نلا الزين

تعتري علاقات المؤمنين فيما بينهم في كثير من الأحيان حالات من الجفاء والبعد. وقد يتطور هذا الأمر ليتحوّل إلى تباغض وكراهية. ومع تراكم العوامل أو دخول بعض الخلافات النوعية قد تنقلب العلاقة بينهم إلى عداوة واحتراب في أحيان أخرى. كيف ينظر الإسلام الحنيف إلى هذه الحالة المَرَضيّة؟ كيف ينبّه إلى خطورة ذلك على نفس المكلّف في الدنيا وفي الآخرة وعلى الحالة الاجتماعية للمؤمنين؟ ما هي أهم أسباب العداء الذي ينشأ بين المؤمنين؟ وهل لحقيقة الإيمان دخالة في طروء مثل هذا الداء الفتّاك بينهم؟!

أي وظيفة هي الأفضل كعمل للمرأة؟ وأي دور هو الأنسب لطبيعتها ولظروفها الأسرية الاجتماعية؟ وما هي النصائح العملية التي تساعد الكثير من النساء العاملات في ترتيب حياتهن وتنظيم أولوياتهن؟ إجابات هذه الأسئلة وتجربة عملية حية من واقع المرأة العاملة أفادتنا بها إحدى السيدات الفاضلات والتي كان لها باع طويل في مجال العمل لما يزيد عن العشرين سنة الإعلامية نلا الزين.

* في القرآن الكريم
عمل المرأة بيّنه لنا القرآن الكريم في قصة شعيب وموسى عليه السلام؛ يقول الحق سبحانه وتعالى: في قصة نبيه موسى عليه السلام: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ﴾ (القصص:23).  إن موسى عليه السلام قد خرج من مصر إلى فلسطين، وبعد أن عبر صحراء سيناء، وصل إلى بئر مدين، ووجد جمعاً من الناس يسقون ماشيتهم.. كلٌّ يزاحم ليسقي ماشيته أولاً. لاحظ موسى عليه السلام أنه تقف بعيداً عنهم امرأتان تريدان السقيا ولا تستطيعان.. ولفت هذا المنظر انتباهه، كيف جاءت هاتان الفتاتان لتسقيا الماشية؟ وكيف تمنعان ماشيتهما من الذهاب إلى الماء والارتواء؟ ويروي لنا القرآن هذه القصة في قوله تعالى: ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ (القصص: 23). وعندما سألهما موسى عليه السلام: ما هي حكايتكما؟ اتضح له أنهما تقومان بهذا العمل أي السقاية بدلاً عن أبيهما.. 

لقد سنّ الإسلام القوانين التي تصون كرامة المرأة وتمنع استغلالها جسدياً أو عقلياً، ثم ترك لها الحرية في الخوض في مجالات الحياة. كما لم يرد في الشريعة الإسلامية ما يمنع عمل المرأة في التجارة أو غيرها من الأعمال المحترمة، فالنساء في صدر الإسلام كن يبعن ويشترين، مارسن كل المهن المشروعة، كما عملت المرأة في مجالات عدة من تجارة وطب وتعليم وصناعة، وشاركت في العمل العسكري.

* وظائف تناسب المرأة
لم يحرّم الإسلام عمل المرأة وأباح لها أن تضطلع بالوظائف والأعمال المشروعة التي تحسن أداءها ولا تخالف طبيعتها، وقيد ذلك بضوابط عدة بما يحفظ كرامتها، منها:
1ـ أن يكون العمل موافقاً لطبيعة المرأة.
2ـ أن لا يعارض عملُها الوظيفةَ الأساس في بيتها نحو أسرتها.
3ـ خلو العمل من المحرمات.
4ـ أن تلتزم بالحجاب الشرعي، قال تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ (النور: 31). هذه بعض الضوابط الشرعية التي يجب على المرأة أن تلتزم بها عند خروجها للعمل حتى تنال رضا الله، وحتى تقوم بعملها المناط بها على أتم وجه، وخاصة أن عمل المرأة اليوم أصبح ضرورة ملحة. والتعاون بين الزوجين، لا سيما مع ضغوط الحياة وغلاء المعيشة، يخفف كثيراً من أعبائها. ومع التطور الذي نشهده توفر وجود كثير من المهن التي تنادي على وجود المرأة فيها، مثل:
1ـ التمريض والطب.
2ـ التعليم: وذلك في الجامعات والكليات، والمدارس الخاصة، والمدارس الحكومية.
3ـ العمل الصحفي: الذي له دوره في المجتمع وفي صناعة الرأي العام، وهذا يحتاج إلى ثقافة واطلاع ومعرفة بأمور العصر ومستجداته.  ويشمل العمل في وسائل الإعلام المختلفة وكذلك العمل على الحاسب الآلي وشبكة المعلومات، كأعمال الطباعة، السكرتارية، مساعدة إدارية، تخطيط، معالجة إدخال بيانات، تحليل مالي، تدقيق لغوي، ترجمة لغات، معالجة نصوص، تصميم فني، تصميم ديكور.
4ـ الأعمال الاجتماعية من خلال دور التوجيه والإرشاد الشرعي والنفسي، ودور الرعاية الاجتماعية، ومراكز التنمية الريفية، وهي أعمال متعلقة بالنساء، وفيها فرص وظيفية كثيرة.

أما بالنسبة إلى الأعمال التي لا تتوافق وطبيعة المرأة وهي أقرب إلى طبيعة الرجال فهي: الأعمال المهنية كالسباكة، والهندسة الكهربائية، والنجارة، والنقل والبناء، وحفر المناجم، وغيرها من المهن الشاقة، وإن كانت هناك تجاوزات في هذا الشأن فإنها تتعارض مع طبيعة المرأة وفطرتها، قبل أن تتعارض مع الإسلام وأحكامه.

تأثير قوانين العمل والدوام على وظيفة المرأة
لا شك أن التشريعات وقوانين العمل من شأنها أن تؤثر في عمل المرأة, مثل منح إجازة الأمومة, والضمان الاجتماعي, والتقاعد, وإن مجمل تلك القوانين والتشريعات إذا راعت ظروف المرأة من شأنها أن تزيد من فرص العمل أمامها، مثل:
1ـ الإجازة الأسبوعية، كأن تكون يومين، كما ينبغي إعادة النظر في إجازة الأمومة.
2 مراعاة تخفيض نظام الدوام بما يتلاءم مع طبيعة المرأة العاملة وظروفها وهذا من شأنه أن يساعدها على أن توازن ظروفها مع مسؤولياتها.

* بعض النصائح للمرأة العاملة
أعدي قائمة بالأولويات: فالمرأة العاملة بصفة خاصة عندها أعباء كثيرة وتزداد أولوياتها بزيادة هذه الأعباء.

حققي التوافق بين عملك وراحتك ومنزلك: تعتقد المرأة العاملة أنها تستطيع تقليل ساعات نومها وزياراتها وراحتها باعتقادها أنها توفر كل الوقت والجهد لإنجاز أهدافها في العمل، لكن هذا تكون له الآثار السلبية على المدى الطويل، وربما يسبب الضرر لها ولذلك يجب عليها تخصيص وقت للراحة ولممارسة الرياضة وتبادل الزيارات مع الأهل والصديقات، كل ذلك من شأنه تجديد نشاطها وتحسين أدائها في تحقيق أهدافها.

برمجي مواعيدك: نجاح المرأة العاملة مرتبط بقدرتها على استغلال الوقت بشكل أمثل، فالنجاح ليس بمقدار الأعمال التي تنجزها، بل هو بمدى تأثير هذه الأعمال بشكل إيجابي على حياتها وعلى مجتمعها. اختاري ما يناسب ميولك: فكّري هل أن ما تقومين به من أعمال يناسب ميولك أم لا؟ لأن ذلك سوف يؤثر على إنتاجك وعلى راحة نفسك.

كلمة أخيرة: العبرة ليست بساعات العمل التي تقضيها المرأة أو الرجل، إنما العبرة بالفاعلية، وإمكانية التوفيق بين العمل الرشيد المناسب وبين البيت ليست شيئاً مستحيلاً، خاصة إذا وُجد التعاون بين الزوجين.