كلمة لا بد منها:
بكل شوق نفتح شبابيكنا لشعاع رسائلكم، لتكحّل بيراعها قراطيسنا، حريصين على نشرها (قدر المستطاع) دون أن تمتد إليها يد التغيير تعديلاً أو شطباً أو تحريفاً لكي تصغوا لنبض سطورها كما اشتعلت حروفها بين أناملكم الكريمة راجين التقيد بالأمور التالية:
1 ـ الكتابة بخط واضح مع المحافظة على المسافة بين السطور.
2 ـ الكتابة على وجه واحد من الورقة.
3 ـ الابتعاد عن اللغة العامية والكتابة بالفصحى.
4 ـ الحرص على أن لا تتجاوز الرسالة الصفحتين.
ملاحظة: نرجو من القراء الكرام مراعاة المناسبات وإرسال مشاركاتهم قبل فواتها.
* الحلم... الشهادة
زينب عبد النبي بهجة/جبشيت
بين تعاريج دروب الضيعة الصغيرة تنحفر خطى حسين نحو شجيرات الزيتون، وترتسم بسمات فرحه وهو يعدو عليها. كان يحلو له الجلوس تحتها يستظل بفيئها رغم حرارة الحقد التي كانت تنبعث من محتلي الجبل وروحه تطمئن مع أن الثعابين التي تسكن الجبل تلسع بريق عينيه. كان ينظر وراء أكياس الأمان يتأمل بخياله أرضه المحتلة ويرسل إليها سلاماً صامتاً.
وجاء يوم استيقظ فيه حسين من حلم جميل أنست له نفسه فقد رأى بمنامه أبوه الشهيد وهو يبتسم له ويقبل جبينه الطاهر، لم يكن حسين يريد أن يشعل لهيب قلب أمه فكتم في قلبه. ثم فكر بالذهاب نحو ركنه المنعزل وقبل أن يذهب نادته أمه ترجته ألا يذهب فقد سمعت في الليل الفائت ضربات قوية وقلبها يحسها بالخطر ولكنه طمأنها بأن الله معه. مرة أخرى نادته ولكن الدمعة تكلمت والقبلة ترجت... ابتسم حسين ومضى. مشى حيث تنام وردة الأمل حيث تعيش ذكرياته مع والده الشهيد، جلس تحت شجرته المعتادة حيث يستأنس بحلم المستقبل، وما كان يستريح حتى ترنمت عيونه بكبوة ولكن تفكيره لم ينم أبداً وفجأة هب من نومه والحجارة تنهار عليه هي الأفاعي تلفظ سمها بدأ يركض يريد أن يصل إلى أمه ولكن الأفاعي لا تملك قلوباً ولا تعرف الرحمة.
نام حسين على وسادة التراب وجرى نبع الدماء الطاهرة وانتشرت أشلاء الدم النازف تنبت مع الربيع وروداً... احتارت أمه وصرخت، مضت.. تبحث عن ابنها عن ولدها... توقف نبضها وصاحت صرخة دوت في أنحاء الضيعة... تجمع الناس... ومضى حسين نحو والده ليكن الحلم... شهادة.
* ذكراك والأمانة
وصفي عواضة
في ذكراك يا سيدي نستجمع الكلمات ونبدأ...
نبدأ من حيث يجب أن تكون البداية..
ومن حيث علمتنا كيف تكون
نبدأ من الطلقة والمحراب..
من قاموس الشهادة ومن محراب العبادة...
في ذكراك يا سيدي نستجمع الكلمات ونرتحل نحوك...
أنت الباقي فينا...
كل الكلام لك... لربيع الثورة في عينيك... لدمك المسفوح عشقاً في ربى عاملة...
لقامتك المرابطة في ثغور المقاومين..
لعمّتك التي ما برحت أنيسة المجاهدين...
لمنبرك المقاوم.. ولك.. كل الكلام يا سيدي..
وهل يكفي الكلام يا أبا المقاومين وسيدهم؟
يا دمعة البكائين في كربلاء المقاومة...
للحسين في يومك عاشوراء يا أبا ياسر...
وكل الأيام لعاشوراء الحسين... ولك...
يا أمير المقاومين وسيدهم... وكل المقاومين أمراء وسادة في عصر المقاومة...
يا سليل المصطفى وأمين رسالته...
يا أمير النور وبسمة الجرح المقاوم...
أأعتلِ الفجر وأتلو آيات النصر...
يا صرخة التاريخ الآتي...
أعطنا من جرحك قبساً من نور نسترشد بد في وحشة أيامنا...
أعطنا من عينيك شعاعاً نبلسم به آلام الفراق...
أعطنا الوعد ولا ترحل...
سيدي...
أعطنا من عينيك كحل النور لنعبر...
أعطنا من قلبك خفق الخلود لنستمر...
أشعل قنديل جراحك في عتمتنا... وافتح حبك نافذة على جهة أيامنا ولا ترحل...
* على هودج الحسين عليه السلام
مهداة للشهيد زهير قبيسي (وائل)
لعينيك "وائل"
لوهج الألق الحارق من قلبك يهدهدني الشوق قبل أن يجف دمك وقبل أن يحتضنك الثرى..
أنا يا بسمة الجرح المجبول بوجع عتيق أقطف عرائش الذكريات ولما تنزل بعد إلى قبرك..
ترهقني حكاياك فأكتم دمعي وأحبسه بعيداً عن خطرات العيون..
أتذكر يا "وائل" يوم جلست في تلك العشية تمطر المهدي الموعود عجل الله فرجه الشريف قبلات نار قلبك، أنّى هززت جمادنا نحن التراب بروحك المحلقة في فضاء "محمد وآل محمد"، كسرت جماد قلوبنا بقصار الكلمات وأطلقت آدميتنا من جديد وأنت تسأل:
"ترى في أي قفر يستعد مولانا المشرد في البراري للصلاة".
هكذا يا وائل وشفافيتك التي خبأتها عنا لتلتحق بركب الحسين عليه السلام، كنت تتفاعل مع المحسوسات والمجردات حتى رفعت عن المجرد وعدت راضياً مرضياً، إلى ربك...
"وائل" أكُلَّ هذا الجبل من العشق سكن قلبك وراء تلك الهدأة الباسمة في عينيك، وفي ثغرك الباسم أبداً وفي حضنك الذي خبرته فيك منذ المعانقة الأولى، أنّى صرخنا معاً "الأرواح جند مجندة ما تآلف منها ائتلف وما تناكر اختلف" وضحكنا ولكني استرجعت وغصت عميقاً في بحر التساؤلات، ترى لماذا يجذب هذا الشاب مني مع كل موعد أو سنحة تجمعنا، كل كدر الوهم في قلبي ويعطرني بعطر آخر يسمو بروحي عالياً ويصعق جماداتي فأرق وأصبح أكثر شفافية... الآن عرفت يا وائل وليتني ما عرفت فقد حسدتك على وشم النور الذي نطق فينا، بالدم وعيناك الفرحتان تتوسدان التراب.. أنا يا وائل لم أكن معكم وهذا الجسد تركته لكم وعدت إلى ربي على هودج الحسين الشهيد عليه الصلاة والسلام.