مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

سيد الشهداء عليه السلام مدرسة الممهدين للظهور

مقابلة مع الشيخ محمد خاتون


حوار: جومانة عبد الساتر


عن الإمام الهادي عليه السلام أنه قال: "لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها. أولئك هم الأفضلون عند الله عزَّ وجلَّ"(1). وفي صفات الممهدين ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "ورجال كأن قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبها شك في ذات الله، أشد من الحجر، لو حملوا على الجبال لأزالوها"(2). عن الرجال الممهدين وعلاقتهم بسيد الشهداء عليه السلام، وعن الطابع الثوري لحركة الظهور الشريف، وعن النيابة الثورية للإمام الحجة عجل الله فرجه المتمثلة بالولي الفقيه، سيجيبنا بعون الله تعالى فضيلة الشيخ محمد خاتون.

* محضُ الممهدين الولاء لقدوة الثوار وسيد الأحرار أبي عبد الله الحسين عليه السلام ورَفْعُ شعاراته، يُخرج الإمام المهدي عح وشعاره يا لثارات الحسين، فكيف هي علاقة الممهدين بسيد الشهداء عليه السلام؟


- موضوع سيد الشهداء له علاقة وطيدة جداً بالإمام المهدي عجل الله فرجه، من جهة لأنه ورد عن الإمام عجل الله فرجه كل معاني الحزن العميق والتفجع على الإمام الحسين عليه السلام، ومن جهة أخرى ما يمكن أن يستبان من أن حركة الإمام المهدي عجل الله فرجه لها علاقة بكربلاء وبسيد الشهداء. حركة سيد الشهداء كانت حركة استثنائية في التاريخ، استطاع من خلالها سيد الشهداء أن يحدث منعطفاً في زمان كان القضاء فيه على الإسلام قاب قوسين أو أدنى، واستطاع سيد الشهداء حفظ الإسلام. هذه الحالة التي مثلها سيد الشهداء بشكل تلقائي ذهبت لتكون مدرسة للقادة والمجاهدين إلى قيام يوم الدين. السر يكمن في سيد الشهداء عليه السلام، فعن النبي صلى الله عليه وآله: (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا)(3)، فهل قيام الإمام الحسين عليه السلام بالنسبة إلى من كان في زمانه هو المطلوب، وهل بعد شهادته لا يطلب منا القيام؟ أبداً، إنما الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، فذلك يعني أنهما في حياتهما وبعد حياتهما الشريفة هدفهما إقامة حكم الله في كل أرجاء الأرض، والذي لن يحصل إلا بخروج الإمام المهدي عجل الله فرجه. ومن هنا، لا بد لأولئك الذين يريدون القيام مع الإمام عجل الله فرجه من أن يمروا بمدرسة استثنائية وهي مدرسة الإمام الحسين عليه السلام. مثّل الإمام الحسين مدرسة الجهاد والثورة والاستشهاد، ويمثل الإمام المهدي عجل الله فرجه مدرسة إقامة حكومة الله. ومن دون المدرسة الأولى لا يمكن للمدرسة الثانية أن تكون، لأنها استكمال طبيعي للأولى. لو مشى التاريخ مشياً طبيعياً وصحيحاً، فإننا سرعان ما نصل إلى هذه النتيجة.

* هناك الكثير من الصفات البارزة المتحدث عنها عند الإمام الحسين عليه السلام، هل الروايات تشير إلى تأسي الممهدين بالإمام الحسين عليه السلام؟ وهل يتجلى فيهم شيء من هذه الصفات؟
- أفترض أننا نعيش الآن في عصر التمهيد لظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه، ولا يستطيع أحد أن يقول هذا خطأ، لأنني الآن لست مؤقتاً، لأن التمهيد قد يستمر عشر سنوات أو مئات السنين. فمن باب الاحتراز، إذا نظرنا إلى حركات المقاومة الإسلامية وحركات المقاومة في العالم، نرى أن قوامها العلاقة مع سيد الشهداء عليه السلام. غاندي يقول "تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر". رغم كونه بوذياً، لكنه نظر إلى الإمام الحسين كمثال واستحضره في تحريره شبه الجزيرة الهندية من الاستعمار البريطاني. أحببنا الحسين من أمهاتنا وفي مدارسنا وبيوتنا، ونلهج بذكره. هذه الآداب لا بد وأن تصوغ شيئاً. فمن هذه البيوت خرج شهداؤنا وشبابنا، فحققنا النصر الإلهي بامتياز والشهادة بامتياز. النصر لأمة استحقت النصر، والشهادة، لأن هؤلاء الأفراد استحقوا أن يكونوا شهداء بامتياز. هذه هي القاعدة التي أنتجتها كربلاء. وكما قال الإمام الخميني قدس سره "إن كل ما لدينا من عاشوراء". إننا ندرك أن أي حركة ثورية ممهدة للإمام عجل الله فرجه - سواء صدق تمنينا أننا في عصر الظهور أم لا - ينبغي أن تقوم على آثار سيد الشهداء عليه السلام.

* هل هناك من شبه بين الممهدين للإمام عجل الله فرجه وبين أصحاب الإمام الحسين عليه السلام؟
- قد يصح وجه التشابه بين أصحاب الإمام الحسين والإمام الحجة عجل الله فرجه في عددهم لكن على مستوى التاريخ لا نستطيع أن نحظى بفرصة نرى فيها جمعاً أحاطوا بإمامهم وقائدهم وأرادوا الموت دون ذلك القائد، إلا عند الإمام الحسين عليه السلام، حيث قال عليه السلام: "والله إنني لا أعلم أصحاباً أوفى من أصحابي ولا أهل بيت أوفى من أهل بيتي"(4). الإمام الحسين كان ينظر إلى التاريخ من أوله إلى آخره. أصحاب الإمام الحسين تمردوا على واقعهم وعلى ثقافة عصرهم. خرجوا على الفساد والفكر والنهج الاجتماعي والسياسي الذي كان سائداً، وكلفهم ذلك حياتهم، وهذه ميزة تفردوا بها. فالمرحلة آنذاك كانت تتطلب الشهادة، كما قال الإمام الحسين عليه السلام: "شاء الله أن يراني قتيلاً... وأن يراهن سبايا". قد يحصل أن يأتي أصحاب من مدرسة الإمام الحسين ويحيطوا بقائدهم كما أحاط هؤلاء بالإمام الحسين، لكن حتى لو حصل ذلك، فإن المدرسة الأولى - مدرسة الإمام الحسين - هي المؤسسة.

* تنطبع المرحلة المتصلة بالظهور الشريف بالطابع الثوري، مع حصول أحداث كبرى تسبق هذا الظهور. وقد أشارت الروايات التي تحدثت عن عصر الظهور إلى أحداث بارزة تسبق ظهور الإمام عجل الله فرجه، ما هي أبرزها ؟
- القرآن الكريم يقول: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ (الروم: 41). البعض يفسر الفساد بطريقة غير صحيحة نتيجة الفساد والخلل الاجتماعي والأخلاقي والتكويني الذي يجر الويلات على الأمم، والتي قد لا تتوقف إلا عندما يظهر الإمام عجل الله فرجه، من هذه الأحداث:

أ - الخلل الكوني: له سبب وهو الظلم الذي يقوم به الناس ويحدث خللاً معيناً. كل شيء له سبب مباشر. الكوارث تعزى بشكل طبيعي إلى التخلف عن اتباع من جعلهم الله أماناً لأهل الأرض، وهم أهل بيت النبوة عليهم السلام ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (الأنفال: 33).

ب - الانحراف على مستوى الأنظمة: يحدث طمعاً، وبالتالي لا بد أن تكون هناك حروب تصطنعها هذه الأنظمة بسبب الأسلحة، وتقابلها ثورات في كل أنحاء العالم قد تستمر أشهراً أو سنوات، لكنها بدأت. هناك حروب مفتعلة من قبل النظام الأشرس في العالم، ولكن بالمقابل هناك ثورات كالثورة الإسلامية في إيران والمقاومة الإسلامية في لبنان والمقاومة في غزة. مقومات هذه الثورات وجود حق مطالب به، كما قال أمير المؤمنين: "ما ضاع حق وراءه مطالب".

* النيابة الثورية للإمام الحجة عجل الله فرجه متمثلة بالولي الفقيه، والتي أسس لها الإمام الخميني قدس سره وأباؤه الطاهرون عليهم السلام. ولقد استمرت نيابة الفقهاء للإمام المهدي قروناً طويلة، ما الذي ميز الإمام الخميني في هذا المجال؟
- الثورة الإسلامية هي الثورة الأعظم والوحيدة في العصر الحديث. الثورة الأميركية سميت ثورة، لكنها بنيت على أرض وجماجم الآخرين. وفي فرنسا، استطاعت الثورة أن تخلص الشعب من الدكتاتورية، لكنها أصبحت استعماراً جديداً، وكذلك الثورات الأخرى. أما الثورة الإسلامية في إيران، فهي ثورة حقيقية لم تستخدم الشعارات البراقة وطرحت مفاهيم ما زالت هي هي. قادتها لم يستخدموا الثورة لمآرب شخصية. وما طرحته لنفسها طرحته لغيرها وأرادت تعميم هذه التجربة على دول العالم. الإمام الخميني شكّل بالنسبة للقادة والمسؤولين ضابطة، حتى أصبح منزله محجة ومزاراً. الإمام أعطى كل ما عنده ولم يأخذ شيئاً من الدولة، وكان يقول: "لا تقولوا ماذا أعطتنا الثورة، بل قولوا ماذا أعطينا نحن للثورة؟". إن مراحل الثورة الإسلامية التي بنيت فيها أعظم دولة إسلامية في العصر الحديث، لها علاقة بمسلكية ثورية وأخلاقية، وكلها تجتمع في هذه الذات التي كانت لدى الإمام. زرع الإمام روح التواضع والثورة عند المسؤولين، هذا المسلك أهّله لأن يكون قائداً سياسياً، رأى فيه الله الاخلاص والجد وبذل النفس والغالي والنفيس في سبيل مرضاة الله فجعله قائداً لهذه الأمة. الإمام قدس سره أحدث حركة داخلية في نفسه، فاستطاع من خلال توفيق الله عزَّ وجلَّ أن يحدث تغييراً نوعياً في هذه الأمة.

* كيف تساهم ولاية الفقيه في مسارات التغيير، بحيث تدفع الأمور باتجاه التمهيد للظهور الشريف؟
- ولاية الفقيه هي جزء مما أوصانا به أئمة الهدى عليهم السلام، وفي غياب الإمام المعصوم فإن العلماء أمناء الرسل، قالها رسول الهدى صلى الله عليه وآله. نحن نحتاج إلى القيادة الكاملة المعصومة، ومن دون قيادة لا يمكن للأمة أن تستمر. ولما كنا في زمن ليس فيه قيادة كاملة، لكن أقرب ما يكون إلى القيادة الكاملة، نأتي إلى الولي الفقيه العادل والعالم الذي تجتمع فيه الصفات والمؤهلات. ولاية الفقيه هي فكرة أهل البيت عليهم السلام، لكن خرجت إلى العلن في عهد الإمام الخميني قدس سره. وهذه الفكرة توافق عليها العديد من المراجع، حتى أهل السنة. حركة ولاية الفقيه هي الممهدة للإمام المهدي، والسر يكمن في القيادة، كيف يمكن أن يأتي الإنسان من خلال نظام جائر إلى نظام عادل، إلا من خلال ولاية الفقيه؟

* هل يستخدم الإمام عجل الله فرجه أدوات إعجازية في ثورته؟
- كل إمام لا بد وأن يأتي بشيء يدل على إمامته. إن العلم سبعة وعشرون حرفاً ظهر منها حتى الآن حرفان، والخمسة والعشرون حرفاً ستظهر على يد الإمام عجل الله فرجه. وسيكون نشر العلم على يديه. أما فيما يتعلق بأسلوب الحرب، فإن الحرب بالنسبة للإمام والأئمة عليهم السلام هي استثناء وليست أصلاً، الحرب ستكون خاطفة، وعمله بناء الدولة والتأسيس من خلال اجتثاث الكفرة والمجرمين لمدة ثلاثة أشهر، لكن لا ندري كيف هي. البعض يخاف على الإمام من أن يطاله أحد بالقنبلة الذرية، ونحن نقول إن الذي يحفظ الإمام عجل الله فرجه من السيف والرمح، يحفظه من القنبلة الذرية كما حفظه في سنوات الغيبة.


(1) الاحتجاج، ج2، ص502.
(2) نفس المصدر، ج52، ص308.
(3) نفس المصدر، ج43،ص291.
(4) روضة الواعظين، ص183.
(5) مقتل الحسين، ص65.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع