مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

قراءة في الخطاب الثوري للإمام الخميني قبل الانتصار‏


الشيخ موسى خشاب‏


لم يكن الشاه رجلاً عادياً بنظر الناس، بل كان محترماً ومهاباً من قبل الكثيرين. وكان الحديث عن الهتاف بموته فضلاً عن إسقاطه يعتبر من الأمور الخيالية. ولكن الوقوع دليل الإمكان، فقد سقط الشاه فعلاً، سقط ما كان يسمى بظل الله على الأرض، سقط ملك الملوك وذهب إلى مزابل التاريخ. وقد تحقق هذا الأمر من خلال عاملين أساسيين: الأول هو خطاب الثورة، والثاني جهاد الشعب. فهما يتكاملان معاً، ليصلا بالثورة إلى أهدافها المرجوة. والخطاب هو الذي يشعل الثورة ويفجرها، وهو الذي يحرك الشعب ويوقد في نفسه حب الشهادة. ولذلك، كان مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء. فقد كان لكلام الإمام أشد الأثر في استنفار الجماهير، وتثبيت الناس، وزلزلة قلوب الظالمين. وقد وضعت مجموعة من العناوين، وذيّلت كل عنوان بمجموعة من الأمثلة المقتطفة من خطابات هذا الرجل العظيم. هدف الإمام من خطابه إلى مجموعة من القضايا نذكر أهمها فيما يلي:

1- تبديد الخوف من نفوس الناس:
كان الإمام قدس سره  كثيراً ما يؤكد على إزالة الخوف من نفوس الناس في خطابه، لما لهذا الأمر من أثر كبير في استنهاضهم. فالشاه كان يحكم بقبضة من حديد وبقوة السافاك، وكان على الإمام تبديد هذا الخوف من النفوس. وإليك بعض الأمثلة:
* "لا تخافوا، ولا يدخل قلوبكم الرعب من تهديد ووعيد السلطة وأجهزة أمنها وشرطتها، فهم ملزمون ومغلوب على أمرهم، وإن الكثير منهم من أنصاركم وغاضبون على السلطة العليا"(1).
* "من أي شي‏ء نخاف؟! وأي شي‏ء تخيفوننا به؟! إن آخر ما يمكن أن تعملوه هو إعدامنا، وإن ذلك هو بداية الراحة لنا"(2).

2- إظهار التصميم حتى النهاية وعدم التراجع:
من يقرأ خطابات الإمام، يدرك أنه لا يكاد يخلو أي خطاب من خطاباته من إعلان التصميم والمضي حتى النهاية، وهذا ما يحقق الهدفين المذكورين سابقاً (وهما إضعاف السلطة وضرب معنوياتها وحث الناس على النهوض)، وإليك بعض الأمثلة:
* "أنا الآن مصمم ومستعد لأضع روحي على كفي وأنازل الجلادين والمأمورين وأقارع الظالمين، ولن أصبر يوماً واحداً على أباطيلكم وأكاذيبكم، ولن أركع أمام جبروتكم وطغيانكم الهمجي"(3).
* "فإن شتموني أو سبوني فسأصبر، ولن أتزعزع"(4). "إن الخميني لن يهادن السلطة الجائرة، حتى لو تعرض للشنق..."(5).

3- عرض جرائم السلطة بالتفصيل:
لم يكن الإمام يكتفي بذكر المصائب والجرائم التي تقوم بها السلطة بشكل عام، بل كان يذكرها بالتفاصيل بأسلوب درامي يؤثر في الناس وإليك بعضاً منها:
"لقد هجموا على مركز الإمام الصادق عليه السلام واعتدوا على علماء الإسلام وشبابنا الأعزاء. وفي زهاء ساعة أو ساعتين، أغاروا على غرف الطلبة، وسرقوا أثاثهم، وحطموا أبواب الغرف ونوافذها، وأحرقوا عمائم الطلاب وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! وكان الطلبة يفرّون إلى كل جانب، ويقذفون بأنفسهم من السطح هرباً من رجال الأمن والشرطة وهمجيتهم، فتكسرت عظامهم، وسالت دمائهم. وفي تلك الأثناء، قذف الجلاوزة أبناء الطلبة من على السطوح إلى الأرض!! وكما رويَ لي، إن (أنصار الشاه) حرقوا الكتب العلمية بما فيها القرآن الكريم، ومزقوا جزءاً كبيراً منها أيضاً"(6). "ومنذ أن أطلق سراحي وجي‏ء بي إلى هنا، وأنا أرى بعض المشاهد المحزنة، فيتراءى لي مشهد مصرع الأطفال الأبرياء! ومصارع الشباب وهم يلفظون أنفاسهم الاخيرة... يتراءى لي مشهد الأمهات الثكالى وقد فقدن أبناءهن! مشهد النساء اللواتي فقدن إخوانهن.. تتراءى لي العيون الدامعات والعبرات الساكبات. (ويعلو هنا بكاء الجماهير ممزوجاً بهتافات ثورية).. إن هذه المشاهد المأساوية كلها، تدل على "تقدمهم وعلى رجعيتنا" كما يزعمون؟!"(7).

4- تفنيد ادعاءات السلطة بالتفصيل:
لم يكن الإمام ليهمل الاتهامات الموجهة من قبل سلطة الشاه إلى قادة وأبناء الثورة، بل كان يرد عليها بالتفصيل ويوضح معنى المصطلح، ثم يبيّن أن هذه الصفة أو الاسم يليق بجلاوزة الشاه، وليس بأنصار الثورة، كما في موضوع اتهام الشاه للعلماء بالرجعية وغيرها، وإليك النموذج التالي: (الرد على تهمة الرجعية)
"إنهم يتهموننا بالرجعية، والصحافة المأجورة في الخارج أيضاً تنعتنا وبكل وقاحة بأننا أعداء الإصلاح، مع أن الإسلام هو عنوان للإصلاح والتقدم. ويصفوننا أيضاً بأننا ضد الرقي والتقدم!! ويقولون: إن العلماء لا يريدون غير الحمير مركباً للتنقل والسفر! يقولون: إن العلماء يمانعون استخدام الكهرباء، ويعارضون ركوب الطائرات. إنهم يريدون التقهقر إلى القرون الوسطى!! إن علماء الإسلام يعارضون نزول كل هذه المصائب على الشعب الأبي. أهذه هي الرجعية؟! ... وأنتم الذين تزجون بأبناء الشعب في السجون والمعتقلات، هل أنتم تقدميون وقد غصت سجونكم بالعلماء الأبرياء والأساتذة المحترمين الذين لا ذنب لهم سوى معارضة الذل والتبعية للاستعمار"؟!(8).

5- تقريع رموز السلطة وأدواتها وتهديدهم:
لم يكن الإمام يكتفي بمهاجمة الفئة الحاكمة بالعموم، بل كان يهاجم الرموز والأدوات بالإسم أو بالإشارة الواضحة: "أفنسكت ولا نحتج! وهم يهجمون على المدرسة الفيضية، فيكسرون أبوابها وينهبون أموال أبناء الشعب ورجال العلم بأمر منك (يخاطب رئيس الوزراء) وبعلم قائدك وسيدك!! حتى وكأنكم فتحتم فتحاً مبيناً أو فتحتم الهند!؟ إنني أعلن بأعلى صوتي، بأن علماء الإسلام يرفضون هذه المفاسد ويكافحونها بكل ما أوتوا من قوة وحزم، ولا وئام بيننا وبين السلطة. وإذا لم تتلافَ صحيفة (اطلاعات) غلطتها وتصححها، فستواجه ردة فعلنا العنيفة"(9).

6- التعبير عن مشاعره بشكل واضح وجلي:
لم تكن خطابات الإمام مليئة بالغضب فقط، بل كان الإمام يعبر عن مشاعره الأخرى بشكل واضح: "إنني لا استطيع إبداء كل ما في قلبي من آلام. فلقد ضاق صدري منذ ذلك اليوم الذي سمعت فيه بعض الأخبار السياسية، لقد سيطر عليّ الأرق والغم. ويا ليتني مِتُّ قبل هذا، وما شاهدت هذا العار.. فليس لإيران بعد اليوم من عيد.. لقد حولوا العيد إلى مأتم"(10). "يحيط بي ألم شديد كلما أتصور الشتاء القادم ببرده الشديد، كيف سيكون حال الفقراء والمساكين!؟. على الشعب أن يفكر أيضاً بحالة أولئك المعدمين من الآن، من أجل تجنب وقوع كارثة كالتي وقعت في العام الماضي"(11).

-7 فضح أفعال السلطة:
كان الإمام قدس سره عندما يعرض أفعال السلطة، يظهرها بشكل يؤدي إلى رفضها من قبل كل الناس، لما تحتويه من شناعة ومن مخالفة لأدنى المعايير الوطنية والإنسانية، وإليك المثال التالي:
* "إنهم منحوا الأمريكان بجميع فئاتهم من خبراء عسكريين وفنيين وإداريين وخدم وكل من له أدنى علاقة بهم الحصانة القضائية، فلا يمكن بعد ذلك أن يُطال أحد منهم بأي جريمة يرتكبها فوق أرض إيران. ألا تعلم بأن هذه الاتفاقية تنزل قدر شعب إيران إلى درجة أدنى من درجة كلاب أميركا!!! فلو أن أحداً دهس كلباً أمريكياً بسيارته، فإنه سيكون عرضة للتحقيق والملاحقة القضائية، حتى لو كان ذلك الشخص هو (الشاه!) نفسه. أما لو دهس طباخ أمريكي (شاه إيران!) نفسه أو أي رجل من كبار الشخصيات، فلا يمكن ملاحقته قضائياً"(12)!!!
وفي الختام نلفت نظر القارئ الكريم إلى أن هناك العديد من العناوين الأخرى لم تذكر في هذه المقالة لا زهداً بها ولكن تجنباً للإطالة ومراعاة للمقام.



(1) بيان سماحته إلى خطباء المنابر الحسينية والهيئات الدينية محرم 1383هـ.
(2) خطبة المسجد الأعظم 2 ذي الحجة 1383هـ بعد الافراج عنه.
(3) البرقية التي بعثها الإمام لعلماء طهران 1383هـ ذي القعدة.
(4) خطاب شوال 1382 هجري.
(5) تصريحات الإمام في منزله ذي القعدة 1383.
(6) نص البرقية التي بعثها الإمام إلى علماء طهران 1382 ذي القعدة.
(7) خطبة المسجد الأعظم 2 ذي الحجة 1383هـ بعد الافراج عنه.
(8) خطبة المسجد الأعظم 2 ذي الحجة 1383هـ بعد الافراج عنه.
(9) تصريحات الإمام في منزله ذي القعدة 1383هـ.
(10) خطاب ناري بتاريخ 20، ج‏2، 1384.
(11) بيان بمناسبة اقرار قانون الحصانة القضائية للرعايا الأمريكيين.
(12) خطاب ناري بتاريخ 20، ج‏2، 1384.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع