مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تحقيق: الإمام الخميني في عيون الشباب‏

إعداد: لنا العزير



ينتفض الشباب كما أعمارهم مع كل اضطهادٍ أو قمع، وتتعملق مشاعرهم الضارية لتحظى بسموٍ غابت عنه الماديات، فمنهم من يبحث عن مدىً يقذف بمشاعره إليه ومنهم من ارتضى أن يقبع في الصمت والاستسلام الحاقد، وفي كلتا الحالتين لا بد لهؤلاء من تخيّر قدوةٍ ينبهر بها وجدانهم. ولكن الآن وبغير عادة، لن نتحدّث عمّن اتخذ الوجه السلبي للحياة بل سنلجأ إلى إيجابيات الشباب علّها تكون بذرة نهضة تغوص في النفوس العاجزة لتزهرها إقداماً وجهاداً.

بين صفحات هذه الأيام وبالتمحيص عن قدوة تتعاظم في أعين الشباب نجدنا لاجئين إلى ماضٍ أبى الشباب التخلّي عنه رافضاً اعتباره من الزمن الغابر بل "هو قلب الواقع وعين المستقبل"، إنه الإمام الخميني الذي لا زال بعد ست عشرة سنة من رحيله حاضراً في قلوب معظم الشباب في العالم الإسلامي وغيرهم ممن لم يحظوا "بشرف معاصرة الإمام الجسد فلم يكونوا من جيل الثورة" حسبما يعبّر أحدهم؛ ولكنهم شاهدوا الإمام الثائر، الإمام القائد، ذاك "الإمام الشاب في ثوب الشيخوخة". هنا وبعد أن وجهنا الشباب إلى هذه القدوة العظيمة ، نجدنا نسألهم: ومن هو هذا العظيم في أعينكم؟ وكيف عساها تتجلى مظاهر عظمته في أنفسكم؟ حار الكثير في الإجابة عن هذا السؤال ولكن الرد العفوي "كان يحضُر فيدخل برهبته مع عطفه إلى القلب". وسيرد معنا كيف عبّر بعض الشباب من مجتمعنا اللبناني كذاك المجتمع الإيراني الذي قَرُبت مسافات اطلاعه على ملامح هذه الشخصية علنا نستقرئ منهم ما يقرع أبواب ربيع النفوس لمعرفة وخطوة جديدتين.

* التقوى والجهاد
اختارت أن تروينا طالبة إدارة الأعمال ملاك أنها ومنذ الصغر كانت ترى صورة الإمام الخميني على أنها رادعٌ عن كل شر فلم تكن تجرؤ على القيام بأي خطأ أمام صورة الإمام الخميني والتي كانت معلقة في منزلهم، وهذا الشعور تشكّل في الكبر هيبة ورهبة "وقدوة تسير بها نحو السلام النفسي. فالورقة البيضاء التي طلب الإمام الخميني رميها من النافذة لكل من أراد تغيير حكم الشاه، إنما تعبّر عن ذكاء وسلام وتصميم يرافقه نحو نهايةٍ تحمل الأمان لكل من أراد الحرية"، وهنا تتساءل أن "كيف يقف عاقلٌ دون أن يرى في حياة هذا الكبير قمة يطمح للوصول إليها بكلّ ما تشكله من قيادةٍ وخشية في الله التي لولاها لما أضحى الشباب في العالم الإسلامي يشكل رادعاً لأي اعتداءٍ غاشم يهدّد شرعيتهم الوجودية"؟ أما الموقف الذي تذكره الطالبة راغدة من أن الإمام لم تُسجَّل له غفوةٌ عن واجبٍ قط في سيرته، ما عدا ذاك الوقت الذي قضاه الإمام الخميني نائماً أثناء اعتقاله ونفيه في الطائرة إلى باريس، تلك اللحظات التي تكاد تكون الأقسى على الإنسان بينما حياته محاطةٌ بالخطر، فقد كان الإمام في سباتٍ عميق لم يشُبه توتر، فحتى القلق لم يعرف طريقاً إلى قلب الإمام، وإن دلّ ذلك على شي‏ء إنما يدلّ على مدى ثبات رؤيته وعدم التذبذب الذي قد يصيب ضعاف النفوس، خاصةً أن موقفه كان عنواناً لشهادةٍ برصاصة على يد الغدر في أية لحظة، هذا ما جعل موقفنا الآن يعتمد بكل تفاصيله على الدين الحنيف مستنداً لمعنى التقوى المشبعة بروح الجهاد".

* في عينيه معنى السعادة
"لو أنصفت الدنيا امرءاً لحقّت للإمام سمة السلام الذي يُنشر أنّى تواجد، فمن الصلاة إلى محراب الجهاد كان أصدق طالبٍ في عصره للسلام الإنساني ليعود بالإنسان إلى فطرته التي لا تشوبها موبقات الغرائز ودسائس مثيري الخلافات"، هكذا عبّرت ربى الطالبة الثانوية والتي حارت عيناها تبحث عن عبارةٍ ترتقي بها إلى سمو الإمام لكنها اكتفت بالقول أنه "علّمنا الصبر والعيش في طاعة الله في كلّ لحظات حياتنا ورأينا في تلألؤ عينيه معنى السعادة التي يعيشها المرء متفانياً في الله". وعند سؤالهن عن الميزة التي يرينها كفتيات بقرب الإمام الخميني، كان جوابهن ليختصر مسيرة عقود من نضال المرأة لتحسين دورها ومستواها "المرأة تزداد سمواً كلما ازدادت قرباً من هذا العظيم في فكره" في حين أن المرأة كانت تقبع في شعاعٍ يُستمدّ من منارات الرجال تتلمّس منه مكانة تكون عنواناً لمسيرتها التحررية على الطريقة الغربية المستشرقة بملامحها.

* قدوة لكل شاب‏
"أما الثورة والكرامة فما كانت لتجد طريقها بعيداً عن مرتكز القوة والعنفوان والنهضة بكل مظاهرها والتي استطاع الإمام أن يزلزل بها مراكز الاستكبار العالمية التي باتت تتوغل في الأديان استعباداً وفي السياسة جهلاً وتبعية" هذا كان رأي حسين الذي رأى أن الدين استرجع حقيقته العقائدية ورؤيته الفكرية فلم تكن ثورة الإمام الخميني ضد ظلم الشاه فقط بل ضد كل جهل وفساد قد يغزو الدين والأمة في جزئيات مجتمعنا لينأى بنا عن هدفنا الحقيقي وهو الأخذ بأسباب الحياة لتسمو إلى السماء بما تشكله من عفة وكمالٍ مطلق. ولو تطرّقنا إلى المشكلة الأساس في حياة الشباب اليوم والتي يعتبرها أحمد شوقي مفسدة للمرء، ألا وهي الفراغ، فيرى "جاد" كشاب يدرس ويعمل، في ظل الظروف الحالية للشباب، "أن الإمام شكّل مدرسةً لبرمجة الحياة بحيث ينعم المرء فيها دون كساد الوقت وضياع الفرص، فقد كان لكلّ شي‏ء في حياة الإمام الخميني وقته وبرنامجه فلم يكن يتهاون بأي واجب صغُر قدره أم كبُر فمن القراءة إلى الرياضة، ومن الكتابة إلى القيلولة، وهكذا لكلّ مقامٍ مقال". "ولطالما غرّت الدنيا الكثيرين لا سيما من كان في مكانة الإمام الخميني الذي حقّق ما حقّقه من نصر إذ رهنت الأمة وجودها لتوجيهاته، كلّ هذا لم يغيّر فيه على صعيد ملذات الدنيا إلا بُعداً وهجراناً" ويتابع علي ابن الـ16 عاماً "أنه ينبعث الغرور في نفوس الكثيرين ومنهم نحن الشباب الذين قد يتحولون لاستجداء الدنيا ملذّاتها مرضاةً لنهضة الغرائز فيهم، لكنّ الإمام علّمنا أن سعادة الدنيا إنما بمرضاة الله إذ نجد في صفحات عزّه أنه اكتفى بشظف العيش الذي قد يستحيل على البعض من الأناس العاديين تحمّله، أجل معه فهمنا أن السياسة عين ديننا وليست صهوة دنيانا. فذاك المنزل المتواضع غدا مزاراً لكلّ محبّ وطالب علمٍ وأخلاق".

* علّمنا معنى الحرية
"ولكن يبقى الإمام الخميني بالنسبة للشباب الإيراني اليوم هو الحافظ الأول للأمة والذي حرّرها من براثن من أرادوا بها التخلّف والضلال عن سبيل التطوّر الإنساني الحقيقي، مرسياً فيها انتماءها إلى الإسلام كعنوان أول للإنسانية والتكامل". هذا ما عبر عنه الشاب الإيراني الجنسية محمد مؤكداً أنه كشاب يرى أن الإمام "غرس فيه مفهوماً أساسياً وهو الثقة بالله عز وجل كمنطلق ورفض الانصياع لرغبات الظالمين" وأضاف "بأن الأمة الإسلامية قادرة بإرادتها الشابة النابضة بالعزم أن تصنع الممكن من استحالة الأقدار، ومع الإمام تعلمنا معنى وقيمة الحرية والاستقلال". هذا وقد يبقى الكثير مما يستقرئه آخرون من شباب هذه الأمة التي لا يخفى على عاقل ما استرده الإمام لها من أصالة الفكر المتحرّر من زيف التبعية وشرذمة التقطيع، ولكن تقف بنا الكلمات أمام قارئ ليس بجاهلٍ لهذا القدر الذي عجزت الأقلام عن احتواء بصماته على وجنات الزمن الباهر، علّ التذكرة البسيطة هذه تفتّت صدأ قيود تثبتنا في القعر وتمنعنا من رشفة لذة الوجود. ليبقى شوقنا تعملقاً إلى رفعة هذا العظيم الذي لا يختصر هالته كتابٌ حوّل فيه الصلاة من فريضةٍ إلى رحلة في عوالم الذات، أو وصايا تلخّص الآداب العائلية والاجتماعية بل العلاقات الإنسانية جمعاء، حتى الثورة لا يمكن لها أن تختصر الإمام لأن كل ذلك لا يُشكّل سوى غيضٍ من فيض مكنوناته التي ارتفعت معه إلى الرفيق الأعلى تاركةٍ لنا عبارةً نواسي بها فجيعتنا بفقد مثله، قُدّس سرّه، ويا لعظيم سرٍّ كان يرافقه ساعات طوالٍ من ليالي العبادة راكعاً ساجداً زائراً، فسلام ُ على إمام جاهد فنُصر وغاب فحضر.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع