مهدي جميل حسن(*)
كيف لي أن أصف الشهيد محمّد؟!
الحنون، المؤمن، الشجاع، كان كتوماً في عمله، بارّاً بوالديه، مَرِحاً، مليئاً بحس الدعابة، يحبّ الجميع، يصاحب الكبير والصغير، وعندما يجالس كبار السنّ يعيد إليهم روح الشباب لكثرة السرور الذي يُدخله إلى قلوبهم. هو عاشق للسيّدة الزهراء عليها السلام وكثير اللجوء إليها، وقد أطلق اسمها على ابنته تيمّناً بها، وآخر ما نطق به قبل شهادته: "يا زهراء".
شارك محمد في معارك سوريا، والختام كان في جرود عرسال في لبنان. وخلال مجالسة أفراد العائلة، كان يحدّثهم عن الشهادة، وينعى نفسه شهيداً، ويطلب منهم الدعاء له للعودة شهيداً. وكانت كلّ أحاديثه عن أهل البيت عليهم السلام وتضحياتهم وصبرهم.
لم يكن الشهيد يودّع أحداً قبل الانطلاق إلى عمله الجهاديّ، ولكن في مشواره الأخير إلى عرسال، كان الوضع مختلفاً؛ إذ حضر في الصباح ليودّع والديه وأخواته، وقال لإحدى أخواته إنّه ذاهب إلى معركة شرسة، لا يعلم إن كان سيعود منها حيّاً أم لا.
وعندما طلب منه والده أن ينتبه إلى نفسه ويضبط حماسه، تبسّم قائلاً: "كلها هالموتة"، وشدّ على يده وربَّت على كتفه ومشى دون أن ينظر خلفه. استشهد برصاصة قنّاص، فتحقّق بذلك دعاؤه، وارتحل "فداء" شهيداً.
قال عنه رفاقه: كان بطلاً في المعارك، وقد أبدع في المواجهات ضدّ التكفيريّين. وكان قد طلب المسامحة من الجميع، خصوصاً من كان له حقّ عليه. وكان قد أوصى بمجموعة أمور، منها: قراءة القرآن والتمسّك بخطّ أهل البيت عليهم السلام، وأداء الصلاة في وقتها، وأداء صلاة الليل وصلاة الصبح، وقراءة الأدعية، منها دعاء التوسّل ودعاء كُمَيْل والصدقة، وإحياء ليالي القدر، والاهتمام بأهله وأخواته.
(*) أخ الشهيد (محمّد جميل حسن)، الذي استشهد بتاريخ: 24/7/2017م.