زهرة من ربيع نيسان
إنها أيام نيسان عادت تنكأ الجرح وتخط من آلامه ملاحم نضال وأساطير جهاد. نذكرها مع كل ربيع حيث تشرق من سناها شمس نيسان الأبية، نذكرها عقيلة الصدريين، فقيهة أخت فقيه، مجاهدة أخت مجاهد، شهيدة أخت شهيد، هي آمنة بنت حيدر الصدر، أخت آية اللَّه السيد محمد باقر الصدر، هي بنت الهدى. على أعتاب ذكرى شهادتها ينحل شريط المواجهة الدامي بين الحق والباطل، ليتوقف أمام عظمة امرأة كانت حياتها ساحة للفكر وميداناً للنضال، في أقسى مرحلة عرفها تاريخ العراق، وضد أعتى طاغية في القرن العشرين. لقد جعلت السيدة بنت الهدى نصب عينيها أهدافاً وغايات نبيلة، ضمت بين راحتيها باقات نور أطلقتها قصصاً هادفة، توجهت بها إلى مجتمع يعيش صراعاً عنيفاً بين شرقيته الإسلامية ومبادئ غربية. لم تترك ثانية من العمر تضيع دون أن تؤدي تكليفها الإنساني، تجاه المجتمع عموماً والمرأة خصوصاً، حتى حفل منزلها بطالبات سعين إلى ارتشاف رحيق الحكمة والمعرفة والثقافة، فعقدت حلقات تدريسية كان لها كبير الأثر في إشاعة جوّ من الوعي الديني والاجتماعي في محيطها. إنها المرأة تعي سرّ الوجود وتدرك سر الحياة. تتحول إلى شذرات نورانية هادفة تلهم كلّ مسلمة، كل مؤمنة في أي عصر وفي كل مصر معنى أن يحيا الإنسان ولماذا يحيا ومتى يصبح موته حياة، وكيف يجعل من موته حياة أمته. فما أحوجنا اليوم إليها امرأة قدوة معلمة، نسترشد من صمودها حكمة، ونستلهم من جهادها قوّة، ونستنير من صبرها أمثولة تحكي واقعاً جديداً لكربلاء مع اختلاف المكان والزمان. كانت تعي دوماً ضريبة الجهاد، لكن ذلك لم يثنها عن قضية، ولم يثبّط لها عزيمة، لأن الحق هو الهدف، هو الخلود وتحقيقه هو السعادة، والشهادة فخر لا يناله إلا من ارتضاه الإله، وسيبقى دمها إكليل أقحوان على جبين كل مجاهد عاش قضية الحق وقضى من أجلها.
ليلى شومان
******
محمد خير البرية
يا من تجسدت فيه الإنسانية، يا من اختاره الرحمن لإبلاغ الرسالة الإلهية، يا من كان هدفه إظهار مرتبة اللَّه الوحدانية، يا من صدّقت نبوته معجزة القرآن الجليّة، يا من أرشد الناس بالهداية نحو السعادة الأبدية، يا من أسس مجتمعاً بمظاهره المدنية، يا من ملك التسامح والإباء وصفح عن أمور اقترفتها الجاهلية، يا من أوقف مؤامرات قريش ومكائد اليهود الشيطانية، يا من أوكل لأهل بيته إكمال نشر الرسالة المحمدية، صلاة اللَّه وملائكته ورسله وخلقه عليه وعلى عترته الطاهرة الرضية
مريم محمود
******
يا أمة محمد صلى الله عليه وآله
إليك رسول اللَّه أشكو مهانةً وظلماً مُسيطراً رعاهُ الذّليلُ
سئمنا ملوكاً خذّلاً قد تذلّلوا وليْت عروشَهم قريباً تزولُ!
ملوكٌ وحكّامٌ بعارٍ تجلْبَبَوا وللعلج كلّهم مطيعٌ قَبُولُ
فهذا مرفّه، وذاك مُسَفّهٌ وذاك مثبِّطٌ وضيعٌ خذولُ
تدوس الخيول صدْر منهزمٍ، بلى كذا السّبع للمها الضّعيف أكُولُ
وموت الفتى كرّاً شَفِيُّ صدورنا وموتُه فرّاً سُبَّة لتطولُ
وموته بالقنا شبيه العظاة في فلاةٍ يشوقها اللقا والهديلُ
وهل يأمن الفتى المنايا الزّواحف وهلْ عنه سهمُ الموتِ سوفَ يحولُ؟
تهون النَّفوس في سبيل عظيمةٍ وكلُّ عظيمٍ مُبْتَغاه جميلُ
ويعشقُ طيْبَ الموتِ حرٌّ مُرَابطٌ ويرضى بذل العيشِ وغْدٌ سفيلُ
نداوي جراحنا بحدّ ظُباتنا وإنّ وقوعَها عظيمٌ ثقيلُ
وهلْ غيرُ ثغْر الشّمسِ للفجر مُوْقِظٌ وميْتُ الثرى يحييه مُزّنٌ وبيلُ
ألا يا ليالي الظّلم هاكِ بشائري فعمّا قريبٍ سَوْفَ يجلو الدَّخيلُ
ويُهوَى بقعْرٍ مظلمٍ كلُّ مُسْتَبدٍ ويُطوى كتابُ الشّرّ عنا الطويلُ
أَيا كاشف الكروب نفّسْ كروبنا وثبّتْ خطانا علَّنا لا نميلُ!
ناصر منصور