إعداد: علي كريم
الاسم: تحسين يوسف زين الدين
اسم الأم: خديجة زين الدين
محل وتاريخ الولادة: بيروت عام 1970
الوضع العائلي: متأهل وله ثلاثة أولاد
تاريخ الإصابة: 1/5/1988
نوع الإصابة: فقدان البصر
تختصر حكايته مسافات الزمن، تحاكي الروح، ولتسكن القلب، وتضيء مشعل النور في عتمات الليل بل في وضح النهار، لتبصر حقيقة الوجود بنور اليقين ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وتسلك الدرب بإرادة العزم الإلهي، وما عاقها الجرح حتى ولو بفقد البصر، فبصيرة الفؤاد النافذة تدرك أمر اللَّه في خلقه ولسان حالها: "قد عجلت إليك ربي لترضى".
* عبق الجهاد والتضحية
هي تلك بصيرة الجريح تحسين زين الدين الذي وهب للَّه عينيه، فكانتا قرباناً لرضاه جلّ وعلا فوهبه الباري نور اليقين في قلبه والبصيرة في دينه والإخلاص في عمله... التحق تحسين زين الدين بالعمل المقاوم عام 1986 وقد سبقت مشاركاته الأولى بلوغه الحلم إذ شارك في أعمال التدشيم وتعبئة أكياس الرمل على محاور خلدة وهو في الثالثة عشر من عمره... لم تطل كثيراً إطلالته الميدانية في العمل، إذ اجتباه اللَّه في شهره وفي ليلته ليكون في عداد الشهداء الأحياء، فبعد إحياء ليلة القدر الكبرى المفعمة بالتهجد والدعاء والذكر في أقرب البقاع إلى العشق الإلهي، كان على أبي ملاك وثلة من الأخوة المجاهدين مهاجمة أحد المواقع عند فجر تلك الليلة، فبعد تناول السحور، كان التوغل في إحدى المناطق الكثيفة حتى وصلوا إلى الموقع إذ تم تطهيره جزئياً وعند الاقتحام من الداخل أُصيب أبو ملاك وسقط الجسد أرضاً ولكن لم تسقط الروح المعبأة بعبق الجهاد وحلاوة التضحية بل ازدادت عزماً وقوة وإرادة على مواصلة الدرب. منذ تلك اللحظات، فقد أبو ملاك بصره، ولكنه لم يفقد شيئاً من عزيمته وروحه الجهادية وإيمانه ورضاه بعطاء اللَّه جلّ وعلا شأنه... والدة الجريح تروي أنها رأت في عالم الرؤيا شخصاً يحدثها عن تحسين في تلك الليلة ولكنها لم تدرك حقيقة الأمر حينها، وكان أول ما جال في خاطر تحسين عند إصابته هي والدته وماذا ستفعل عند رؤيته، وكأنه وصال غيبي بين الأم وابنها، لتشعر بعدها الأم بأن كل الجرحى هم أبناؤها وما قدمته سوى اليسير...
* مواكبة الحياة ببصيرة نورانية:
واكب تحسين بعد ذلك المسيرة ببصيرته القوية وأتى الانتصار عام 2000 في شهر أيار الذي كانت فيه إصابته قبل اثني عشر عاماً، لم يهن فيها تحسين يوماً ولم يضعف، بل أكمل الجهاد بتقديمه المصداق الأوفى والأسمى في حياته ومع عائلته... لقد تزوج تحسين بعد عام ونصف من إصابته من فتاة أيقنت أن حضورها معه هو أقل الجهاد، بل أنه شرف إلهي ووسام لا تضاهيه أوسمة الدنيا كلها، فكان زواجها منه بمثابة الطريق الأقرب لحمل السلاح والجهاد في سبيل اللَّه.. لقد استطاع تحسين ببصيرته النورانية أن يكون مثالاً في حسن المعاملة ودافعاً ومسانداً لزوجته فهي الزوجة والأم والطالبة الجامعية والعاملة فقد أخذ على عاتقه رعاية الأولاد وتخفيف أعبائهم عليها، فكان ذلك بركة إلهية عظيمة لها. حتى مع آخر أبنائه مصطفى الذي خشيت الأم من التوفيق بين رعايته وعملها، كان أباه الأب والأم والكفيل بكل متطلباته حتى إذا ما كبر الولد قليلاً أصبح رفيق دربه اليومي بالإتيان بابنتيه ملاك وصفا من المدرسة... تلكما الابنتان اللتان تفخرا بوالدهما حتى أحبَّا زيارته لهما في المدرسة لتعريف الجميع بأنه مجاهد وجريح. لم يكن فقدان بصره يوماً عائقاً في التنقل داخل البيت أو التمييز بين ابنتيه، لقد حباه اللَّه برعايته، فأنار له بصيرته، حتى وهو مع طفله الرضيع بمفرديهما في المنزل ومحيطه. فبعد أن استقر في قرية صفد البطيخ الجنوبية إبَّان عدوان نيسان، بات يعشق الأرض والزرع أكثر، فتراه يترافق مع زوجته وأولاده إلى الحقل إلى صفاء الروح وراحة الجسد. عجيب ذلك الشموخ الذي ما انفك يوماً عن المجاهدة والتقرب واستحضار وجود الباري في كل السكنات والحركات، إنه عز أرسله ذلك الجرح الساكن في عينيه، فالجهاد لم يتوقف هنا، بل الميدان ألوان الجهاد فيه لا تعد ولا تُحصى... فهنيئاً له ذلك الجرح، ومباركة لنا جراحاته ؟