نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قراءة في كتاب‏: أسرار ما قبل الزواج‏

إعداد: محمود دبوق‏

 



الكاتب: الشيخ سعد الله خليل.
الناشر: مكتبة الفقيه بيروت.


الكتاب نتاج تجربة خاصة خاضها الكاتب طوال سنوات كان يجول فيها من بيت لآخر ومن قرية لأخرى متابعاً مشاكل الناس، خاصة الزوجية منها، وهذا ما مكّنه من تقديم الأفكار الرئيسية لكتابه معتمداً على المسائل العملية محل الابتلاء بعيداً عن النظريات، مبتغياً من ذلك ملامسة الواقع للانطلاق بصورة صحيحة نحو عالم الزواج، الذي يعتبر شراكة حقيقية بين الرجل والمرأة في كل جوانب الحياة. ومن مزايا الكتاب، أنه يتحدث بجرأة لم نتعودها في مجتمعنا لينطلق منها نحو الموضوعات العامة.

- ما هو الزواج؟
يعرض الكاتب مجموعة من التصورات الموضوعية للزواج عند المرأة والرجل على حد سواء، ويبدأ بموضوع تصوّر الزواج كونه تقليداً من التقاليد أم سنة من السنن الإلهية، ثم إلى المواضيع أو العناوين الأخرى في كون الزواج عملية جنسية أم مصلحة من المصالح أم هو علاقة حبّ وغرام وحاجة حياتية وتكوينية هادفة؟.
وبالنسبة للنساء والفتيات، يفنّد الكاتب بعض الأمور التي تتملك هواجس المرأة بشكل عام أو الفتاة بشكل خاص، من قبيل أن الزواج هو الخلاص، وأنه حاجة عاطفية وجنّة موعودة وهدف بحد ذاته، أو مصلحة مادية، أو قسمة ونصيب «كما يقال». ويشرح هذه العناوين بشكل عملي دون استغراق أو ملل ويقدّم الحلول التي يراها الإسلام بصورة واقعية لا نظرية وعبر نتاج تجارب الناس وأفكارهم وما هو الصحيح منها والخطأ.

- تجارب ما قبل الزواج:
يؤكد الكاتب أن التجربة الجنسية ما قبل الزواج سواء عند الرجل أو المرأة يترتب عليها الكثير من الانعكاسات العملية.
ويطرح الكاتب أسئلة خمسة وفي سياق موضوعي وعلمي، انطلاقاً من: هل أن الموضوع الجنسي هاجس يعيشه الشباب والبنات؟ والثاني: هل ظاهرة ممارسة الجنس ما قبل الزواج حقيقة أو وهم؟ وإلى السؤال الثالث: هل لشرعية العلاقة الجنسية ما قبل الزواج أو حرمتها انعكاسات مختلفة؟ ثم الرابع وفيه يسأل: هل هناك آثار سلبية للعلاقة الجنسية ما قبل الزواج على الحياة الزوجية فيما بعد؟ وفي الأخير؛ هل هناك إمكانية للقضاء على ظاهرة ممارسة الجنس قبل الزواج أم المطلوب شي‏ء آخر؟.

- هاجس الرغبة:
في الإجابة عن السؤال كون الموضوع الجنسي هاجساً يعيشه الشباب والبنات يجيب صاحب الكتاب وضمن عناوين فرعية عديدة يبدأها بالحديث عن عوامل الإثارة الجنسية. وهنا يتعرض لسيئات وسلبيات التبرّج والسفور والتي تعتبر من العوامل الأساسية لإثارة الغريزة الجنسية عند الرجل على سبيل المثال وعند المرأة بمفهوم آخر. ثم يتحدث عن الاختلاط الذي يزيل الحاجز النفسي بين الرجال والنساء فيذهب بالعفّة والحياء والهيبة، ثم يذهب للكلام عن الأفلام والفضائيات الإباحية وما تسبّبه وفرتها من عوامل الإثارة عند جيل الشباب والشابات، ولو بدافع الفضول، إضافة لعنوان آخر وهو هاجس العنوسة والمقصود بذلك أسلوب الإثارة المتعمدة الذي تستخدمه العديد من الفتيات لاصطياد العريس بدافع الخوف من العنوسة.

- اختيار الشريك:
من أجمل العناوين التي يعالجها الكتاب مسألة طرق التعارف المتبعة خصوصاً في السابق حيث كان الزواج كما يقول «بالنسبة للرجل أو المرأة عفوياً وتقليداً لا بدَّ منه، فالتعارف لم يكن موجوداً أصلاً...».
ويوضح الكاتب أنه في أيامنا قد تغيّر هذا السلوك ولم يعد متداولاً إلا في حالات نادرة، فالمطلوب إزاء ذلك الاطلاع على الزواج بموضوعية ووعي واستقراء دقيق وشامل، لأنه في غير هذه الصورة يدخل الأزواج بالأحلام والأمنيات، ولا يلبثون أن يقعوا تحت مقولة أن «الحياة الزوجية أشبه ببرميل زفت على وجهه عسل فعندما ينتهي العسل يبدأ الزفت، هذا إذا أحسن فتح البرميل ولم يفتحه من الأسفل ليبدأ مباشرة بالزفت» وينتهي الكاتب في هذا المجال إلى ذكر إحدى عشرة طريقة معروفة لاختيار الزوجة تُراجع في محلّها في الكتاب.

- ضرورة الخطوبة:
الخطوبة هي من الأمور المتعارف عليها والمسلّم بها في مجتمعنا الآن، والمقصود بالخطوبة الفترة التي تمتدّ من العقد حتى ليلة الزفاف وينصح الكاتب بها لأسباب نوجز بعضها:
التأكد من حقيقة المعرفة المتبادلة، والحلّية وشرعية العلاقة الناتجة بينهما عن العقد الشرعي، أضف إلى ذلك أنها تُدخل الخطيبين في عمق المسائل الخاصة بينهما ما يولد الاحتكاك المباشر الذي يلزم الإنسان بالبوح بكل ما عنده، ومنها؛ أن الخطوبة فرصة مناسبة للدخول في الموضوع الجنسي بشكل متدرّج بما لذلك من مردود إيجابي إذا ما قيسَ بسلبيات العلاقة الجنسية المفاجئة والكلّية. أضف إلى ذلك أن الخطوبة تقلّل من الخسائر في حال أدت إلى اكتشاف كل منهما للآخر ولم يتمكنا من مواصلة العلاقة، فالطلاق يقع هنا بخسائر أقل مما لو كان هناك أطفال يدفعون الثمن غالياً ومدى الحياة.
وينصح صاحب الكتاب بفترة خطوبة هي ما بين الأشهر الستة إلى السنة وأن لا تزيد عن ذلك إلا في حالات استثنائية، لأن الخطوبة الطويلة قد تتسبب بالملل والمشاكل خاصة في بعض القضايا التي تحتاج إلى استقلالية عن الأهل وأولياء الأمر.

- مبيت العروس عند أهل العريس:
لا شك أن هذه المسألة هي من أكثرها جدلاً ومثاراً للاعتراض عند العديد من الناس سيما أهل العروس، وذلك لاعتبارات عديدة يدخل الكاتب في تبيانها، وأكثرها موضوع العلاقة الجنسية بين العروسين، وخلاصة رأي الكاتب بالنسبة لهذه النقطة هو طرح استغرابه من خلال أنه لا يحق لأحد أن يمنعهما من ممارسة هذا الحق ولا يتحدّث هنا عن العلاقة الكاملة.
لذا فالحل يقع بين يدي العروسين من خلال عدم التصرّف بطريقة تثير مثل هذه المشاكل، وبالتالي فهما إن صبرا على انقضاء مدّة الخطوبة فسيكونان في بيت الزوجية لاحقاً، لتكون لهما حياتهما الخاصة ولا ينصح الكاتب العريس بالخصوص باستخدام أساليب العنف ومنطق التحدي مع أهل عروسه.

كتابٌ عملي يعالج تفاصيل هامّة في هذا المجال ويضع حلولاً تحتاج إلى تعاون عملي وجماعي إضافة لطروحات أخرى مماثلة تغني مثل هذه المواضيع، وتصبح الحلول فنّاً كما أسلفنا وطبقاً للقواعد الإسلامية بالتأكيد، لنصل ببركة هذا الدين والقرآن الكريم وسنّة النبي وآله الأطهار بمجتمعنا إلى شاطئ الأمان، واللَّه ولي التوفيق.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع