نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع الخامنئي: الغدير: عيد الولاية


لا شكّ أنّ الذي أكسب عيد الغدير هذا الحجم من الأهمية هو دلالته على مبدأ الولاية. ففي شهر ذي الحجة الحرام توجد مناسبتان: الغدير والمباهلة، وكل منهما تحمل دلالة واضحة على مبدأ الولاية. وقد أطلق بعض الأكابر على هذا الشهر اسم (شهر الولاية)، و(أفضل الشهور)، نظراً لوجود هاتين المناسبتين.

* أكبر من كل الأعياد
إنّ عيد الغدير يُعدُّ أحد أعظم الأعياد الإسلامية، ولدينا أخبار معتبرة في فضله على بقيّة الأعياد. وهو في واقع الأمر عيد للأمّة بأسرها، ذلك أنّه يذكِّر بقضيّة مهمّة ومصيريّة. فمسألة الغدير أشارت إلى المعايير في تحديد زعامة الأمة ومنها: العلم، التقوى، الجهاد، الورع، التضحية في سبيل الله، الأسبقية في الإيمان بالإسلام. وهذه المسألة هي مسألة مبدئية (قيميّة)، لا تنحصر بالشيعة، وإنّما تتضمّن دروساً وتعاليم لكل المسلمين وبالتالي لا بدّ أن تكون مقدّرة ومحترمة عند الجميع.

* أبرز أزمات العالم
إنّ أبرز الأزمات التي تعيشها دول العالم اليوم، منشؤها إخفاق المدراء والسلطات الإدارية التي تدير شؤون تلك الدول. إنّ فساد هؤلاء معناه فساد الدولة، وفساد الدولة معناه القضاء على القيم والمبادئ. كما أن فساد المدراء معناه فساد الشعوب وتحوّلها إلى العبودية والخضوع والخنوع، ومعناه هيمنة القوى الشيطانية على مقدّرات الشعوب وتفشّي الرذيلة في المجتمعات وتلاشي عنصر الإيمان. وهذا هو ذاته البلاء الذي حلّ بالمجتمعات الغربية اليوم، والذي تجلّى بغياب الإيمان، والضياع، بغياب ملجأ تطمئنّ إليه الروح وتسكن، إلى غير ذلك من مظاهر الفساد الأخرى. وهذا أمر خطير للغاية، وهو بلاء كبير. وهذه النقطة بالتحديد، الفراغ الروحي، ستأخذ كل مجتمع ابتلي بها إلى الهاوية.

* محور إيماني واحد
إنّ هذه الظواهر تعتبر ظواهر مصيريّة. ولذلك فمن الضّروري جدّاً أن يكون لكافة أفراد الشعب محور إيماني واحد يتمحورون حوله. والمسألة لا تتحقق فقط بانتخاب شخص مؤهّل وجعله على سدّة الحكم، والتوقّع منه أن يحلّ كل المشاكل ويأخذ كل شيء مجراه الطبيعي. الواقع، أنّ تحديد مصير المجتمع يتأثر بشكل كبير بمدى قدرة المدير الأعلى على اختيار مدراء أكفاء ونزيهين، إذ إنّ نزاهة هؤلاء ستنعكس بشكل مباشر على نزاهة الجهاز الحكومي بأسره.

فعندما تولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام سدّة الحكم، بدأت كافة الجهات الإدارية الخاضعة له تتسلّق سلّم الصلاح والنزاهة، وقد بلغ هذا الأمر مبلغاً بحيث لو أنّ عنصراً من عناصر هذا الجهاز الإداري لم يكن نزيهاً وأخفق في تطبيق المعايير المرسومة له، فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان مستعداً لخوض حرب قد تطول أشهر عديدة من أجل اجتثاث هذا العنصر أو التصدّي له. وهذا يعني أنّ الجهاز الإداري للبلد لا بدّ أن يكون علوياً بكل أبعاده.

* العلاقة بين الولي والأمة
ففي الجهاز الذي يخضع لحكومة قائمة على مبدأ الولاية، يستحيل أن تتراخى الصلة الوثيقة بين الولي والأمّة. إنّ الولاية تعني الإشراف، والقيمومة، والصلة الوثيقة، والعلاقة الوطيدة، والالتحام بين شيئين، والاقتران بين سائر الأفراد والعناصر المنتمين لها أي الولاية وهذا هو المفهوم العام للولاية على صعيدي المجتمع والنظام الإسلامي. ولذلك، فعندما تطلق الولاية على السلطة في المنظور الإسلامي، فسيكون المراد منها: وجود صلة ولائية تربط الأمّة بالولي، صلة يستحيل تقويضها، صلة تربط كافّة المكوّنات الاجتماعية بعضها مع بعضها الآخر ارتباطاً وثيقاً. وليس الحال كما هو في الأجهزة السلطوية التي تصل إلى سدّة الحكم عبر الانقلابات العسكرية وتبدأ بالتّحكّم بمصير الأمم والشعوب.

إنّ الجهاز الإداري والجهاز الحاكم في المجتمع الإسلامي يعتمد بشكل أساس على الشعب، فهو منبثق عنه، متفاعل معه ومرتبط به وليس منفصلاً عنه بأي حال من الأحوال. وفي النظام الإسلامي، الحاكم هو الولي والرفيق والأخ لشعبه. وهذا من دواعي الاعتزاز والفخر أن تمكنت الجمهورية الإسلامية من تطبيق نظام الولاية الإسلامية وجعله النظام الرسمي للبلد. في النظام الإسلامي وفيما يتعلق بقضايا الدولة والمسائل السياسية والاجتماعية، لا يوجد مفهوم: "وما دخلي أنا؟" فالأمّة ليست مغيّبة ولا معزولة عن واقع الدولة.

* عيد المشاركة
وأبرز مثال على مشاركة الأمّة في قضايا الدولة وشؤونها، هو عيد الغدير. حادثة الغدير شكلت درساً مهماً بالنسبة لنا في هذا الإطار، ولذلك أصبح الغدير عيد الولاية، وعيد السياسة، وعيد المشاركة، وعيد كل فرد من أفراد الأمّة. فلكلّ الأمّة الإسلامية أن تحتفل بهذا اليوم وتعتبره عيداً لها. كما أنّ يوم الغدير هو عيد لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أيضاً، ومن حقّ شيعته أن يستثمروا هذا اليوم المبارك ويستفيدوا منه.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع