تماماً كما كان علي على حقٍ في دفاعه عن خط النبي الفكري والإجتماعي.

* هل تعتبر أن الصبغة الدينية الإسلامية والشيعية تحديداً ثغرة في أداء المقاومة حيث سمعنا أصواتاً تستنكر تسميتها بالإسلامية؟
- هذه ثغرة في أداء الذين لم يقاوموا، لا في أداء المقاومين. يفترض أن تأتي المقاومة نتيجة مستحثات وطنية وقومية وتقاعس "المستحثين" لا يعني أن الدين، أي دين يمانع في الدفاع عن النفس لأن المسيحية التي فرضت المحبة طالبت أيضاً بالكرامة والدفاع المشروع عن النفس، وهذا ما قاوم لأجله المسيح وما تابعه عليه محمد وما سلكه معهم علي..

* في الآونة الأخيرة، نقل الإعلام بكل وسائله موقف السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله بعد استشهاد ابنه مع اثنين من إخوانه؟؟ كيف يقوِّم الأديب أولاً والإنسان ثانياً موقف الشهيد ووالد الشهيد.
- جهلي بشخصية الشهيد لا يمنعني من رؤية انتمائه العلوي وشجاعته العلوية في مواجهة الموت، لكنني أعرف والده وقد التقيت به مرّتين أو ثلاثة، وأنا أكنُّ له من الحب ما كان يكفيني لرؤيته مثالاً لقيمة جده علي عليه السلام في صبره على المكاره وفي جهاده للنفس أولاً في أحزانها. رأيت السيد حسن عبر وسائل الإعلام صابراً على مصيبته كأب في فقدان ابنه، رأيته شامخاً كطودٍ، راسخاً كجبل، ورأيته يرمي ببصره أقصى القضية، أقصى الرسالة.. لذلك أتمنى أن ألتقيه ثانية وأن أصافحه مهنئاً ومواسياً إذا سمحت لي الظروف.

* ليكن السؤال الأخير عوداً على بدءٍ. كتب الكثيرون سواك من المسيحيين عن علي عليه السلام بشكل اتخذ طابع الظاهرة.. هل انطلق سواك من نفس مفاهيمك في الكتابة عن هذه الشخصية العظيمة؟
- لا أدري كيف أجيب عن آخر أسئلتك إنني الآن في السابعة والثمانين من العمر. وقد قرأت جلَّ ما كتب عن علي ولكني نسيت ما كتب لمسيحيين وسواهم. لذلك لا أستطيع أن أفاضل أو أقوِّم أو أقارن. جُلَّ ما أستطيعه هو قولي إنني كتبت عن هذا العظيم بأسلوبي الخاص. لقد نظّفت الكلمة قبل أن أغمسها في محبرة علي وهذا حسبي ولا علم لي بتقويم سواي الآن لأنني نسيت ما قرأت ولكنني ما نسيت.. علياً...
لم يستوعب الشريط أكثر ولكن مقابلتي المتوهجة بحب علي استوعبت أكثر ولم أستعمل شريطاً آخر لأنني أحسست كم أتعبت الأديب الكبير وأحسست كم كان مستعداً للمزيد من التعب في الحديث عن علي عليه السلام لقد استطاعت الأيام أن تنسه الكثير من الأحداث ومن المطالعات ولكنها هزمت أمام علي كعادة الأشياء والأشخاص إذا ما تصدت لمواجهة ذاك العظيم الخالد في وجدان الإنسان في أي إنسان يشارك سليمان كتاني السِّياحة في بحر علي، في حب علي، وفي قراءة جديدة.. لنهج علي.

 

(*) بهذه الكلمات أهدى الأديب الكبير كتابه: "علي نبراس ومتراس" وقد حاز هذا الكتاب الجائزة الأولى في التأليف عن الإمام علي عليه السلام.
(1) مواقفه من أعدائه، نبل أهدافه، صبره الذي فاق كل حدود.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع