مولدك سر الخاتمية
بظهور سنائك ختم الوحي، فلا نبي بعدك.
وبمولدك الشريف أعلمت الخلائق بأسرار مبدأ الخليقة.
فكنت الأول والآخر
يا رسول الله
كذب العادلون بك وضلوا ضلالاً بعيداً
فلا هم فهموا ختم النبوة
ولا عرفوا أول ظهور
فتاهوا في غياهب ظلمات الإلحاد، وبعدوا عن معرفة أسرار الحضرات لو عرفوا بعض سرك في فتح الفتوح لأدركوا سر الخاتمية بك في اقتراب الساعة.
ولولاك لما خلق الله الأفلاك وما فيهن. لا لكرامة اعتبارية، فقد جل الله عن ذلك وتعالى علوا كبيراً، بل لأنك مفتاح فيض الأمر والخليقة، وباب معرفته في خفائك وظهورك.
فمن عرفك بالنورانية خرج عن الشك والارتياب، وأدرك سر وجوده في عالم الناسوت، وعرج بأنوارك في عوالم الملكوت. فكلما لاح له لائح من فيض كرامة وكمال، رآك في مرتبة من حقيقتك، فقد كنت ولا زلت أسوة للعالمين.
ها بعض قومك ظنوا أنك بختم الوحي قد قطعت حبل السماء، فأنكروا عروج الإنسانية وقرب الرحيم. وأماتوا القلوب وحرموها من فيض سيرك ونداك.
وبعض قومك لم يفقهوا من الوحي شيئاً، فعمدوا إلى رأيهم ليكملوه، كفراً منهم وجحوداً، وممالأة لسلطان، ليشتروا به ثمناً قليلاً.
يا رسول الله
ما أعظم شأنك في تقلّبك في الساجدين.
وما أعلى مقامك في فخرك على جميع الأنبياء بالفقر العظيم.
فقد كنت قلباً أمينا يقوى على حمل معرفة كبرى، سطعت بنورها على العالمين، وهيمنت على كل ما جاء في الغابرين.
ولولاك لكنا في لجج الدنيا وحطام الكفر، وغياهب ظلمات الوهم نرتع على أعتاب أصنام جاهلية أولى، ونعدو إلى جاهلية ثانية.
لأنك كذلك ختمت النبوة
وأعطيت الكوثر الفياض أبداً، حبلاً ممدوداً من السماء إلى الأرض.
توهموا كثيراً إذ ظنوا أن لا سفارة للإله من بعدك، وأضاعوا معنى الختم إذ لم يعرفوا من هو نفسك.
سيبقى من أنكرهم ضائعاً محتاراً، متخبطاً في ظلمات عشواء.
وسيبقى من جحدهم بعيداً عن رحمتك التي تجلت للعالمين
فسلام عليك يوم ولدت ويوم بعثت بشيراً ونذيراً بين يدي غفّار رحيم.
والسلام.