ماذا أراد الغرب أن يقول هناك
ماذا قالت الدول المستضعفة والجائعة
ماذا كان موقف الوفود الإسلامية، والمحافظة أسئلة كثيرة أجوبتها كانت في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية.
في القاهرة "مدينة الأزهر" وبحضور ثمانية آلاف من أكثر من 130 دولة، ومن أصل 20 ألفاً كان مقدراً لهم الحضور، عقدت هيئة الأمم المتحدة، وتحت علمها المؤتمر الدولي للسكان والتنمية وبين 5 و13 أيلول عقد المؤتمرون 160 جلسة.
لقد سعت الوفود الغربية المشاركة إلى تحرير نصوص تدعو صراحة إلى تشجيع المراهقات على إقامة العلاقات الجنسية بحرية، وتسهيل الإجهاض، وإقامة العلاقات الشاذّة خارج نطاق الحياة الزوجية. بينما تضاءل بفعل الضغط الغربي الاهتمام بمسائل أخرى أكثر أهمية، كقضية التنمية، واللاجئين والحروب الأهلية، ومشاكل البيئة، وبيع الأولاد واغتصاب النساء، والمجاعة، والمخدرات، والانتحار إلى ما هنالك مما تسبّبت به حروب الاستكبار، وجشع الدول الغنية.وهذا ما يشير إليه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: "إنّ الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلاّ بما متع به غني، والله تعالى سائلهم عن ذلك".
ويشير عليه السلام إلى عصرنا قائلاً: "يأتي على الناس زمان عضوض "أي شديد" يعض الموسر فيه على ما في يديه ولم يؤمر بذلك". قال سبحانه: "ولا تنسوا الفضل بينكم". ولقد أحسنت سيدة هندية حين وقفت في باب قاعة المؤتمر وهي تنادي معترضة: "هذا مؤتمر عجيب.. لا نسمع فيه إلاّ عن الإجهاض، وتنظيم النسل، والصحة الجنسية، وأولادنا جائعون، ولا يشربون مياهاً نظيفة، ولا يذهبون إلى المدارس ويفتقدون للرعاية الصحية، ولا يتحدث أحد عن هذا الموضوع. إنّه مؤتمر تنظيم النسل ولا علاقة له بالتنمية". ولقد جاءت وفود الدول الأفريقية، والآسيوية لتطالب بزيادة المنح والمعونات الاقتصادية المخصّصة لدول الجنوب، والدعوة إلى إسقاط الديون المستحقة، حيث بلغت ديون العالم الثالث 1300 مليار دولار، يدفع منها 60 مليار سنوياً لتسديدها، ولا يتلقى مساعدات سوى بـ35 مليار دولار.
* التعديلات على الوثيقة النهائية
تشكلت الوثيقة من ستة عشر فصلاً محتوية على 1242 فقرة، وأدخلت عليها تعديلات هامة على النصوص المقدمة من قبيل: "مراعاة القوانين والسيادة، واحترام جميع الأديان والقيم الحضارية لكلّ دولة، وفي البند 25 من الفصل الثامن عدل النص إلى التالي: لا ينبغي بأيّ حال من الأحوال إشاعة الإجهاض كوسيلة لتنظيم الأسرة. وجميع الحكومات والمنظمات الحكومة وغير الحكومية المعنية مدعوة لدعم التزامها برعاية صحّة المرأة والتعامل مع التأثير الصحّي للإجهاض غير الآمن باعتباره مصدراً كبيراً للقلق الصحي العام.. وينبغي إتخاذ الإجراءات أو التغييرات المتعلقة بالإجهاض والتي تأتي في إطار النظام الصحي على المستوى الوطني أو المحلي وفقاً للعملية التشريعية الوطنية" فيما تحفّظت وفود إيران وباكستان، وليبيا، والنمسا، والبرازيل على بعض القرارات. كما شطبت وعدلت كثير من الألفاظ الإباحية والأخرى الغامضة.
* حركة مضادة
من الطريف أن تجد في المؤتمر جمعيات غربية وأمريكية ويابانية وآسيوية، وقفت إلى جانب تلك الإسلامية في الدعوة إلى تحصين الأسرة، ومنع الإباحية، وحفظ النسل البشري، وحماية المراهقين من الانحراف الجنسي، وقد لا تصدق إذا قلت لك أنّ هذه الجمعيات عقدت ندوات ولقاءات كثيفة لمحاربة الطروحات الشذوذية، وأيضاً قد عمدت إلى توزيع النشرات، والدراسات التي تكشف فضائح الإجهاض، وإبادة النسل، لأجل مصالح اقتصادية وسياسية. وقد وصفت إحدى المندوبات الهنديات الأفكار المنحرفة التي طرحت في المؤتمر بأنّها إباحية، وقالت يكفي أن يكون 30% من اللاتي يلدن في أمريكا يلدن قبل الزواج، واتفقت معها إحدى عضوات الوفد الياباناني مضيفة أنّ معظمهن ممن لم يبلغن سن الثلاثين ويمتلئن بالأمراض.
* إيران في المؤتمر
قوطعت كلمة الوفد الإيراني بالتصفيق الحار مراراً. فيما عرض التلفزيون المصري ثلاث مرات المقابلة التي أجراها مع رئيسه. أمّا من جهة أخرى، المؤتمرين، فقد كان من اللافت للنظر سعي كثير من الوفود للالتقاء بالوفد الإيراني للوقوف على وجهات نظره تجاه القضايا المطروحة. وقد قال حجّة الإسلام الشيخ التسخيري في كلمته: إنّ الأسرة تشكل الحجر الأساس للمجتمع وإن أي مساس بها يشكل ضربة إلى مسيرة التكامل البشري، معتبراً أنّ التوازن المفقود في توزيع الثروة بين الدول الغنية. والفقيرة هو أساس المشكلة. وأشار أنّه لا مانع من تنظيم الأسرة بالطرق المشروعة، فهو جزء من عملية تقوية المجتمع معتبراً أنّ الإجهاض أمر مرفوض من كلّ الشرائع السماوية في العالم.
واقترح التسخيري – وهو يتحدث – وضع برامج لتوعية المتزوجين كبديل للإجهاض، كما فعلت إيران ذلك بحيث تراجع معدل النمو السكاني من 3.9 إلى 1.8.
وقال من ناحية أخرى: أنّ إيران تعمل لرفع مستوى المرأة وإعطائها مجالاً أكبر للمشاركة، حتّى تكون محصنة من كلّ محاولات الاستغلال.
وهكذا كان الحضور الإيراني ضرورة أساسية لإفشال المخطّطات الغربية المشبوهة وإحباط الكثير منها.