مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع الإمام الخامنئي: صبر عوائل الشهداء مفخرة التاريخ‏

﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ . إن هذه الآية تعتبر من الآيات النادرة في القرآن الكريم، لأنها تصور الصلوات والرحمة الكبرى التي يُنزلها الله تعالى على عباده الصابرين، الذين يتحملون المصائب والآلام، ويواجهون المصائب بصدر رحب.

* صبر عوائل الشهداء
إن الأم التي سهرت الليالي الطويلة في سبيل تربية ولدها الحبيب والعناية به، والأب الذي تحمل المشاق على مدى سنوات طويلة حتى يرى ولده فتيّاً يرفل في ريعان الشباب، وجلسا يمتعان ناظريهما بطراوة وإيناع هذه الزهرة التي تفتحت، عندما يطرق أذنيهما فجأة ذلك الخبر الذي ينعى لهما عزيزهما الذي سقط شهيداً في جبهة القتال، فإنهما يتدرعان بالصبر. وتلك الزوجة التي يفاجئها خبر استشهاد زوجها، فإنها تستعيد ذكريات الأيام الخوالي بحلوها ومرّها مع رفيق عمرها الحبيب، ثم تواجه وحدها الواقع الأليم. حقاً إنه لموقف من الصعوبة بمكان، أن يقابل هؤلاء كل ذلك بصدور رحبة، ويتعاملوا معه كأحلى ما يكون، ويتحملوا تلك المآسي والمصاعب. إن الحرب وحدها تعدّ من أعظم الكوارث، وعندما تضع الحرب أوزارها ثم نمعن في بقاياها أي عوائل المقاتلين، وذوي الشهداء، وأهالي المعوقين، والمعوقين أنفسهم فإننا نجد أن ما خلّفته الحرب أشدّ وطأة من الحرب ذاتها في أغلب الأحيان. إن صبر الآباء والأمهات وزوجات وأبناء الشهداء على فقدان أحبائهم في جبهات القتال، لربما هو أشد وأقسى ألماً من صبر ذلك المقاتل في مواجهة رصاصات الأعداء الملتهبة.

* قصص مثيرة للعجب‏
لقد كانت ومازالت لي لقاءات متعددة بآباء وأمهات وزوجات الشهداء، وسمعت منهم قصصاً وحكايات مثيرة للعجب والدهشة، وهي ليست بخافية عنكم. إن قصة من هذا الطراز تعتبر كالأسطورة، ولكنها حقيقة واقعة. فهناك أولئك الشبان الثلاثة الذين تعاهدوا على أنه إذا فاز أحدهم بالشهادة، فعليه أن يشفع لصديقيه الآخرين عند الله يوم القيامة، فاستشهدوا ثلاثتهم. وقصة ذلك الشاب الشجاع الذي أصيب في الجبهة، ومع ذلك فإنه لم يكف عن المشاركة في العمليات والبقاء على جبهات القتال، حتى إنه كان يُحمل على الأكتاف أحياناً، ولكنه كان يظل صامداً بالرغم من تعرضه للإصابة مرات ومرات. إن هذه الأحداث تبقى خالدة على صفحات التاريخ، وهي ليست من الذكريات التي يمكن أن تُمحى من ذاكرة الشعوب. إن العوائل التي ضحت بشهيدين أو بثلاثة شهداء، تعتبر مثار فخر عظيم.

* فضل الشهداء وذويهم‏
إننا لو لم تكن لدينا كل هذه الانجازات التي كُتبت بدماء أعزائكم الشهداء، لما كان باستطاعتنا تحقيق ما نراه الآن من كرامة وطنية وحفاظ على المبادئ الثورية ووصايا الإمام الراحل، وهي مكاسب لا تحققها الأمم والشعوب إلا بالعرق والكفاح. إن هذا الصمود والتحدي والتقدم المتواصل على الأصعدة كافة، والتحول إلى شعب يُشار إليه بالبنان على المستوى الدولي، كل ذلك كان بفضل دماء الشهداء وصبر وصمود وشجاعة ذوي الشهداء، وهو ما يبعث على الفخر، ويظل خالداً على صفحات التاريخ.

إن على الشباب الأعزاء أن يعلموا بأن هوية الشعوب والأمم تتشخص بمثل هذه المفاخر، فهي التي تحدد المصير، وهي التي تشيد الغد الزاهر. إن الشعوب التي حازت مكانة في التاريخ وحققت لنفسها العظمة، كانت تسير على هذا المنوال. وفي الحقيقة، فإن أغلب تلك الشعوب لم تكن تعتقد بالحياة الآخرة، كما أن أكثرهم لم يكن لديه أمل في الغد، وأما أنتم فعندكم الإيمان والأمل ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ.

وفي الروايات (فلا تبيعوها بغيرها). إن ثمن نفس المؤمن الجنة، فهذه هي قيمتها. إن الذي ينبغي أن يكون مهماً للإنسان هو النجاح في الدنيا والنظر إلى رضوان الله وجنة الخلد في الآخرة، وهذا لا يتحقق إلا بالمجاهدة والصبر والتقوى والنقاء والسعي الدؤوب. إن الإنسان يتحمل المصاعب في مواجهة تحديات الأعداء، ولكن القرآن الكريم يحثنا على عدم الخوف من هذه المصاعب: ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ولكن مع الفارق: ﴿وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ. فلديكم نظرة واضحة للمستقبل على عكس الأعداء.

إن موضوع الشهادة والجهاد في الإسلام، يعني العمل المكلل بالنجاح والأرباح على الأصعدة كافة، والجهد الصادق الذي يضفي على حياة الإنسان معنى ومضموناً، ويأخذ بيده على الطريق الصحيح، ويجعل نظرة الأمم والشعوب للمستقبل نظرة واضحة ومشرقة، ونظرة الفرد إلى الآخرة مفعمة بالأمل في الحصول على الرضوان الإلهي، فهذا هو الجهاد والشهادة في الإسلام، وهو شي‏ء لا يضارعه أي شي‏ء آخر.

* مقتطف من خطاب للإمام الخامنئي خلال لقاء مع الآلاف من عوائل الشهداء في 9 11 2006م.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع