مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

شعر: طَفُّ الجنوب‏

يوسف سرور

 


 

أبطِئْ خُطاكَ فإنَّ دربَكَ مَهْيَعُ(1)

 والخائنونَ برغم وعظك لم يَعُوا

وانثُرْ دماءكَ يا حسينُ على الفَلا

 ورداً شذاهُ بروحنا يتضوَّعُ‏

واجْعلْ عمامتَكَ الشَّريفةَ بُرقعاً

يحمي الأُباةَ من اللهيبِ، ويمنَعُ‏

واضْمُمْ يديْكَ إلى جناحِكَ، وارتفِعْ

 فوقَ الخُطوبِ، فأنتَ أنتَ الأرفعُ‏

واحملْ حُسامكَ في حواشي كرْبلا

 سيفاً على وجهِ العُتاةِ يُلعْلِعُ‏

وابعَثْ تباشِيرَ الفلاحِ بأفْقِنا

 كيْ تستعدَّ إلى الكفاحِ الأذرُعُ‏

وانزِلْ، وحُطَّ الرَّكبْ في أحداقِنَا

 قلماً يخُطُّ، ووحْيَ فكرٍ يُبدِعُ‏

وأقمْ على سعَةٍ، فأنتَ المنتهى

 يا سيِّدي فينا وأنتَ المطلَعُ‏


******
 

قُتلَ الحُسينُ، فما لِعيني مهجَعُ

ونِياطُ(2) قلبي من لظى تتقطَّعُ‏

آهٍ ليومٍ فيه زُلزِلَتِ الدُّنَى

 زلْزالها، فهْيَ اليبَاسُ البُلْقُعُ(3)

يومَ اعْتلى ركبَ الملا في كربلا

 شمرٌ بما أمرَ ابنُ سعدٍ يصدَعُ‏

ويصيحُ بالسِّبطِ الشهيدِ مُقهْقِهاً:

 أجَبُنتَ عن حربٍ بها تتروَّعُ‏

يومَ الحُسينُ تناثرتْ أشلاؤهُ

فوقَ الرِّمالِ، وحُزَّ منهُ الإِصْبَعُ‏

يومَ ارْتمى عندَ العقيلَةِ زينبٍ

جدثٌ يصوِّرُ كيف كان المَصرعُ‏

يومَ الرَّبابُ غدتْ تودِّعُ طفلَها

 وإلى مُحيَّا زوجِهَا تتطلَّعُ‏

والقاسمُ المُلتاعُ يتركُ رملةً(4)

 ويذودُ عن حَرَمِ الحسين، ويدفعُ‏

والأكبرُ الكرَّارُ يبرزُ للعدى

بطلاً، يبدِّدُ لحمهُمْ ويقطِّعُ‏

وعلى الفُراتِ العذْبِ يسقطُ لْلفَلا

 قمرٌ لهاشمَ يزدهي ويُشعشِعُ‏

ويرى الحسينُ أخاهُ يعتفِرُ الثَّرى

 فيسيرُ باكٍ للخيام، ويرجِعُ‏

وتقِلُّ حيلَتُهُ، ويُكسرُ ظهرُهُ

إذْ إنَّ حامِيَهُ المفضَّلَ أَقْطَعُ(5)

والحُرُّ يختارُ الجِنانَ بتوبَةٍ

 مِنْ بعدِ ما بالسِّبطِ كان يُجعجِعُ‏

والآخرونَ غدَوْا بساحةِ كربلا

جُثثاً تنيرُ سمَا الدُّهورِ، وتسطَعُ‏

وإذا سألتَ عن اسْتحالةِ جمعِهِمْ

 نحوَ الفَنا، فلأنَّهُمْ لم يركعُوا!


******
 

هذِي دِمانا فاسفِكوهَا، أو دَعُوا

إنَّ الأُلَى فينا الشَّجَاعةَ أودَعُوا

إنْ كان أبطالُ الطُّفوفِ قد ارْتَأَوْا

أن يشربُوا كأسَ الحُتوفِ، ويكْرَعوا

ويغادروا الدُّنيا نكالاً بالرَّدى

 فرجالُنا في ركْبهمْ تتجمَّعُ‏

عَرَج الحسينُ، فهَلَّ يشرقُ بالمدى

نجمُ الخُمينِيِّ العظيمِ، ويسطعُ‏

فيبدِّدُ الأعداءَ وهجُ ضيائِهِ

 ويَسنُّ قانونَ الفِدا، ويشرِّعُ‏

والخامِنائِي قامَ يكملُ ثورةً

تُدمِي أنوفَ الظَّالمينَ، وتجْدَعُ‏

بمسيرةٍ أملى حروفَ عروجهَا

 للمجدِ قومٌ لابْنِ فاطِمَ تُبَّعُ‏

والكونُ يغبِطُهَا بأنَّ رجالَها

أبداً لغيرِ اللهِ لم يتضرَّعوا

لا، لمْ تفارقْ كربلا بحضورِهِ

 فالطَّفُّ "عيتَا"، والمهنَّدُ مِدفَعُ‏

وسواعِدُ العبَّاسِ قبضةُ سَيِّدٍ(6)

 تعْلُو، فَيَعْتلُّ العدُوُّ ويفزعُ‏

و"يزيدُ" "إسرائيلُ" إنْ سفكت لنا

 دَمَنَا، وسالت من لظاها الأدمُعُ‏

فلأنَّ عاشوراءَ في أورادنا

 عقدٌ فريدٌ بالدِّماءِ مُرصَّعُ‏


******

يا مُحبطينَ تراجعوا، لا تخضَعُوا

وترفَّعوا، والذُّلَّ من يدكُم ضَعوا

وتمنَّعوا عن شربِ كأسِ مهانةٍ

سكبَ العَدُوُّ مياهها كيْ تخْنعوا

قد خابَ قومٌ قاتلوا في كربلا

 سبطَ الرَّسولِ فعذَّبوهُ، وأوجَعوا

ثمَّ اكْتسَوْا ثوبَ المهالكِ والفنَا

حينَ انتهى بهِمُ المآلُ المفجعُ‏

إنْ أُلْبسوا ثوبَ التُّقى عَثَروا به

وإذا حكَوْا قَصَصَ البطولة تعْتَعُوا(7)

ظَنُّوا بأنَّ قتالهُم لإمامهم

 يُعلي مقامَهُمُ الدَّنيَّ، ويرفَعُ‏

وبأنَّ صيفَ المكرِ في حَرِّ الفَلا

 يتلوهُ بالبُشرى ربيعٌ مُمْرَعُ‏

لكنَّهُم خابوا، وما بلغوا المُنى

بئسَ المصبُّ لهم، وبئسَ المنبَعُ‏

تبقى الشَّهادةُ وحدَهَا دربَ النُّهى

 منهَا البَهَا، وبها الطَّريقُ الأروَعُ‏

وبأُفقِهَا يبقى الحسينُ محلِّقاً

وعلى أرائِكِ مجدِها يتربَّعُ!

 


(1) مهيع: واسع ورحب.
(2) نياط: عرق غليظ متصل بالقلب، فإذا قطع مات صاحبه.
(3) البلقع: القفر.
(4) رملة: هي زوجة الإمام الحسن عليه السلام وهي والدة القاسم.
(5) الأقطع: المقطوع اليد.
(6) السيد حسن نصر الله.
(7) تعتعوا: ترددوا في الكلام من عيّ.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع