مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مشاركات القراء: الإمام الخميني قدس سره القدوة بأفعاله‏

مهدي الطقش‏

 



وإن غبت أيها النور المرشد، وإن توقفت شفتاك عن الكلام، وإن سكنت تلك الجوارح الخاشعة للَّه... فلا زالت سيرتك المضيئة تبعث قطرات الهداية. أيها الشامخ في تلاطم الظروف الصعبة... إننا إذ نرتشف شيئاً من تلك الذكريات الخاصة بحضرتك، إنما نلتمس القدوة والأسوة، في زمن قل النظير لأمثالكم... وها نحن نذكر بعضاً من ذكراك في هذه الأسطر... كمشعل نمسكه بأيدي الطاعة والولاء، ونسير بلا خوف في ظلمات أيامنا: الإمام قدس سره والتعامل مع الإسراف:

ماء الاستعمال: كان الإمام قدس سره شديد الحساسية تجاه الإسراف، فمثلاً إذا كانت حنفية الماء تقطر، دق الجرس القريب منه واستدعى المعني لإصلاحها فوراً لكي لا يذهب الماء هدراً، فلم يكن يحتمل مثل هذا. ولقد اعترض على أحدهم حين رآه يغسل الصحون في المطبخ وكانت حنفية الماء مفتوحة، فذكره الإمام قدس سره بضرورة الانتباه للإسراف.

ماء الوضوء: نقل عن الإمام قدس سره أنه حين كان في باريس، كان يغلق حنفية الماء مراراً عند الوضوء، لقد كان يفتحها ويأخذ منها حاجته من الماء ثم يغلقها ليفتحها عند الاحتياج لمقدار آخر.

ماء الشرب: كان الإمام قدس سره يضع ورقة على كأس الماء بعد أن يشرب منه في الصباح، ويرفض هدر المتبقي منه، بل يحفظه ليشربه لاحقاً دون أن يهتم لذهاب برودته.

ماء البئر: لقد قال الإمام قدس سره يوماً لأحدهم وهو يسقي أشجار الحديقة، عندما سأله عن الماء الذي يسقي به وعرف أنه ماء البئر وليس من ماء الشرب قال: "حتى ماء البئر هو للجميع، لذا ينبغي أن نقلل الاستفادة منه إلى حد الضرورة".

جهاز التلفاز: عندما كان يخرج الإمام قدس سره من الغرفة ولو لدقيقة واحدة أو دقيقتين، كان يطفئ جهاز التلفاز، ثم يشغله عندما يعود، وذلك تجنباً للإسراف.

المنديل الورقي: كان الإمام قدس سره يشدد الوصايا بعدم الإسراف، فيقول مثلاً: "لا ترموا المنديل الورقي إذا كان بالإمكان الاستفادة منه مرتين".

ظروف الرسائل: كان رضوان اللَّه عليه يستفيد بأقصى ما يمكن من كل شي‏ء كالقلم، فكان يعمل بوصية الإمام علي عليه السلام: "أدقوا أقلامكم وقاربوا بين سطوركم واحذفوا عني فضولكم واقصدوا قصد المعاني وإياكم والإكثار فإن أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار"(1)، ولقد كان سماحته يستفيد من أوراق وظروف الرسائل التي تصله، لأن قسماً كبيراً منها يبقى خالياً، والظروف لا يكتب عليها عادة سوى العنوان أو الاسم، فكان رضوان اللَّه عليه يجمعها ويكتب عليها ملاحظات مباحثه العلمية وهي لا تزال محفوظة عند بعض السادة حتى الآن.

مصباح الإنارة: كان الإمام أعلى اللَّه مقامه ملتزماً بصلاة الجماعة، فكان يصلي الظهرين والعشاءين جماعة في مدرسة الفيضية، فوصل يوماً قبل وقت الصلاة وجلس في إحدى غرف المدرسة، فخرج أحد الطلبة من غرفته للجلوس عنده وترك مصباح غرفته مضاءً، فاعترض الإمام قدس سره وقال: "لم تركتم المصباح مضاءً؟"، فأجابه أحد الحاضرين: "يقولون أنه لا إسراف في الضياء"، فقال سماحة الإمام: "إنهم يقولون باطلاً!". وما يشد الانتباه، ما يرويه أحدهم في سيرة الإمام: "عندما كان الإمام قدس سره في النجف الأشرف، وفي إحدى الليالي، حيث رجع الإمام من صلاة الجماعة ودخل إلى القسم الداخلي من بيته، وكان قد طلب استقبال من يأتي إليه في قسم الاستقبال، وبينما كنت في القسم الأخير، جاء شخص كان له عمل مع الإمام، فذهبت إلى القسم الداخلي من البيت لإخبار الإمام فوجدت غرفته مظلمة، فأردت الرجوع إلى القسم الخارجي، فناداني الإمام وسألني: هل لكم حاجة؟ فأجبته: أجل ولكني رأيت مصباح الغرفة مطفأً فظننت أنكم نائمون، فقال: لا، لكنني أطفأت المصباح لأنني لم أكن منشغلاً بعمل يحتاج إليه". لا يسعنا أمام هذه العظمة والدقة، والشدة في الانتباه للأموال العامة، والالتزام التام بأقوال المعصومين سلام اللَّه عليهم إلا أن ننحني إجلالاً لهذا الرجل المحمدي الأصيل، ملتزمين بإرشاداته وأوامره، مستضيئين بنور نصائحه وآثاره، نلاحظها، نتدبر فيها، ونعمل...

 


 مراجعة: رجائي، غلام علي: قبسات من سيرة الإمام الخميني قدس سره، الحياة الشخصية، ترجمة لجنة الهدى، تعريب موسى صفوان، ط1، الدار الإسلامية، بيروت، 2002م - 1423هـ.
(1) المجلسي، محمد باقر: بحار الأنوار، ط2، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1403هـ - 1982م، ج‏41، ص‏105.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع