أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أحكام اللقطة في الإسلام‏



علي عبد المنعم طالب‏


* معناها:
اللقطة في الأصل هي كل مال ضائع لا يد لأحدٍ عليه، وفي اصطلاح الفقهاء هي كل ما التقط من المال أو الإنسان أو الحيوان أو غيره مما له قيمة عند العرف ولا يعرف صاحبه، فهذه ثلاثة أقسام سنتطرق إلى كل قسم منها تباعاً بعنوان مستقل تجنباً للاشتباه والخلط بينها.

أولاً: لقطة المال؛
ونعني به كل ما له قيمة مالية عند العقلاء، سواء كان نقوداً رسمية متداولة أو ذهباً أو ساعة أو محفظة أو أي غرض آخر تتجاوز قيمته الدرهم الواحد.
وحكم هذه اللقطة التعريف عنها سنة كاملة فإن لم يجد صاحبها خلال المدة تخيّر المتلقط بين أمور ثلاثة:
إما حفظها من دون ضمان، وإما التصدق بها مع الضمان، وإما تملكها مع الضمان أيضاً.
يقول الإمام الصادق عليه السلام في جوابه عن لقطة المال: "يعرفها حولاً، فإن أصاب صاحبها ردّها عليه، وإلا تصدق بها فإن جاء طالبها بعد ذلك خيَّره بين الأجر والغرم(1) فإن اختار الأجر فله الأجر، وإن اختار الغرم غرم له وكان الأجر له".
هذا إذا كان المال أكثر من درهم، أما ما كان دون الدرهم فيجوز تملكه من غير فحص ولا تعريف.
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إن كانت اللقطة دون درهم فهي لك، فلا تعرفها".

ثانياً: لقطة الحيوان‏
الحيوان الضائع يسمى فالة، ويجوز التقاطه على كراهية لقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يأوي الضالة إلا الضال" وروي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه كان يقول في جوابه عنها: "هي لأهلها لا تمسّوها".
وترتفع الكراهية إذا كانت في معرض الهلاك، أو خيف عليها من السباع والوحوش، بل التقاطها في هذه الحالة أفضل من تركها كما لا يخفى.
حكم الضالة إذا وجدت في المناطق المسكونة عدم جواز أخذها وامتلاكها، ول وفعل ضمن، إلا إذا كان الحيوان في معرض الخطر فيجوز حينئذٍ التقاطه، ويجب على الملتقط الفحص عن صاحبه، وإذا يئس من معرفته تصدّق به أو بثمنه.
أما إذا وجدت في المناطق البادية حيث لا سكن ولا عمران فهنا حالتان:
الأول: إذا خيف عليها من الهلاك جاز أخذها ووجب التعريف عنها سنة كاملة، فإن لم يجد صاحبها جاز بيعها أو أكلها مع الضمان، وجاز إبقاؤها عنده أمانة لصاحبها من دون ضمان.
الثانية: إذا لم يخف عليها من السباع أو الهلاك لم يجز أخذها بأي نحو من الأنحاء.

ثالثاً: لقطة الإنسان‏
أشرنا فيما تقدم أن الضائع قد يكون إنساناً وقد يكون حيواناً وقد يكون مالاً، وتقدم الكلام حول القسمين الأخيرين، ونتكلم هنا عن الإنسان الضائع أو الصبي المنبوذ كما يسميه الفقهاء، ومتى يصح التقاطه وكيف تثبت للملتقط عليه ولاية الحفظ والحضانة والإنفاق؟
وقبل كل شي‏ء ينبغي التنبيه إلى أن المراد باللقيط الذي يجوز التقاطه وتترتب عليه أحكام اللقطة هو الذي نبذه أهله ورموه وأعرضوا عنه لسبب من الأسباب، ولذا سمي منبوذاً، أما الصبي الضائع الذي لم ينبذه أهله، فلا يجوز التقاطه، بل يُسلم إلى أهله فإنهم أولى الناس بحفظه ورعايته، ولا يجوز أن يتقدمهم أحد في ذلك، وكذا الصبي المنبوذ إذا عرفنا له كافلاً كالأب والجد والأم وغيرهم ممن له الحق في حضانته، فإنه يعطى لكافله وحاضنه، وإن امتنع ألزم به قهراً عنه، بل لو التقطه شخص ثم نبذه فأخذه آخر ألزم به الأول لكونه صار كافلاً.
وقد اتفقت كلمة الفقهاء على وجوب التقاط الصبي دون المميز وجوباً كفائياً إذا كان في معرض التلف والهلاك. أما إذا لم يُخف عليه من التلف أو الهلاك فالتقاطه أمر مستحب على عكس لقطة المال والحيوان.
أما المميز والبالغ فلا يجوز التقاطهما، لاستقلال الثاني بنفسه، وعدم الدليل على الأول، نعم يجب إسعافهما إذا كانا في معرض الهلاك، تماماً كإنقاذ الغريق وإطعام الجائع المضطر، ولكن وجوب الإسعاف شي‏ء، وإجراء أحكام الالتقاط عليه شي‏ء آخر.

* شروط الملتقط:
يشترط فيمن يلتقط الصبي المنبوذ أن يكون بالغاً عاقلاً راشداً، لأن للملتقط نوعاً من الولاية على اللقيط، وليس نوعاً من الولاية على اللقيط، وليس للصبي والمجنون والسفيه الأهلية لشي‏ء منها، بل هم بحاجة إلى من يتولى أمرهم.
إذا كان اللقيط محكوماً بإسلامه كما لو التقط من مكان فيه مسلمون يشترط في الملتقط أن يكون مسلماً لأن الالتقاط يجعل للملتقط نوعاً من الولاية على اللقيط كما أشرنا (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)، لأنه لا يؤمن أن يحمله الملتقط على ما يدين به، وعليه فإذا التقطه غير المسلم انتزع منه.

* ولاية الملتقط:
إذا توافرت الشروط في اللقيط والملتقط تثبت ولاية للثاني على الأول، والولاية هنا هي أن الملتقط أحق وأولى الناس جميعاً بحفظ الطفل ورعايته وحضانته وتربيته وتنشئته حتى يبلغ ويملك أمره، لا يزاحمه أحد في ذك، إلا إذا ضهر من هو أحف بالولاية والحضانة عليه كأحد الأبوين أو الأجداد أو الأقارب الذين تنتقل إليهم الحضانة عند عدم وجود الأبوين والأجداد، حيث يخرج الطفل مع وجود واحد من هؤلاء عن عنوان اللقيط الذي لا كافل له.
إذا عجز الملتقط عن حضانة الطفل ورعايته بالمعروف سلمه إلى الحاكم الشرعي، لأن العجز يسقط التكليف والحاكم ولي من لا ولي له.
تبقى النفقة على الطفل اللقيط فإنها من واجبات الحاكم الشرعي، إذ لا ولاية للملتقط إلا في الكفالة والحضانة تماماً كالأم التي تملك الحضانة دو الإنفاق، فإن تعذر انفق عليه بالمعروف ورجع بما أنفق على اللقيط بعد بلوغه ويساره إن شاء.
قال الإمام الصادق عليه السلام: "المنبوذ حر، فإذا كبر فإن شاء توالى إلى الذي التقطه، وإلا ليرد عليه النفقة، وليذهب فليوال من شاء".

* قواعد عامة في اللقطة:
* الدرهم الشرعي المعتبر في اللقطة هو ما يقارب غرامين ونصف من الفضة.
* إذا كانت اللقطة مما لا تبقى لسنة كاللحم والفواكه والخضروات وما إلى ذلك جاز للملتقط أن يقومها على نفسه ويتصرف فيها بأكلها أو بيعها أو غير ذك، فإذا وجد صاحبها بعدها ضمن مثلها أو قيمتها.
* اللقطة في مدة التعريف أمانة في يد الملتقط لا يضمنها إلا مع التعدي أو التفريط.
* لو علم المتلقط بأن التعريف لا فائدة فيه، أو حصل له اليأس من وجدان مالكها قبل تمام السنة سقط وجوب التعريف وتخير بين الأمور الثلاثة المتقدمة في لقطة المال.
 

 

(1) أي خيّر الملتقط المالك بين إمضاء الصدقة وبين الضمان.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع