مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

نور روح اللَّه‏: شكر المنعم واجب فطري‏


إن احترام المنعم وتعظيمه، هو من الأمور الفطرية التي جبل الإنسان عليها، والتي تحكم الفطرة بضرورتها. وإذا تأمل أي شخص في كتاب ذاته، لوجد مسطوراً فيه: أنه يجب تعظيم من أنعم نعمةً على الإنسان. وواضح أنه كلما كانت النعمة أكبر وكان المنعم أقل غرضاً، كان تعظيمه أوجب وأكثر، حسب ما تحكم به الفطرة. فهناك مثلاً فرق واضح في الاحترام والتقدير بين شخص يعطيك "حصاناً" تلاحقه عيناه ويرمي من ورائه شيئاً، وبين الذي يهبك مزرعة كاملة ولا يمنّ عليك. أو مثلاً، إذا أنقذك طبيب من العمى، فستقدره وتحترمه بصورة فطرية، وإذا أنقذك من الموت كان تقديرك واحترامك له أكثر.

*نِعَمٌ لا تُحصى:
لاحظ الآن، أن النعم الظاهرة والباطنة التي تفضَّلَ بها علينا مالك الملوك جلَّ شأنه، لو اجتمع الجن والإنس لكي يعطونا واحدة منها لما استطاعوا. وهذه حقيقة نحن غافلون عنها، فمثلاً هذا الهواء الذي ننتفع به ليلاً ونهاراً، وحياتنا وحياة جميع الموجودات مرهونة به، بحيث لو فُقد مدة ربع ساعة لما بقي هناك حيوان على قيد الحياة، هذا الهواء كم هو نعمة عظيمة، يعجز الجن والإنس جميعاً عن منحنا مثيلاً لها، لو أرادوا أن يمنحونا ذلك. وعلى هذا فَقِسْ وتذكر قليلاً النعم الإلهية كافة، مثل سلامة البدن، والقوى الظاهرية من قبيل البصر والسمع والتذوق واللمس، والقوى الباطنية مثل التخيل والواهمة والعقل وغير ذلك، حيث يكون لكل واحدة من هذه النعم منافع خاصة لا حدَّ لها. وجميع هذه النعم وهبنا إياها مالك الملوك، دون أن نطلب منه أن يمنَّ علينا. ولم يكتف بهذه النعم، بل أرسل الأنبياء والرسل والكتب، وأوضح لنا طريق السعادة والشقاء والجنة والنار، ووهبنا كلّ ما نحتاجه في الدنيا والآخرة، دون أن يكون فقيراً ومحتاجاً إلى طاعتنا وعبادتنا. فهو سبحانه لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية، وطاعتنا ومعصيتنا بالنسبة له على حد سواء، بل من أجل خيرنا ومنفعتنا نحن يأمر وينهى. وبعد تذكر هذه النعم والكثير من النعم الأخرى التي يعجز حقاً جميع البشر عن إحصاء الكليات منها، فكيف بعدّها واحدةً واحدةً؟ بعد ذلك يُطرح السؤال التالي: ألا تحكم فطرتك بوجوب تعظيم منعم كهذا؟ وما هو حكم العقل تجاه خيانة ولي نعمة كهذا؟!

في حضرة ملك الملوك:
ومن الأمور الأخرى التي تقرّها الفطرة، احترام الشخص الكبير العظيم. ويرجع كل هذا الاحترام والتقدير الذي يبديه الناس تجاه أهل الدنيا والجاه والثروة والسلاطين والأعيان، يرجع إلى أنهم يرون أولئك كباراً وعظماء، وأيّ عظمة تصل إلى مستوى عظمة مالك الملوك، الذي خلق هذه الدنيا الحقيرة الوضيعة، والتي تعتبر من أصغر العوالم وأضيق النشآت؟ رغم كل ذلك، لم يتوصل عقل أي موجود إلى إدراك كنهها وسرّها حتى الآن، بل ولم يطلع كبار المكتشفين في العالم بعد، على أسرار منظومتنا الشمسية هذه ، وهي أصغر المنظومات ولا تعد شيئاً، قياساً بباقي الشموس. أفلا يجب احترام وتعظيم هذا العظيم الذي خلق هذه العوالم وآلاف الآلاف من العوالم الغيبية بإيماءة؟! ويجب أيضاً بالفطرة، احترام من يكون حاضراً، ولهذا ترى أن الإنسان إذا تحدث لا سمح اللَّه عن شخص بسوء، في غيبته، ثم حضر في أثناء الحديث ذلك الشخص، اختار المتحدث حسب فطرته الصمت، وأبدى له الاحترام. ومن المعلوم أن اللَّه تبارك وتعالى حاضر في كل مكان، وتحت إشرافه تعالى تدار جميع ممالك الوجود، بل إن كلّ نفس تكون في حضرة الربوبية، وكلّ عالم يوجد ضمن محضره سبحانه وتعالى. فتذكري يا نفسي الخبيثة أي ظلم فظيع، وأي ذنب عظيم تقترفين إذا عصيت مثل هذا العظيم في حضرته المقدسة وبواسطة القوى التي هي نعمه الممنوحة لك. ألا ينبغي أن تذوبي من الخجل وتغوري في الأرض لو كان لديك ذرة من الحياء؟ إذاً: فيا أيها العزيز؛ كن ذاكراً لعظمة ربك، وتذكَّرْ نعمه وألطافه، وتذكر أنك في حضرته وهو شاهد عليك فدع التمرد عليه، وفي هذه المعركة الكبرى تغلب على جنود الشيطان، واجعل من مملكتك مملكة رحمانية وحقانية.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع