أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

نور روح الله‏: نداء إلى حجاج بيت الله الحرام‏

والآن إذ يهاجر حجّاج بيت الله الحرام من بيت الجسد والدنيا إلى الله ورسوله وهو بيت الروح والقلب، ويعزفون عن كل شي‏ء سوى المحبوب الحقيقي فلا يرون غيره في داخلهم وخارجهم.. أذكّرهم بأمور حسب العادة سائلاً الله أن يوفق الجميع لما فيه خدمة الإسلام:

1 - أعمال الحج: أطلب من حجاج بيت الله الحرام أيدهم الله تعالى أن يتلقوا أعمال الحج ومناسكه بشكل دقيق من علماء الدين المحترمين في القوافل، وأن لا يقدموا على أي عمل بدون توجيههم. ومن الممكن أن يؤدي التساهل لا سمح الله إلى بطلان العمل وعدم إمكان جبرانه إلى الأبد، أو إلى أن تبقوا في الإحرام وتقعوا أنتم وذووكم في حرج عند العودة. وهذا تكليف شرعي لا تجوز الغفلة عنه. وأوصي علماء الدين المحترمين أن يوضحوا المسائل لمجموعاتهم بحيث يفهمها الجميع في جلسات عديدة، وإضافة إلى ذلك عليهم أن يراقبوهم أثناء العمل ويوجهوهم.

2- الاستئناس بالقرآن: أذكّر الحجاج المحترمين أن لا يغفلوا في هذه المواقف المعظمة وخلال السفر إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة عن الاستئناس بالقرآن الكريم هذه الصحيفة الإلهية وكتاب الله الهادي، فكل ما عند المسلمين وما سيكون عندهم خلال عصور التاريخ الماضية والقادمة إنما هو من البركات المغدقة لهذا الكتاب المقدس. وبهذه المناسبة أطلب من كل العلماء الأعلام وأبناء القرآن والعلماء العظام أن لا يغفلوا عن هذا الكتاب المقدس الذي فيه تبيان كل شي‏ء، ونحن قاصرون عن أبعاده الغيبية فلا يعلم أسرارها إلاّ جامع من خوطب به عليه الصلاة والسلام. والأولياء العظام تعلّموا ما تعلّموا أخذاً عنه صلى الله عليه وآله. والمخلصون من أهل المعرفة انتهلوا من ينبوعه بمقدار استعدادهم وسيرهم على طريق بذل الجهد والرياضات القلبية. والآن فإن الصورة المدونة لهذا الكتاب المأخوذ عن لسان الوحي بعد النزول قد وصلت إلى أيدينا كاملة دون زيادة حرف أو نقصان حرف، فالحذر الحذر من هجره لا سمح الله. نعم، الأبعاد المختلفة لهذا الكتاب بكل آفاقها ليست في متناول البشر العاديّين، لكن على أهل المعرفة والتحقيق في الفروع المختلفة أن ينهلوا بقدر علمهم ومعرفتهم وكفاءاتهم من هذا الكنز العرفاني الإلهي الفيّاض والبحر الموّاج النازل على محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، ويقدموه بتعبيرات مختلفة قريبة للأذهان إلى الآخرين.

3 - البراءة من المشركين: علينا أن نعلم أن الحكمة في خلود القرآن الكريم هي أنه موجّه للبشرية على اختلاف ألوانها وقومياتها ومستوياتها حتى قيام الساعة، ومتضمن للمسائل الحياتية المهمة على الصعيدين المعنوي والمادي. ومسائل هذا الكتاب لا تختص بزمان أو مكان، ولا يظنّن أحد أن حج إبراهيم وموسى ومحمد عليهم وعلى آلهم السلام مقتصر على زمان معين. الأذان بالبراءة من المشركين لا يختص بزمان. إنه دستور قرآني خالد، وإن انقرض مشركو الحجاز، وهكذا دور الكعبة في كونها (قياماً للناس) خالد أيضاً في كل زمان ومكان، والتجمع البشري العام حولها كل سنة من العبادات المهمة. انطلاقاً من هذا المفهوم صدرت التوصيات المذكورة من المعصومين عليهم السلام في إقامة ذكر سيد الشهداء الحسين بن علي عليه السلام إلى الأبد، وفي إعلان مظلومية أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وظالمية اليزيديين عليهم لعنة الله. وعلى الرغم من انقراضهم فإن صرخة المظلوم بوجه الظالم يجب أن تبقى خالدة.

على حجاج بيت الله الحرام في هذا التجمع البشريّ العام الموّاج أن يرفعوا أصواتهم أكثر بالبراءة من الظالمين، وأن يمدّوا يد الأخوة إلى بعضهم، وأن لا يقدّموا مصالح الإسلام السامية ومصالح الأمة الإسلامية المظلومة قرباناً على مذبح التفرقة الطائفية والقومية، وأن يحثوا إخوتهم المسلمين أكثر فأكثر على توحيد الكلمة وترك العصبيات الجاهلية التي لا ينتفع منها إلاّ الطامعون وأتباعهم. عندئذ ستشملهم نصرة الله تعالى ويتحق فيهم إن شاء الله وعده سبحانه.

4 - كلمة للحكام: حبّذا لو فكّر زعماء البلدان الإسلامية بالقضايا الراهنة في البلدان الإسلامية الرازحة تحت نير الظلم وبالشعوب المظلومة المقهورة تحت وطأة الأجانب وغزو الشيطان الأكبر وسائر الشياطين الذين ينهبون ثرواتهم الطائلة ويتركون الشعوب يتضوّرون من الفقر والفاقة، حبذا لو عادوا إلى أنفسهم وأمعنوا النظر من خلال تقييم صحيح فيما رسّخته القوى الكبرى من خوف وذعر في نفوسهم عن طريق إعلامهم كي يعرضوا عن مصالح بلدانهم ومصالح سائر الشعوب المسلمة المظلومة ويرضخوا لذلّ مميت. حبذا لو حكّموا ضمائرهم وكفّوا عن إيقاع أنفسهم وبلدانهم في مزيد من العار. حبذا لو درسوا وضع إيران حكومةً وشعباً حيث خرجت من وطأة طواغيت القطبين وشعّ نور انتصارها وانتصار الإسلام العزيز في كل أرجاء العالم، ونهضت على طريق تحقيق كرامة الإسلام وعزة البلد الإسلامي؛ وعلى هذا الطريق، وهو طريق الأنبياء العظام عليهم وعلى آلهم السلام، انقطعوا عن كل الانشدادات المادية، ورفعوا نداء "هيهات منّا الذلة" ليوصلوه إلى أسماع العالمين.

نطالب حكومات المنطقة أن تكفّ عن دعم أعداء الإسلام والبشرية وعن التمادي في معارضة المصالح الإسلامية التي هي مصالحهم ومصالح وطنهم ومصالح المظلومين في العالم. عليهم، بتعاونهم وتعاضدهم مع الجمهورية الإسلامية، أن يلقموا حجراً كل مسبّبي الفتن وكل الطامعين، والعاقبة للمتقين.لقد أدّيتُ ما عليّ من واجب إسلامي في تذكير المسلمين وحكومات المنطقة لما فيه صلاحهم، وأسأل الله تعالى أن يهديهم إلى الطريق السويّ المستقيم ويصونهم من الانحراف. والسلام على عباد الله الصالحين.


ا(*) نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام في 1 ذي الحجة 1406ه.ق.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع