مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الأطفال سلاح البراءة


السيد حسين حجازي


الفتية الصغار أو أطفال كربلاء كانوا عنصراً مهماً من عناصر المواجهة ضد أعداء اللَّه، وسلاحهم براءتهم التي لم يعرها بنو أمية اهتماماً لأن الرحمة انتزعت من قلوبهم واستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر اللَّه العظيم، فأخذوا يتلذذون ويتفننون بقتل الطفولة وترويعها بقسوة ووحشية لم يسبق لها مثيل، فأطفال الإمام الحسين عليه السلام هم الذين أماطوا اللثام عن هذه البشاعة الكامنة في نفوس أعداء أهل البيت عليهم السلام التي لم تكن لتظهر لولا السهم الذي أصاب عبد اللَّه الرضيع ولولا أن القاسم انفلقت هامته، ولولا الذين سحقوا تحت حوافر الخيول. والذين حضروا كربلاء الواقعة، هم نوع نادر من الفتية الرساليين الذين أدهشوا العقول بتضحياتهم وأذهلوا العالم بكلماتهم، التي تنم عن عقيدة راسخة، حيث لم ترهبهم قعقعة السيوف، ولا ضجيج الفرسان والخيول. كما يعهد عن الصغار فتصح تسميتهم أشبال كربلاء.

* ما المراد بالطفل؟
لا بد من تحديد العمر الذي يصدق معه على الولد بأنه طفل، وبيان الحد للطفولة، فرأينا أن الحد الشرعي هو الأنسب فلا يدخل في عداد الأطفال ذكوراً أو إناثاً إلا من لم يبلغ الحلم من الذكور، ولم تبلغ التسع من الإناث، وإن كان هذا المفهوم لا يخلو من مسامحة باعتبار أننا نتحدث عن فاجعة تلهب القلوب. هل حضر الأطفال كربلاء فعلاً؟ من المؤكد وجود مجموعة ليست قليلة من الأطفال الذين يشار إليهم بمختلف التعبيرات عند المؤرخين. تارة العيال، أو الأطفال أو غلام أو صبي. عندما برز العباس إلى الميدان قال له الإمام الحسين عليه السلام: إذا كان ولا بد فاطلب لهؤلاء الأطفال شربة من الماء، فلما عرّج العباس على المخيم سمع الأطفال ينادون: العطش العطش. وهذا يدل على كثرتهم نوعاً ما .

* عدد الأطفال:
المشكلة الرئيسية التي تواجه هذا البحث ولك بحث يتناول رجالات كربلاء هي معرفة عددهم إذ لا سبيل إلى معرفة العدد الحقيقي لأصحاب الحسين عليه السلام(1) فضلاً عن الأطفال من استشهد منهم ومن بقي حياً. وذلك للأسباب التالية:

أولاً: إن الطريق الذي سلكه الإمام الحسين عليه السلام جمع له الكثير من الأنصار، ولما بلغه مقتل أخيه من الرضاعة عبد اللَّه بن يقطر... فأخرج للناس كتاباً فقرأه عليهم فتفرق الناس عنه تفرقاً. وفي نفس الموضع أُخبر بقتل قيس بن مسهر الصيداوي فتفرقوا عنه يميناً وشمالاً، بحسب عبارة الطبري(2). وإنما تبعه خلق كثير من الأعراب لظنهم أنه يأتي بلداً أطاعه أهله فكره عليه السلام أن يسيروا معه إلا على علم بما يقدمون عليه(3). إذن فقد بقي معه رجال الثورة الحقيقيون النادرون(4). والأطفال النادرون كذلك. وقد بالغ في وسيلة الدارين بقلة عدد الأطفال إلى أن قال بأن من قتل من الصبيان خمسة نفر من الذين لم يراهقوا الحلم(5). وأما الذين حملوا عيالهم معهم فقد عد منهم ثلاثة فقط وهم:

1 - جنادة بن الحارث السلماني.
2 - عبد اللَّه بن عمير الكلبي.
3 - مسلم بن عوسجة.

ولكن الواقع يشهد خلاف ذلك. من خلال أحداث المعركة وما استتبعها من مآسي أظهرت وجود عدد كبير من النساء والأطفال.

ثانياً: إن الروايات الواردة في المقام هي روايات شهود العيان ممن حضر الواقعة وهي غير مبنية على الاحصاء بل على الرؤية البصرية والتخمين.

ثالثاً: احتمال وجود أسماء لم تصل إلينا إما لعدم قيام الأطفال بعمل ملفت، والتركيز على من نال الشهادة منهم، أو الاقتصار على أطفال الهاشميين والانهماك بذكر البطولات فقط.

رابعاً: قد تعود قلة العدد إلى الاخفاء المتعمد من قبل الأعداء لبعض أسماء الأطفال للتقليل من أهمية الفاجعة، وعدم إثارة العواطف بالإكثار من حوادث قتل الأطفال.

ومع كل ذلك تجد أن الرواة يتحدثون عن وجود مجموعة كبيرة من النساء والأطفال، بقوا أحياء بعد المعركة، خصوصاً إذا بنينا على أن الذين بقوا لم تكن لديهم القدرة على القتال. وهناك مشكلة الأسماء والكنى، واحتمال اتحاد الاسم مع الكنية.

* توطئة
لقد تشرفت أرض كربلاء بوطء أقدام ثلاثة من الأئمة الأطهار في وقت واحد وهم:
1 - الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
2 - الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام.
3 - الإمام محمد بن علي بن الحسين عليه السلام.
وكان عمره الشريف حينذاك ثلاث سنوات أو أربع فقد روي عنه أنه قال: "قتل جدي الحسين عليه السلام ولي أربع سنوات وإني لأذكر مقتله وما نالنا في ذلك الوقت". وفي كتاب (الاتحاف بحب الاشراف)، جعل عمره ثلاث سنوات.الهدف من هذه التوطئة عدم أدراج اسم الإمام الباقر عليه السلام ضمن أشبال كربلاء، لاعتقادنا بأن الإمام في مختلف شؤونه لا يفرق بين سن الصبا أو سن الشباب والكهولة.

* أشبال الأنصار
1 - عمرو ابن جنادة الأنصاري، ولا شبل غيره تصدى للقتال في كربلاء لخلو المصادر التاريخية من ذكر غيره، ويبدو أنه من ورد ذكره تحت عنوان غلام قتل أبوه في الحملة الأولى(6).
أبوه: جنادة بن كعب الأنصاري الخزرجي من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام الخلص.
عمره: إحدى عشرة سنة، ويقال تسع سنين(7).

2 - الطالبيون‏
وفي مقدمتهم آل عقيل، الذين تفانوا في سبيل اللَّه وأسرعوا إلى ملاقاة الحتوف. لا خير في العيش بعد هؤلاء(8). وآل عقيل ندرجهم ضمن العناوين التالية:

1 - عاتكة بنت مسلم بن عقيل، وهي التي سحقت يوم الطف بعد شهادة الحسين عليه السلام لما هجم القوم على المخيم للسلب(9)، وكان لها من العمر سبع سنين.
2 - محمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام. وعمره على ما نقل اثنتا عشرة سنة أو ثلاثة عشر سنة وقد سلم عليه في زيارة الناحية(10). وعن أبي الفرح قتله أبو رهم الأزدي ولقيط بن إياس الجهني(11).
3 - 4 - محمد وإبراهيم إبنا مسلم بن عقيل فهما إما أسرا وسجنا عند عبيد اللَّه بن زياد وفرّا، أو هربا يوم عاشوراء فعثر عليهما رجل فظ غليظ قطع رأسيهما، وأتى بهما إلى ابن زياد، أو كانا مع مسلم بن عقيل ثم سجنا ثم أطلقا، ثم قتلا، لهما مشهد في العراق قرب المسيب ولكن ابن سعد نسبهما إلى عبد اللَّه بن جعفر.
5 - محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب عمره سبع سنين لما صرع الحسين عليه السلام وهجم القوم على الخيم للسلب.. خرج مذعوراً ملتفتاً يميناً وشمالاً، وسلَّم عليه في زيارة الناحية(12). روي أن الذي قتله هو هاني بن ثبيت الحضرمي.
6 - 7 - سعد وعقيل ابنا عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب، ماتا من شدة العطش ومن الدهشة والذعر وأمهما خديجة بنت علي بن أبي طالب(13).

* أولاد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام:
لقد أظهر أبناء الإمام الحسن عليه السلام يوم عاشوراء تضحية تدهش العقول، وصدرت منهم كلمات يتجلى فيها الوعي والرسالية. كما قال القاسم بن الحسن لعمه الحسين (ع) "الموت بين يديك أحلى من العسل". وهم مذكورون ضمن العناوين التالية.

1 - عبد اللَّه بن الحسن عليه السلام
رأى عمه الحسين، أخذ يشتد نحوه، ولما أهوى أبجر بن كعب بالسيف ليضرب الحسين قال له الغلام: "ويلك يا ابن الخبيثة أتقتل عمي"؟ فضربه اللعين بالسيف فاتقاها الغلام بيده فأطنهما إلى الجلدة، فإذا هي معلقة، فضمه الحسين إلى صدره. فرماه حرملة بن كاهل الأسدي فذبحه وهو في حجر عمه الحسين عليه السلام. وورد ذكره في زيارة الناحية. عمره: إحدى عشرة سنة.

2 - أحمد بن الحسن المجتبى عليه السلام
قتل مع الحسين عليه السلام وله من العمر ست سنين. استشهاد بنتين للإمام الحسن عليه السلام. في البحار أن أحمد بن الحسن المجتبى له أختان أم الحسن وأم الحسين سحقتا يوم الطف بعد شهادة الإمام الحسين.
أمهم: أم شبر بنت مسعود الخزرجي جاءت معهم حتى أتت كربلاء(14).

3 - أبو بكر بن الحسن عليه السلام
وجعله المقرم فيمن خرج إلى القتال. والمسعودي عده في أولاد الحسين (ع)(15).

4 - القاسم بن الحسن عليه السلام
 ورد ذكره في زيارة الناحية بتفصيل، ولد في المدينة سنة سبع وأربعين للهجرة فيكون عمره في واقعة الطف ثلاث عشر سنة، قتله عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي. وأجمع المؤرخون على كلمة: خرج إلينا غلام لم يبلغ الحلم وجهه كشقة قمر، طالع في رجليه نعلان وعليه قميص وإزار(16).

5 - عمرو وزيد ابنا الحسن عليه السلام
ذكرا فيمن سبي مع النساء وهم ثلاثة من ولد الحسن، الحسن المثنى وعمرو وزيد. الشيخ المفيد عده من أولاد الحسين عليه السلام وأن عمره أربع سنين.

* أولاد الإمام الحسين عليه السلام
1 - عبد اللَّه الرضيع أو علي الأصغر
لا شك في وجود طفل رضيع للحسين عليه السلام يوم عاشوراء طلبه الحسين ليودعه فرمي بسهم في نحره. لكن هل هو متعدد أم متحد ولا مانع من كونه متعدداً؟ يذكر المؤرخون حادثتين:

الأولى: أن الحسين أتى بطفل رضيع فجلس أمام مخيمه يقبله فجاءه سهم وهو في حجر أبيه.
الثانية: أن أخته زينب عليه السلام أتته بطفل رضيع وقالت: لقد جف اللبن من ثديي أمه منذ ثلاثة أيام فهو لم يشرب منذ ثلاث.

فخرج به نحو القوم وخاطبهم بأنه لم يبق عندي سوى هذا الطفل الرضيع، فاختلفوا فيما بينهم فالتفت ابن سعد إلى حرملة بن كاهل الأسدي، وقال اقطع نزاع القوم فرماه حرملة بسهم فذبحه من الوريد إلى الوريد، فكان الحسين عليه السلام يأخذ دمه ويرمي به نحو السماء ويقول: "اللهم لا يكون عليك أهون من فصيل ناقة صالح". وهذا الكلام يعني: اختلاف الأم، وشكل الحادثة والعمر وتعدد القاتل، وأحدهما ليس مذكوراً في زيارة الناحية، فحتى لو اتحد الاسم بات من المعلوم أنهما اثنان، أحدهما دفن والآخر جعله مع القتلى من أهل بيته. وأحدهما قتل في حجره عند الخيام والآخر خرج به إلى القوم. وأحدهما صب دمه في الأرض والآخر رمى به نحو السماء.

2 - عبد اللَّه الرضيع:
بهذا العنوان يكون المقصود منه من كانت أمه الرباب بنت امرى‏ء القيس، وهي أم سكينة. كذلك وله من العمر ستة أشهر كما نص على ذلك أبو مخنف، وفيه أن هذا الطفل مضى عليه ثلاثة أيام لم يشرب الماء، وهذا يدل على أنه ليس الذي ولد في يوم عاشوراء. ثم أن الشيخ المفيد عند ذكره للرضيع يقول: وصب دمه في الأرض صباً ووافقه على ذلك أبو مخنف قال: قال عقبة بن بشر الأسدي قال لي أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقر عليه السلام أن لنا فيكم يا بني أسد دماً، قال: فما ذنبي أنا رحمك اللَّه يا أبا جعفر وما ذلك؟ قال: "أتوا الحسين عليه السلام يوم عاشوراء بصبي فهو في حجره إذ رماه أحدكم، يا بني أسد بسهم فذبحه فتلقى الحسين دمه فلما ملأ كفه صبه في الأرض". النتيجة، هناك إثنان: عبد اللَّه الرضيع أمه الرباب، عمره ستة أشهر. عبد اللَّه الرضيع أمه أم إسحاق بنت طلحة ولد يوم عاشوراء. والذي ورد ذكره في زيارة الناحية هو الأول: السلام على عبد اللَّه بن الحسين الطفل الرضيع المرمي الصريع المتشحط دماً المصعد دمه في السماء، المذبوح بالسهم في حجر أبيه لعن اللَّه راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه.

3 - رقية بنت الحسين‏
وكانت للحسين عليه السلام طفلة صغيرة لها من العمر أربع سنين وكانت مع الأسرى في خربة الشام. رأت أباها في منامها وهي في خربة في الشام فجي‏ء لها برأس أبيها فماتت على رأس والدها. وقبرها في دمشق خلف المسجد الأموي.

4 - فاطمة الصغرى بنت الحسين‏
بحسب ما رواه الصدوق في الأمالي: قالت فاطمة بنت الحسين: "دخلت الفسطاط وأنا جارية صغيرة وفي رجلي خلخالان من ذهب فجعل رجل يفض الخلخالين وهو يبكي"(17).

* بلا عنوان‏
يظهر من المصادر التاريخية أن مجموعة من الشهداء الأشبال والأطفال لم تذكر أسماؤهم وإنما اكتفت بالإشارة إلى كونهم من أهل البيت أو من آل الحسين عليه السلام من جملتهم.

* طفلان:
في وسيلة الدارين عن معالي السبطين عن كتاب الإيقاد عن عقيل بن العربي: بأنه قد مات طفلان عشية اليوم العاشر من أهل البيت عليهم السلام من الدهشة والعطش.. وذلك لما ذهبت زينب لجمع العيال والأطفال وإذا بطفلين قد فقدا فذهبت في طلبهما فرأتهما معتنقين نائمين فلما حركتهما فإذا هما قد ماتا عطشاً. وسيلة الدارين: ص‏296.

* صبي:
وقد ورد ذكر صبي في ترجمة أبي بكر بن الحسن عن أبي مخنف واستظهرنا أن هذا الصبي متحد مع الطفل الذي ولد يوم عاشوراء. فحصيلة هذا المختصر وجود اثنين وعشرن عنواناً في دراسة أطفال كربلاء.


(1) أنصار الحسين: الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ص‏43.
(2) مقتل المقرم، ص‏212، عن الطبري، ج‏6، ص‏226.
(3) مقتل المقرم، ص‏216 عن الطبري، ج‏6، ص‏226.
(4) أنصار الحسين: الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ص‏40 41.
(5) وسيلة الدارين في أنصار الحسين، ص‏417.
(6) أنصار الحسين: الشيخ مهدي شمس الدين، ص‏101. مناقب ابن شهر أشوب، 4 104. مقتل الخوارزمي: 2 21. البحار: 45 28.
(7) وسيلة الدارين، ص‏74، رقم 109.
(8) مقتل المقرم، ص‏210.
(9) معالي السبطين.
(10) تنقيح المقال: 3 187، من أبواب الميم، رقم 11374.
(11) وسيلة الدارين، ص‏233.
(12) تنقيح المقال، 3 باب محمد، رقم 10252، ص‏60.
(13) معالي السبطين، 2 89.
(14) وسيلة الدارين في أنصار الحسين عليه السلام، ص‏297.
(15) تاريخ دمشق، ص‏226، التنبيه والإشراف، المسعودي، ط. مصر، ص‏263، مقاتل الطالبين ص‏93 96، تواريخ النبي وآله، التستري، ط. طهران.
(16) أبو مخنف، 89، الإرشاد، ص‏239 240، وسيلة الدارين، ص‏253، مقتل المقرم، ص‏230، تاريخ دمشق، ص‏228 229.
(17) أمالي الصدوق، ص‏99، مجلس 31، سر أعلام النبلاء: 2 202.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع