مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

عقيدة: فطرة معرفة الله‏

من المسائل الفطرية، بحث الإنسان عن سبب وجوده ووجود غيره من الموجودات. وأيضاً الإحساس بوجوب شكر المنعم والمحسن وكذلك مسألة الالتجاء إلى موجود كامل أثناء ساعات اليأس والفزع من العوامل الخارجية، لهذه الحالات التي تحدث عند كل إنسان يقال فطرة البحث عن الله وفطرة عبادة الله.

* آيات الفطرة

وردت في القرآن الكريم آيات متعددة تثبت وجود الله سبحانه وتعالى عن طريق الفطرة، وهذه نماذج منها:
1- ﴿فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون (الروم- 30)
2- ﴿ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله(العنكبوت- 61)
3- ﴿ولئن سألتهم من نزّل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله(العنكبوت- 63)
4- ﴿قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله (يونس- 31)

في كل الآيات السالفة وُجّه السؤال إلى المشركين الذين لا يؤمنون بالله ويؤكد القرآن الكريم أنهم لو سئلوا عن علة وجودهم ووجود الكائنات، عبر وجدانهم وفطرتهم وبمعزل عن كل التأثيرات الخارجية المخلة، لكان الجواب هو الله.

* إظهار الفطرة
ظهور الفطرة أثناء الخطر
من منا لم يتوجه إلى القدرة المطلقة أثناء ساعات الخطر والخوف؟؟ مثل هجوم الوحوش، الغرق في البحر، سقوط الطائرة، المرض المستعصي على الأطباء... فكلنا توجهنا أثناء هذه اللحظات إلى القدرة المطلقة القادرة غير العادية وغير المحسوسة والمرئية. الكل يدرك بالفطرة وجود الله، أما في ساعات الخطر فإن هذا الإحساس يبرز أكثر، ويقول القرآن في هذا المجال: ﴿فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم مشركون (العنكبوت- 65)
قال رجل للصادق عليه السلام: يا رسول الله دلني على الله ما هو؟ فقد أكثر علي المجادلون وحيروني، فقال له:
يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال: نعم، قال: فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟ قال: نعم، قال: هل تعلق قلبك هناك أن شيئاً من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: نعم، قال الصادق عليه السلام: فذلك الشي‏ء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي وعلى الإغاثة حيث لا مغيث.

* الاستفادة من الطرق الإستدلالية
على الإنسان السائر نحو الكمال أن يستفيد من القوة العقلية الإستدلالية لتقوية وظهور الفطرة الموجودة في داخله، وأن يحكّم أسس عقيدته الفطرية حتى لا يصاب بالانحراف وإتباع الهوى والخرافات كما حصل للأقوام السابقين، بل يصل بها وعبرها إلى السعادة الأبدية.

* عوامل الإنحراف عن الفطرة
أ- مفاهيم خاطئة عن الله‏
كل حقيقة مسلمة أدخلت إلى عقل الطفل بشكل خاطئ‏ء ستترك الأثر السلبي العميق على رشده الفكري والعلمي في مراحل حياته اللاحقة، لأنه دائماً سينظر إلى هذه الحقيقة من تلك النافذة التي فتحت له بشكل خاطئ‏ء، وعندما يراها تتعارض مع مفاهيمه العلمية الحديثة سينكرها حتماً. ومفهوم الله لا يخرج عن هذه القاعدة، فإذا عرّف على شكل أوهام وخرافات تفرض على ذهن البشر فإن الفرد هنا عند إدراكه للواقع والوجود سيرفض هذه الأوهام وبالتالي سينكر الله.
والمقصر الأساس في هذه العملية هم العلماء!! والكتب الدينية المحرّفة.
ولكن إذا كنا قد عرّفنا الله كما هو فإن لا أحد سينكره ويخالف فطرته، وهذه بعض الصفات التي جاءت في القرآن:
1- ﴿ليس كمثله شي‏ء (الشورى- 11)
2- ﴿أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد (فاطر- 15)
3- ﴿إنه بكل شي‏ء عليم(الشورى- 12)
4- ﴿وإنه على كل شي‏ء قدير (الحج- 6)
5- ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله (البقرة- 115)
6- ﴿ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه (ق- 16)
7- ﴿ونحن أقرب إليه من حبا الوريد (ق- )
8- ﴿ولله الأسماء الحسنى (الأعراف- 180)
9- ﴿لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير

من وجهة النظر الإسلامية فإن الكون مخلوق بالعناية الإلهية وهي لن تزول عنه فإذا زالت فني واضمحل.

ب- سلب حرية الإنسان باسم الدين‏
الأديان المنحرفة حاولت سلب حرية الإنسان باسم الدين، فالكنيسة في أوروبا ومنذ القرن الثاني عشر وحتى الثامن عشر قد قمعت العلماء وأعدمتهم حتى وصل ضحاياها إلى 31912 مقتول حرقاً و 291450 مقتول بالإعدام. وطبعاً خلفت هذه الأعمال رؤية سيئة بالنسبة للدين عند الأوروبيين وزرعت في قلوبهم بذر العناد لأصل الدين والمذهب.

ج- سوء الاستفادة من الاعتقاد بالله‏
على مر التاريخ استغل البعض إيمان الناس بالله ليسخّروه لخدمة مصالحهم الخاصة وخصوصاً في تقوية وتدعيم حكمهم.

د- الغوغائية والذنب‏
من العوامل التي تقود الناس إلى الانحراف والإلحاد هو إتباع الشهوة وارتكاب المعاصي، لأنهم يعتقدون أن الإيمان بالله سيمنعهم من إرضاء غرائزهم وميولهم ولا يحقق لهم آمالهم وأمانيهم.
إن الإيمان بالله هو الالتزام بأحكامه وهذا الأمر يشكل سداً منيعاً أمام رغبات الإنسان وأهوائه.
والقرآن يبين هذه الحقيقة في الآية 10 من سورة الروم: ﴿ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون
يقول الإمام الصادق عليه السلام في هذا المجال:
"ولكنهم قوم فتحوا على أنفسهم أبواب المعاصي وسهّلوا سبيل الشهوات، فغلبت الأهواء على قلبهم واستحوذ عليهم الشيطان بظلمهم".
يعتقد البعض أن عليهم أن ينكروا الله والدين ليكونوا أحراراً غافلين عن مسألة وهي أن عدم طاعته تعني إطاعة الآخرين (من نفس وشهوة..) وأن عدم العبودية له تعني العبودية للآخرين. ﴿ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير (الحج- 31)

هـ- التكبر والحاجة
تحدث القرآن الكريم في عدة موارد عن علة إنكار الحق عند بعض الناس الذين سماهم المستكبرين: ﴿ويل لكل أفّاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم (الجاثية- 7- 8)
وأما البعض الآخر من الناس فينكرون الله والحق رغم اقتناعهم بصواب الدليل الذي أثبت ذلك من حيث العلم والمنطق وهؤلاء تصفهم الآية الكريمة: ﴿وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون (يونس- 101)
وفي موارد أخرى يتحدث القرآن الكريم عن الظلم بعنوانه أحد الموانع التي تقف حائلاً دون قبول الحق وآياته، وفي ذلك ترى الظالمين يحاربون العقيدة لأنها تقف في وجه مصالحهم وتساند المظلومين: ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً (النمل- 14)


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع