السيد سامي خضرا
اهتم الإسلام بلا حدود بصيانة المجتمع من الانحراف، وممَّا شرَّعه وامتاز به عن أهل الجاهلية القديمة والحالية، أن رسم حدوداً لعلاقة النساء مع الرجال:
سَتْراً
ولَمْساً
ونظراً
وسُماعاً
ومجلساً
وكلاماً...
ونرى ذلك واضحاً في جملة من آيات الكتاب المجيد:
قال اللهُ ربي جل جلاله:
﴿... يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ (الأحزاب: 9). ﴿.. قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ... * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ........وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ (النور: 30 - 31). ﴿... فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ...﴾ (الأحزاب: 32). ﴿.. وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ (الأحزاب: 53).
1 - من أهم التوصيات في هذا الصدد عدم جواز الاختلاط أو الاختلاء بين الرجل والمرأة الذي يُؤدِّي إجمالاً، وحتى من دون قرار مسبق أو إرادي، إلى تجاوز القواعد الموصى بها والتي تندرج تحت عنواني الحلال والحرام. لذا، كان التحذير من الاختلاء في ضوابط تفصيلية ذكرها الفقهاء رضوان الله عليهم. ... عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبِتْ في موضع يسمع نَفَسَ امرأةٍ ليست له بمَحْرم"(1). عن مسمع أبي سيَّار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "فيما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله البيعة على النساء، أن لا يحتبين (نوع من القرفصاء الملفتة) ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء"(2). وعن الحسن الطبرسي في مكارم الأخلاق عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "أخذ رسول الله صلَّى الله عليه وآله على النساء أن لا ينحْنَ ولا يخمِشْنَ ولا يقعُدْنَ مع الرجال في الخلاء"(3).
2 - أما على صعيد الملامسة بدرجاتها، ملامسة الرجل المرأة الأجنبية (التي ليست بمحرم شرعي) وما يتفرَّع عنها من تقبيل وعِناق وغيرهما، فالأمر فيها دقيق، لأنَّها حرام وشروع في الحرام الأكبر منه الذي لا تُعرف حدوده، والذي يورث الخسارة المؤكَّدة في الدُّنيا، في الرِّزق والعلم والسكينة والعقل والعبادة والبلاء والإهلاك... فضلاً عن الآخرة. عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي قال: "ومَنْ ملأ عينيه من حرام، ملأ الله عينيه يوم القيامة من النار، إلاَّ أن يتوب ويرجع"، وقال عليه السلام: "ومَنْ صافح امرأة تحرم عليه، فقد باء بسخط من الله عزَّ وجلَّ، ومن التزم (إلتصق ) امرأة حراماً، قُرِنَ في سلسلة من نار مع شيطان فيُقْذفان في النار"(4). فهل بعد هذا الحديث مَنْ يسأل ويستهين في المصافحة والملامسة والتقبيل؟ وماذا دهانا حتى بات مجتمعنا اليوم يستسهل هذه الأُمور وتمارس علناً دون أي مؤاخذة؟! أليس من واجبنا نشر هذه النصوص؟ فيا الله، ثم يا الله، كم أصبحت هذه الأُمور اليوم بسيطةً وهيِّنة وتُقترف على الملأ وأمام الأهل ودون أدنى مؤاخذة!!! ولا من مستنكر! ثم نسأل: لماذا نفقد البركة ؟
(1) وسائل الشيعة ج14، ح25382.
(2) وسائل الشيعة ج14، ح25381.
(3) وسائل الشيعة ج14، ح25383.
(4) وسائل الشيعة ج14، ح25412.