الشاعر: عيسى بن إدريس
يا أُمَّةً فِي سُبَاتِ الضَّعْفِ وَالْوَهَنِ |
هَانَتْ عَلَيْهَا أُمُورُ الدِّينِ وَالْوَطَنِ |
وَاسْتَسْلَمَتْ لِذَوِي الْعُدْوَانِ أَنْ هَجَرَتْ |
مَا جَاءَهَا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَالسُّنَنِ |
اسْتَيْقِظِي إِنَّ شَمْسَ النَّصْرِ قَدْ بَزَغَتْ |
جَنُوبَ لُبْنَانَ تَطْوِي لَيْلَةَ الْمِحَنِ |
اسْتَيْقِظِي إِنَّ حِزْبَ اللهِ قَدْ غَلَبُوا |
وَطَهَّرُوا الأَرْضَ مِنْ رِجْسٍ وَمِنْ دَرَنِ |
قَدْ زَلْزَلُوا الأَرْضَ حَتَّى فَرَّ مِنْ فَزَعٍ |
جَيْشُ الْعَدُوِّ وَلَمْ يَهْتَمَّ بِالْمُؤَنِ |
هُمُ الرِّجَالُ هُمُ الأَبْطَالُ كُلُّهُمُ |
قَدْ عَاهَدَ اللهَ لَمْ يَنْكُثْ وَلَمْ يَخُنِ |
بَاعُوا النُّفُوسَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَلاَ |
تُلْفِي لَهُمْ حَاجَةً فِي الرُّوحِ وَالْبَدَنِ |
هُمْ فِتْيَةٌ يَفْعَلُونَ الْيَوْمَ مَا عَجَزَتْ |
عَنْهُ الْجُيُوشُ فَهَذَا المَوْجُ يُغْرِقُنِي |
كُلٌّ يَقُولُ: أَنَّا لِلْمَوْتِ قَبْلَكُمُ |
يَا إِخْوَتِي فَدَعُوا الصَّارُوخَ يَنْسِفُنِي |
قُولُوا لأُمِّي نِدَاءُ الدِّينِ لِي شَرَفٌ |
فَقُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَبِّي لِيُدْخِلَنِي |
جَنَّاتِ خُلْدٍ وَرِضْوَاناً وَلَيْسَ يُرَى |
شَيْءٌ يُضَاهِيهِ حَتَّى مُلْكُ ذِي يَزَنِ |
إِنَّا نُحَيِّيكَ شَيْخَ الْحِزْبِ قَائَدَهُمْ |
يُرَدِّدُ الدَّهْرُ مَا قَدْ قُلْتُ بِاللَّسَنِ(1) |
فَمَا عَسَى أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ فِي رَجُلٍ |
مُجَاهِدٍ فِي سَبِيلِ الدِّينِ وَالْوَطَنِ |
قَدْ قِيلَ نَجْلُكَ قَدْ لاَقَى مَنِيَّتَهُ |
أَعِدَّ نَعْشاً غَداً فِي مَأْتَمٍ حَزِنِ |
فَقُلْتَ لاَ حُزْنَ هَذَا خَيْرُ عَاقِبَةٍ |
نِعْمَ الْمَصِيرُ وَنِعْمَ الْقَوْلُ يُفْرِحُنِي |
إِنَّ الشَّهِيدَ مِنَ الأَمْوَاتِ عِندَكُمُ |
وَعِنْدَ ذِي الْعَرْشِ حَيٌّ غَيْرُ مُنْدَفِنِ |
طَارَتْ بِهِ الرُّوحُ عِنْدَ الْمَوْتِ مَنْزِلُهُ |
دَارُ الْمُقَامَةِ هَذَا أَطْيَبُ السَّكَنِ |
أَقَمْتَ بِالْفِعْلِ لاَ بِالْقَوْلِ مُحْتَسِباً |
رُكْناً مِنَ الدِّينِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ |
إِذَا ذُكِرْتَ لَدَى الأَعْدَاءِ خَامَرَهُمْ |
طَيْفٌ مِنَ الرُّعْبِ وَالإِذَلاَلِ وَالْحَزَنِ |
قَاتَلْتَهُمْ بِكِتَابِ اللهِ فَانْهَزَمُوا |
بِالْوَاحِدِ الْخَالِقِ الإِنْسَانَ مِنْ لَبِنِ |
رَمْزُ الْفِدَاءِ وَرَمْزٌ لِلْجِهَادِ وَقَدْ |
خَبَتْ لَهُ النَّارُ فِي الآفَاقِ مِنْ زَمَنِ |
وَإِنْ أُصِبْتُ بِعِيٍّ أَوْ نَبَا قَلَمِي |
يَكْفِيكَ أَنَّكَ "نَصْرُ اللهِ" لِلْوَطَنِ |
يَا مَنْ تُفَاوضُ إِنَّ الأَمْرَ مَهْزَلَةٌ |
مَا لِلْيَهُودِ لِصَوْتِ الْحَقِّ مِنْ أُذُنِ |
اسْتَيْقِظِي أُمَّةَ الإِسْلاَمِ وَانْتَفِضِي |
وَقَاوِمِي الظُّلْمَ إِنَّ الذُّلَّ فِي الْوَهَنِ |
تَشَرْذَمَ الْمُسْلِمُونَ الْيَوْمَ وَاتَّقَدَتْ` |
نَارُ الشِّقَاقِ فَيَشْقَى الْكُلُّ بِالإِحَنِ |
رَامُوا الْهِدَايَةَ مِنْ غَيْرِ الْكِتَابِ وَقَدْ |
أَنْزَلْتَهُ شَافِياً لِلْمُؤْمِنِ الْفَطِنِ |
قَالَ الْعَدُوُّ وَهُمْ فِي حَالِ غَفْلَتِهِمْ: |
أَنَا الطَّبِيبُ وَهَذِي وَصْفَةُ الْحُقَنِ |
فَكَانَ مَا كَانَ مِنْ ذُلٍّ وَمَسْكَنَةٍ |
يَا رَبِّ فَاعْفُ وَأَصْلِحْ شَأْنَهُمْ بِـ"كُنِ" |
أَلِّفْ قُلُوبَهُمُ بِالدِّينِ يَجْمَعُهُمْ |
صَفو النَّفُوسَ كَمَا يُرْضِيكَ مِنْ ضَغَنِ(2) |
أُلْطُفْ بِنَا وَاعْفُ عَنَّا رَافِعاً كَرَماً |
عَنَّا الْبَلاَءَ وَسُوءَ الْحَالِ والْمِحَنِ |
وَصَلِّيَنَّ عَلَى الْهَادِي وَقُدْوَتِنَا |
يَا مَنْ تَنَزَّهَ عَنْ نَوْمٍ وَعَنْ وَسَنِ |
وَالآلِ والصَّحْبِ هُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ وَمَنْ |
مِنْ بَعْدِهِمْ جَاهَدُوا فِي اللهِ وَالْوَطَنِ |
(1)اللسن بالفتحتين: الفصاحة في الكلام.
(2)الضَّغن بالفتحتين: اعوجاج والتواء.