ايفا علوية ناصر الدين
زفافهما لم يكن "أسطورياً" بمعنى الكلمة التي يُراد منها التعبير عن غلاء مهر العروس، وجهازها الفاخر، وثوب الزفاف النادر المرصّع بحبيبات الألماس، والهدايا المخصصة لها من المجوهرات والممتلكات، أو التفاخر بمدى الفخامة التي يتميز بها أثاثهما، أو التباهي بالترف والبذخ في مراسم الاحتفال، وبهوية المدعوين، والولائم العامرة، ومواكب العرس الحاشدة، إلى ما هنالك من مراسم وتشريفات. زفافهما لم يكن عادياً أيضاً، بل طبيعياً وفي غاية البساطة وهنا مكمن الاستثنائية والامتياز، وكلما قَرأتُ عنه أطلقْتُ العنان لمخيِّلتي لرسم الصور وتمثيل المشاهد التي تُحفَر في ذاكرتي:
سُئِلَتْ: هل ترضين به زوجاً؟ فكان سكوتها رضاها. سُئِل: هل معكَ شيء أزوِّجك به؟ قال: سيفي ودرعي وناضحي، وما أملك شيئاً غير ذلك. وهكذا فقد كان ثمن الدرع مهر العروس الذي منه ابتيع جهازها: قميص وخمار وعباءة، سرير وفِراشان، أربعة مرافق، ستر، حصير، رحى اليد، مِخْضَبْ، سِقاء، قصب للَّبن، شنّ للماء، مِطهرة، جرَّة وكيزان خزف. أما طِيبها فكان بقارورة فيها عنبر من أجنحة جبرائيل عليه السلام.
في وليمة العرس أكل القوم على كثرتهم وقلَّة الطعام ولم ينقص منه شيء للبركة التي حلَّت به. وفي موكب العرس مشت الملائكة، جبرائيل عن يمينها وميكائيل عن يسارها وخلفها سبعون ألف ملك يسبِّحون اللَّه ويقدّسونه وقد نَثرت عليها أشجار الجنة من حِليِّها ودُرِّها وياقوتها واستبرقها... بعيداً عن الأسطورية زُفَّت سيدة الإسلام فاطمة عليها السلام إلى فتى الإسلام علي عليه السلام زفافاً يليق بكنوزهما الخفية فكانا أجمل عروسين.