ديما جمعة فواز
تضج القاعة بـ 365 يوماً تتدافع للفوز على مقعد "الملك". بين أشهر السنة يفتتح الجلسة شهر كانون الثاني بضحكة ترتسم على شفاه الناس بداية كل عام، ويطالب الحضور بالتزام الهدوء.
بخطىً واثقة يتقدم شهر شباط، شهر القادة الشهداء، يقف على المنبر ويبدأ خطابه الجهادي ليقطع سيل أفكاره الثورية شهر آذار المستغرق في أحلامه الوردية، ينظم الشعر بنفسه فالأم والطفل والربيع توّجوه ملكاً للحب بينما يرقبه حزيران بتململ ففي 21 منه عيد الأب الذي يذكره بعضنا وينساه كثيرون.
وبأسلوب تكتيكي حربي يتسلل تموز هامساً: "في اليوم الثاني عشر منيّ، أسرَ المجاهدون جنديين إسرائيليين وبمباركة إلهية أخفوهما عن العيون!" يقاطعه شهر آب صائحاً: "مهلاً تموز.. فيك الأسر وبي النصر"! وفجأة تمتلأ القاعة بعبق أكثر من ألف وردة بيضاء ينثرها تشرين الثاني بمناسبة يوم الشهيد في الحادي عشر منه.
وسرعان ما تلتفت الأيام ليرقبوا تقدم شهر أيار مكلّلاً بالعز والانتصار فتنحني له بقية الشهور ويخلي له كانون الثاني العرش ليترأس السنة كلفتة معنوية لليوم الخامس والعشرين منه.. يرفض أيار تنصيبه ملكاً، ويبرر: "كلكم يا أشهر السنة مدعاة فخر. أيامكم تزهو بذكريات النصر والشهادة ولكن.. هل تعرفون أي يوم ذاك هو ملك علينا؟ نخضع له ونرتمي عند أعتاب ساعاته؟!".
يتسمّر11 شهراً بأيامه وساعاته لسماع الإجابة ويسود القاعة صمت ثقيل.. يلتقط أيار أنفاسه بصعوبة ويعقّب بغصة: "اليوم المبارك هو اليوم الذي تزهو الأرض فيه بنور ربها وتمتلئ قسطاً وعدلاً.. هو يوم ظهور الحجة عجل الله فرجه وانكشاف غيبته".
وترتفع 365 يداً توضع على الرؤوس، وكل يوم يهمس بينه وبين ربه: "اللّهم وفقنا لذاك العزّ واخترني يوماً لتحقيق الوعد!".