الشيخ إسماعيل حريري
التيمّم ذلك التكليف الاستثنائي في ظروف استثنائية، ولندرة موارده نحتاج أن نعرفها قبل مورد الابتلاء بها والحاجة إليها. وقد عرض العدد السابق مسوّغات التيمّم، وما يصحّ التيمّم به، وسوف نتناول في هذا المقال شروطه وبعض الأحكام المرتبطة به.
•شروط التيمّم
مسألة (1): يشترط فيما يتيمّم به أن يكون طاهراً ومباحاً، فلا يصحّ التيمّم بالمتنجّس والمغصوب.
(من يتيمّم بالمغصوب جهلاً بالغصبيّة أو ناسياً لها صحّ تيمّمه).
مسألة (2): يشترط في أعضاء التيمّم أن لا يكون عليها حاجب، ففي مثل الخاتم في الإصبع يجب نزعه حال التيمّم، وكذلك لو كان هناك حاجب على الجبهة مثلاً فيجب إزالته.
(لا يشترط طهارة أعضاء التيمّم وإن كان هو الأحوط استحباباً).
مسألة (3): يشترط في مسح الجبهة واليدين أن يكون من الأعلى إلى الأسفل، ففي الجبهة يبدأ من منبت شعر الرأس إلى طرف الأنف الأعلى والحاجبين. وفي اليدين يبدأ من الزند وهو مفصل الكفّ والذراع إلى أطراف الأصابع.
مسألة (4): يجب مراعاة الترتيب في أفعال التيمّم كما تقدَّم ذكرها في الكيفيّة على الشكل الآتي:
1- ضرب باطن الكفّين على الأرض بعد النيّة.
2- مسح الجبهة والجبينين.
3- مسح ظهر الكفّ اليمنى بباطن الكفّ اليسرى، ثمّ مسح ظهر الكفّ اليسرى بباطن الكفّ اليمنى.
فلو خالف الترتيب المذكور بطل تيمّمه.
مسألة (5): يجب الإتيان بأفعال التيمّم تباعاً، واحداً بعد الآخر، وهو المسمّى بالموالاة، فلو فصل بينها بنحو لا يصدق معه أنّه يتيمّم بطل تيمّمه. والمقصود بذلك: الفصل الطويل عرفاً بين أفعال التيمّم بنحو لا يصدق عنوان الفعل الواحد، وهو التيمّم.
مسألة (6): مباشرة المكلّف أفعال التيمّم بنفسه ولا يستعين بأحد عليها، فلو لم يتمكّن من مباشرة التيمّم بنفسه لمرض أو شلل ونحوهما استناب غيره في هذه الأفعال.
مسألة (7): إذا استناب المكلّف في التيمّم، فيجب على النائب أن يأخذ يدَي المنوب عنه وييمّمه بهما، فإن لم يمكن، ضرب النائب بيدَيه هو على الأرض ومسح بهما جبهة الشخص العاجز ويدَيه.
•بعض أحكام التيمّم
مسألة (1): لو فقد ما يصحّ التيمّم عليه ممّا يسمّى أرضاً، فتكليفه التدرّج على الشكل الآتي:
1- إذا كان على ثوبه ولباسه أو فراشه ونحو ذلك غبارٌ، فإنّه يتيمّم بهذا الغبار بعد جمعه إن أمكن، وإلّا ضرب على ما عليه الغبار.
2- إن تعذّر الغبار تيمّم بالوحل المجفّف مع الإمكان.
3- مع تعذّر تجفيف الوحل تيمّم به، ولا يجب إزالته عن يديه، لكن ينبغي أن يفركه كنفض التراب.
مسألة (2): لا يصحّ على الأحوط لمن وظيفته التيمّم أن يتيمّم للصلاة قبل دخول وقتها. نعم، لو كان متيمّماً قبل دخول وقت الصلاة لعملٍ واجب مثلاً وبقي عذره إلى وقت الصلاة، جاز له الصلاة بالتيمّم المذكور.
مسألة (3): إذا علم المعذور أنّ عذره المجوّز للتيمّم سوف يرتفع إلى آخر وقت الصلاة، فيجب عليه الانتظار إلى آخر الوقت ولا يصحّ منه التيمّم والصلاة في أوّل الوقت.
مسألة (4): المتيمّم بدلاً عن الغسل إذا أحدث بالأصغر كخروج البول مثلاً، ولم يرتفع عذره المجوّز للتيمّم، فالأحوط وجوباً له أن يتيمّم بدلاً عن الغسل ثمّ يتوضّأ للصلاة، ولو كان معذوراً من الوضوء أيضاً، فعليه التيمّم أيضاً بدلاً عنه.
مسألة (5): المتيمّم لعذر، إذا ارتفع عذره بطل تيمّمه، لكن لا يعيد ما صلّاه بتيمّمه الصحيح بعد ارتفاع العذر، من غير فرق بين الوقت وخارجه.
مسألة (6): كلّ ما يبطل الوضوء يبطل التيمّم البديل عنه أيضاً، وكلّ ما يبطل الغسل يبطل التيمّم البديل عنه كذلك.
مسألة (7): الآثار الشرعيّة كلّها المترتّبة على الغسل كغسل الجنابة، من دخول المسجد، والصلاة، ومسّ كتابة القرآن ونحو ذلك، تترتّب أيضاً على التيمّم البديل عنه، إلّا إذا كان التيمّم بدلاً عن الغسل بسبب ضيق الوقت، فإنّه مبيح للصلاة التي ضاق وقتها فقط.
وتقبّل الله أعمالكم.