مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

علّمني درساً في الحياة

أبو محمد

عندما قصدت منزل حسين الكائن في الزاروب المقابل لمنزلي، كان ذلك بعد أن قصدت عدداً من الفنيين في إصلاح كهرباء السيارات، لإصلاح سيارتي، فلم يصدق أحدٌ منهم معي، بل زادوا السوء سوءاً، وأصبحت سيارتي، بدلاً من أن يتقطع سيرها في بعض الأحيان، أصبحت تتوقّف نهائياً عن الحركة...
إلاّ أنّ ابن عمّي قال لي: بأنّ حسيناً معلّم كهربائي ماهرٌ ... وهو موجود هنا في هذه الأيام، وسأدعوه لإصلاح سيارتك.
لقائي معه كان صباحاً حين كان خارجاً في شأن يتعلّق به، لم أعلم ما هو...
ولكنّه وعدني بالقدوم إلى منزلي ورؤية السيارة بعد ساعة من لقائي به. وبما أنّني كنت مشغولاً آنذاك فقد تركت له مفاتيح السيارة عند زوجتي مع ورقة أشرح له فيها سبب العطل...
وعند عودتي ظهراً وجدته قد أصلحها إلاّ أنّه لم يلتفت إلى سبب العطل بالتحديد.
فأرسلت في طلبه، وكنت في الواقع أعامله كمن يريد أن يأخذ أجراً مادياً على ذلك، وتعمدت ذلك... فإنّي سأدفع الأجر سواء له أو لغيره. ثمّ إنّه يبدو فقيراً، سيما أنّني علمت بأنّه يعمل في الجنوب، ويأتي إلى بيروت لزيارة أهله والاستراحة ومن ثمّ يعمل على سيارته أيضاً.
وعندما حضر بيّنت له الخلل، وطلبت منه إصلاحه، وأبديت استعدادي لدفع اللازم في إنجاز ذلك إن لزمت بعض القطع.
ففعل وعمل بها ما لا يقلّ عن ساعتين.
وعندما هممت محاسبته ودفع الأجر له، قال مبتسماً:
أنا بحاجة فقط لبعض الصلوات ...

رجوته قبول ذلك المبلغ، فحيّاني بابتسامة عريضة تطفح بالحب، وقال: حسبي منك الصلوات. وانصرف بهدوء كما أتى بهدوء. وأنا أشيّعه بنظراتي الخجلة والحيرى في آنٍ معاً...
وكانت المفاجأة الكبرى لي، عندما سألته عن عمله في الجنوب وعملت أنّه مجاهداً من مجاهدي المقاومة الإسلامية في تلال صافي...
عندها خجلت من نفسي، ومن إيماني ومن عبادتي وحتى من صلواتي...
خجلت من أولئك الشبان الذين لا يطلبون سوى مرضاة الله، ويسعون بكلّ جهدهم إلى مواطن الطاعة، ولا يجمعون المال مثلنا، فهو لا قيمة له عندهم بل يجمعون الغلات التي لا يأكلها السوس والتي خزائنها في السموات ... إنّها العمل الصالح.
ونحن نغرق في حساباتنا المادية الرخيصة.

أخي وأستاذي حسين...
هكذا ... وبكلّ بساطة، وبدون أيّ تكلّف ... وبلا وعظ أو إرشاد.
علمتني درساً في العطاء، علمتني درساً في العبادة.
أنت علمتني درساً في الحياة ...
هكذا أنتم يا إخواني في المقاومة الإسلامية.
ككلم أساتذة، ونحن التلاميذ ... ويا ليتنا نعلم ...
عزاؤكم أنّكم ترحلون سريعاً.
وتتشرفون بحضرة الملائكة والملكوت، وتتركون ظلامنا إلى نور الفيض الإلهي. أخي ... ما عهدت أستاذاً ينسى تلميذه، حتّى وإن كان مقصّراً، فاذكرني عندما أحتاج إليك.
وأرجو منكم المسامحة والدعاء.
أخوك أبو محمد

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع