مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

بأقلامكم‏

لكم تنحني الكلمات‏

أيها الشهداء
يا محاريبَ العشق والولهْ...
يا حكاياتِ الليل والنهارْ...
يا صلواتِ القربى والزلفى...
علّمونا... كيف يتصلُ عشقُ السماء بعشق الأرضْ.

كيف يطولُ القنوتُ ويطولُ حتى لَيُصبحُ هو هو صلاة...
علّمونا كيف يمسي العَرَقُ مسكاً يفوحْ.. والدمعُ ماءً للوضوءْ...
علّمونا كيف يكون البردُ دفئاً يسري.. والوجعُ دواءً يشفي...

علّمونا...
يا من زهدتمْ في الدنيا... ورغبتمْ في الآخرة...
يا من اتخذتمْ الأرضَ بساطاً.. وترابَها فراشاً.. وماءَها طيبا...
يا من حضنتمْ القرآنَ شعارا.. والدعاءَ دثارا.

خبّرونا...
خبّرونا عن العيون التي سهرتْ.. والزنود التي حَمَتْ.. والحناجر التي ناجتْ...، عن أشواقٍ اختلجتْ.. وأحلامٍ ارتسمت.. وذكريات احتُضنتْ...
قولوا لنا كيف كان الوصالْ...
كيف لمستمْ.. وشممتمْ.. ولثمتم.. يدَ خير الأنامْ...!؟
كيف هويتمْ.. وانحنيتمْ.. أمام عباءة سيدة النساءْ...!؟
كيف سمعتمْ.. فزت وربِّ الكعبة.. من شفاه سيّدِ الوصيينْ...!؟
كيف قبّلتمْ.. وبللتمْ بدموعكمْ.. جرحَ الإمامِ.. تلوَ الإمامِ.. تلوَ الإمامْ..!؟

بعد كلّ هذا.. وكلّ ذاكْ.
تنحني كلماتنا أمام كلّ ما فيكم...
وتختنقُ حروفها بينما تناجيكمْ وتقولْ:
رصيدنا.. أنّا عاصرناكم...


نور
******

عبق الشهادة

هوذا أديم النور، يدغدغ جبهة النصر العذب، يهديها من صفائه ألواناً، لتتلألأ مع الشمس الأبية في وطن الصبا. هوذا الفجر يحيّي الشفق، ويبارك انكسار قيود الذّل والهوان، مرسلاً قبلات احترام لرجال البيارق... أحبّاء الأرض، وعشاق السماء... لقد ركبوا سفينة الأمان إلى دنيا الخلود، ليلتحقوا بأنصار القرآن، ويسطروا بدمائهم أنشودة العزّة والكرامة، مشى الليل يحاكي الجمال، يسأل عن بدور رحلت ولا زال شعاعها ملجأ لأحلام الأشجار، ومسرحاً لأغاني الأطيار. هم فوارس الغار، ورصاصات البنادق، وعطر الزنابق في ساحات الضياء والفرح، هم الشهداء... نظراتهم كتبت عنوان النصر على صفحة الغيم الناصع، لتهديه لوناً لورود الشهداء، وابتسامتهم أهدت أملاً للنفوس اليائسة. أمانيهم مرتع للحرية، وستبقى راية للحرية، ولن تتحطم وفي أعناقنا علقت أمانة الجهاد. مهداة إلى شهداء الوعد الصادق الذين اختصروا بدمائهم معنى الشهادة.

زهراء عساف

******

اسمي أحمد قصير (مهداة إلى فاتح عصر الاستشهاديين الشهيد أحمد قصير)


قالت له الغيمة... وهي تحاوره...
ما اسمك أيها القادم...؟
أيها المزنر بعطر الأرض...، وغضب الثكالى...
قال لها...
يا غيمة تشرين...
أنا أحمد قصير...
أنا حلم الأوطان...

أنا آية النصر...
وسورة الفتح...
أنا الفاتح الأول...
أنا هازم الهزيمة...، أنا العزيمة...
أنا من أنا...؟
أنا الشهيد... ومن مثلي يقول أنا...؟
أنا الذي استراحت كل القرى...
على راحتي...، وغفت ونامت...
أنا صوت الأرض... الذي نادى... فلبيت...

أنا الذي زرعت روحي... دمي...
واشتعل الورد والريحان...
وقام الوطن... مكللاً... بغار النصر...
أنا القادم... من كربلاء...
أرسلني الحسين... رسالة كرامة
أنا الذي أعلنت...
قيامة الوطن...
أنا... أحمد قصير...

ومقاومتي... سمتني حيدر...
أنا الكرار...
أنا الفاتح...
تعالي... يا غيمة المطر...
انهمري...
وانهمرت... وكان المطر...

وكان أحمد قصير...
وكان الانفجار...
من ومضة ذي الفقار...
يا لصدى... الانفجار...
يا لصدى الانفجار...


عماد عواضة
******

رابية الشهادة


تلك الرابية، مكان حبه الذي يرتاده ليس لإحياء الذكريات فقط، بل ليكمل تحقيق رسوم جميلة على صفحات المستقبل، نحتها بيديه... أعوام يتركها، يغيب عنها ليطل من جديد حاملاً إليها نقش اسم آخر مختلفاً، أسلوب تضحية مختلفاً، إنما هو هو الجوهر. يكاد يخرج من صدره لشدة الشوق إلى الأحبة النائم في روحه. يسرع الخطى لمعانقتها، وتقبيل ترابها، حيث ودع السابقين إلى الشهادة، ترابها الذي حنّ إلى أقدام رفاقه، دمعة تتدحرج على وجنته... كل شي‏ء تقع عليه عيناه تفوح منه رائحة الماضي، وما تلبث المشاهد أن تتراكم في مخيلته فيجد نفسه غارقاً في بحر من الذكريات. ما زالت كما عهدها في الذاكرة، تمثل صورهم الغائبة بهاماتهم القوية، الحاضرة بهيبتهم الوقورة، الصامتة الناطقة بألسنتهم، بتسبيحهم، باستئناسهم بتلاوة القرآن، بصلاتهم غذاء أرواحهم، بتعاهدهم على الامتثال للأوامر الإلهية، باستجابتهم لاستغاثة الأرض السليبة، التي لا بد من أن تتحرر، ينطلقون وعيونهم في اتجاه واحد، ملبين نداء الحسين عليه السلام: "ألا من ناصر ينصرنا". حروف تخرج مع ورود نجيعهم تسطع في شاطئ‏ء العشق الحسيني. تلك الرابية، افترشوا ترابها، توسدوا عشبها، وهم جاؤوا إليها كالأحلام، تمخر عباب الحياة الساكن فيها إلى نبض الحركة. ما زالت تتلون بأمنياتهم وحكاياتهم، يبثونها أناشيدهم الليلية حيث تغفو النجوم على أنغامها الشجية. أطلق عليها تسمية ليست ككل التسميات، حملها عنواناً اختصر كل العناوين "رابية الشهادة"، وهي رابية الوفاء والعهد، والنصر والوعد. رابية، ودعها من جديد مع كل الذين استوطنوا القلب بعد رحيلهم، حدقت إلى عينيه اللامعتين من بقايا الدموع... دموع ذرفها على رفقاء الدرب، وما زال يراهم على الثغور مرددين على مسامعه: "لا ولن نخاف القبور، إنه طريق العبور إلى الله...".
 

مريم محمود


******

طائر المغيب‏


في لبنان كتبت الدماء قصص شهداء أحبّوا اللَّه فأحبّهم، وعشقوا الوطن فاحتضنهم، حملوا القلم والمنجل نهاراً، والسلاح ليلاً، فكانوا كما قال الإمام علي عليه السلام: "رهبان الليل وليوث النهار". منهم مجاهدٌ أحبّ شمس المغيب، تراها عيناه رمز الراحة والحنين، الحنين لعالم التعبد والجهاد. في يوم حارٍ انتظرها باشتياق، والقلب يخفق كأنه يخبر باقتراب الوداع الأخير، وإذا بصوتٍ مرعدٍ يتردّد صداه في الأفق البعيد، ضوء الشمس يخبو، وشفق المغيب يُمحى بدخان مرير، إنه وحش بني إسرائيل ينقضّ على لبنان الحبيب بعد زمن دام سنين. نهض المجاهد، ارتدى البذلة العسكرية وزيّن جبهته الشامخة بقبلةٍ سنيّة من أم زينبية قبل أن تعصبها له بنداء "يا أبا عبد اللَّه"، ثم خرج يلاقي الرفاق في ساحة الجهاد متشوقين لفوزٌ عظيم. بدأت الملحمة فسقط الجرحى والشهداء، وبعد أيام نفد الماء فأخذ المجاهد على عاتقه إحضاره. انطلق حتى بلغ هدفه، بئرٌ كامنٌ خلف منزلٍ مهجور، هناك استوقفه عقابٌ جريح يتوسّل الماء أمام البئر العميق، فنزع المجاهد عصبة جبينه وجعلها ضمادة للطائر الجريح، أخرج بعدها الماء من البئر وسقى الطائر فما أن ارتوى حتى فرش جناحيه وحلق في السماء. عندما انتهى المجاهد من مل‏ء القرَب همّ بالعودة، وفي الطريق أحس بحرارة تدغدغ صدره الرحب، حرارة رصاصة أتت تلبي أمنيته السامية. في ساعة الاستشهاد وصل الطائر فوق قرية من قرى الجنوب ثم توجه نحو البيوت يطلب الإذن بالدخول فلم يجد إلا شباكاً مفتوحاً، دخل، فوجد رجلاً يتلو آيات القرآن الكريم، اتجه نحوه وأحاطه بالعبق المحمول. شمه الرجل فظن أن حبيب قلبه قد عاد، أغلق كتاب اللَّه، قبّله واتّجه للخارج يلقاه، بحث في كل الاتجاهات فلم يجد إلا طائر العقاب عصبت قائمته بعصبة الابن الوحيد، تلألأت العينان، انهمرت الدموع وهنّأ القلب المفجوع الابن على الفوز بشهادةٍ من اللَّه تقول: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل اللَّه أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون".

 

فرح علي عباس

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع