الشيخ علي حجازي
*أجزاء الوضوء:
الوضوء غسلتان ومسحتان، فيجب غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والقدمين.
*النيّة
يشترط أن يكون المحرِّك نحو الوضوء هو قصد امتثال أمر الله تعالى ، أو قصد القربة. والتلفّظ بالنيّة ليس واجباً ولا مستحبّاً، بل يكفي أن يكون باعثه ومحرّكه نحو الوضوء هو قصد الامتثال أو القربة، بحيث لو سئل عن شغله يقول: أتوضّأ. والبعض يسأل: لو نسيت النيّة وتوضّأت، فهل يصحّ وضوئي أو يبطل؟
والجواب: إنّ النسيان عادة يتعلّق بالتلّفظ، وهذا لا يضرّ بصحّة الوضوء ما دام القصد والدافع موجوداً.
*الإخلاص:
يشترط الإخلاص في النيّة، والإخلاص: هو أن يكون قصد القربة أو الامتثال مجرّداً عن جميع الشوائب، ولا تريد أن يحمدك عليه أحد إلاّ الله تعالى ، فالنيّة بهذا القصد تسمّى إخلاصاً. ولو ضمّ إلى النيّة ما ينافي الإخلاص بطل الوضوء، خصوصاً في الرياء.
*غسل الوجه:
يجب غسل الوجه، وهو الجزء الواجب الأوّل في الوضوء.
*تحديد الوجه:
المراد بالوجه ما بين قصاص الشعر(1) وطرف الذقن طولاً، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضاً. ويجب غسل شيء ممّا خرج عن الحدّ المذكور، مقدّمةً لتحصيل اليقين بغسل تمام ما اشتمل عليه الحدّ.
*كيفيّة غسل الوجه:
أوّلاً: لا يجب غسل الوجه باليد اليمنى ولا باليد اليسرى، فيجوز غسله باليد (اليمنى أو اليسرى) أو بأيّ شيء آخر، كأن يغسله تحت الماء مباشرة. نعم، الأفضل أن يغسله باليد اليمنى.
ثانياً: يتمّ غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل، وليس من الأسفل إلى الأعلى، ولا مانع أن يكون الغسل عرضاً ما دام من الأعلى إلى الأسفل.
ثالثاً: يكفي غسل الوجه على نحو الاستيعاب مرّة واحدة، ويجوز مرّة ثانية، وأمّا الثالثة فهي غير مشروعة. نعم لو غسل وجهه ثلاث مرّات جهلاً، يصحّ وضوؤه.
*تطبيقات لكيفيّة غسل الوجه:
1 يضع الماء في كفّه اليمنى مثلاً ، ثمّ يضع يده على أعلى الوجه، وينزل بها، فإذا وصل إلى العينين يتأكّد من أنّ الماء وصل إلى أطراف وآماق عينيه، ثمّ يكمل نزولاً (إذا كان الماء لا يزال موجوداً في اليد) حتّى ينتهي، فإذا جفّ الماء قبل الانتهاء من الوجه، يصبّ ماءً غيره ويكمل.
2 يغسل الجانب الأيمن من الوجه كاملاً من الأعلى إلى الأسفل، ثمّ يغسل الجانب الأيسر منه كاملاً من الأعلى إلى الأسفل، ثمّ يغسل تمام الوجه، وهذا الغسل يعتبر مرّة واحدة، ولا مانع من أن يصبّ ماءً جديداً في كلّ جزء من الغسل.
3 يضع يده على عينيه مثلاً بدون نيّة الوضوء، ثمّ يرفعها حتّى تصل إلى منبت الشعر، ثمّ ينوي الوضوء، وينزل بيده إلى الأسفل.
ملاحظة:
قد يضع المتوضّئ الماء على وجهه عدّة مرّات، ومع ذلك لم يستوعب الوجه إلاّ مرّة واحدة، فهذه غسلة واحدة، وإن كان الصبّ متعدّداً، فالميزان في تعدّد الغسل هو تعدّد الاستيعاب.
*غسل اليد اليمنى:
يجب غسل اليد اليمنى، وهو الجزء الثاني الواجب في الوضوء.
*تحديد اليد:
المراد باليد ما يكون من المرفق(2) إلى أطراف الأصابع، مع زيادة شيء فوق المرفق للمقدّمة العلميّة.
*كيفيّة غسل اليد:
أوّلاً: لا يجب أن يكون غسل اليد اليمنى باليد اليسرى، فيجوز غسلها باليد اليسرى أو تحت الماء، وما شاكل ذلك، والأفضل أن يغسلها باليد اليسرى.
ثانياً: يتمّ غسل اليد من الأعلى إلى الأسفل، ولا يجوز من الأسفل إلى الأعلى، فتُغسل اليد من المرفق إلى أطراف الأصابع.
ثالثاً: لا مانع من أن يكون البدء من ظاهر الذراع أو من باطنه، للرجل والمرأة، وإن كان الأفضل للرجل أن يبدأ من الظاهر، والمرأة من الباطن.
رابعاً: يكفي غسل اليد على نحو الاستيعاب مرّة واحدة، ويجوز مرّة ثانية. وأمّا الثالثة، فهي غير مشروعة. نعم لو غسل يده اليمنى ثلاث مرّات استيعابيّة جهلاً لا يبطل وضوؤه، وأمّا لو صبّ الماء على يده ثلاث مرّات مثلاً واستوعب اليد مرّة واحدة، فتكون غسلة واحدة، وإن كان الماء على ثلاث دفعات.
*غسل اليد اليسرى:
يجب غسل اليد اليسرى، وهو واجب بعد غسل اليد اليمنى. وتحديدها كما في اليد اليمنى، ولو قُدّمت اليسرى على اليمنى يبطل الوضوء مع العمد والجهل والنسيان.
*كيفيّة غسل اليد اليسرى:
إنّ ما ذكر في غسل اليد اليمنى يجري في اليسرى، باستثناء أمرين:
الأوّل: الأفضل أن تغسل اليسرى باليد اليمنى، مع كونه غير واجب.
الثاني: يكفي غسل اليد اليسرى على نحو الاستيعاب مرّة واحدة، ويجوز مرّة ثانية، وأمّا الثالثة فهي غير مشروعة، ولو تحقّقت الثالثة يبطل الوضوء.
*مسح الرأس:
يجب مسح شيء من مقدّم الرأس، ويكفي مسمّى المسح طولاً وعرضاً، فيكفي بإصبع واحدة بأيّ طول يصدق عليه عنوان المسح، والأفضل أن يكون المسح بعرض ثلاث أصابع مضمومة.
*المسح على الشعر:
لا يجب أن يكون المسح على البشرة، فيجوز على الشعر النابت على المقدّم، ولا يجوز على الشعر المستعار. نعم إذا كان الشعر مزروعاً ولا يمكن نزعه، أو كان نزعه مستلزماً للضرر أو المشقّة، ولم يمكن إيصال الرطوبة إلى بشرة الرأس مع وجود هذا الشعر، يكفي المسح على الشعر المستعار، ويصحّ الوضوء، ولا حاجة للتيمّم.
*كيفيّة المسح على الرأس:
الأحوط وجوباً أن يكون المسح على الرأس باليد اليمنى، ويجوز أن يكون المسح عليه من الأعلى إلى الأسفل، ويجوز من الأسفل إلى الأعلى.
*مسح القدمين:
يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى مفصل الساق، وأمّا عرضاً فيكفي بإصبع واحدة.
*كيفيّة مسح القدمين:
أوّلاً: يجوز مسح القدمين دفعة واحدة معاً، والأحوط استحباباً تقديم مسح اليمنى على مسح اليسرى، إلاّ أنّه غير واجب.
ثانياً: يجوز مسح القدمين باليد اليمنى فقط، أو باليسرى فقط.
ثالثاً: الأحوط وجوباً أن يبدأ من رؤوس الأصابع، ويجوز أن يبدأ من أيّ إصبع شاء.
رابعاً: يجوز مسح القدمين بباطن أو بظاهر أيّ يد، أو بالذراع، سواء أكان مضطرّاً أم لا.
*جفاف الرأس والقدمين:
يشترط أن يكون الرأس والقدمان حال المسح في حالة جفاف، ويكفي أن تكون رطبة رطوبة غير سارية.
*عدم تحريك الرأس والقدمين:
يشترط أثناء المسح على الرأس والقدمين أن تكون اليد هي الماسحة، فلو تحرّك الرأس أو القدمان مع بقاء اليد جامدة لا يصحّ الوضوء، نعم الحركة اليسيرة للرأس أو القدمين لا تضرّ.
*المسح بماء الوضوء:
يجب أن يكون المسح على الرأس والقدمين ببلل الوضوء، فلو أضاف ماءً جديداً بطل الوضوء. مثلاً: لو كانت الحنفيّة مبلّلة، فلا يجوز إقفالها باليد التي يريد المسح بها، حتّى لا يختلط بلل اليد ببلل الحنفيّة، نعم يجوز فتحها أو إقفالها أثناء غسل الوجه، واليد اليمنى، وقبل الانتهاء من غسل اليسرى، وأمّا بعد الانتهاء من اليسرى لا يجوز إدخال البلل الجديد.
(1) قصاص الشعر: هو حيث تنتهي نبتته من مقدّمه (منبت الشعر).
(2) المرفق: إمّا بكسر الميم وتسكين الراء وفتح الفاء، أو بفتح الميم وتسكين الراء وكسر الفاء، وهو موصل الذراع في العَضُد.