مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

آداب ومستحبات: استعدوا لسفر الآخرة

السيد سامي خضرا

 



الموت حق, بل هو من أهم الحقائق على الإطلاق. والعاقل هو مَن أعدّ واستعدّ لذلك قبل أن يقع الموت عليه. ويجب تذكير النفس وتذكير الآخرين بقربه...

* تهيئة الكفن قبل الموت
يستحب للمرء أنْ يهيّئ كفنه قبل مماته، وأن ينظر إليه كلّ وقت في حياته. وقد صنع ذلك جماعة من أهل الاعتبار, وهذا ما لا ينبغي أن يتركه ذوو المراقبات والسّلوك الربّاني. كما يستحب له تهيئة نفقات ما بعد الموت والأيام الثلاثة الأولى التي تليه. ولا يتوهّم أحد أنه إذا اشترى كفناً فإنه يقترب من الموت... فهل الموت ينتظر كفنك؟

* "عندي كفني"
روي عن مولانا الكاظم عليه السلام قبل وفاته: "إنّا أهل بيتٍ مُهورُ نسائنا وحجّ صرورتنا وأكفان موتانا من طاهر أموالنا، وعندي كفني" (1). وعن الإمام أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: "من كان كفنه معه في بيته لم يكتب من الغافلين، وكان مأجوراً كلّما نظر إليه"(2). وقد ذكر العالم العامل والفقيه الكامل السيِّد ابن طاووس، في استحباب تهيئة الكفن الشيء الكثير، الذي يستحقّ الرجوع إليه وذلك في كتابه الموسوم بفلاح السّائل... وكان ممَّا ذكره "قده" قوله:  "... وأنا أُخرج كفني، وأنظُرُهُ في كل وقت، أستَصْوبُ النظرَ إليه، وكأنَّني أشاهدُ عرضي على الله جلَّ جلاله، وأنا لابسُه وقائم بين يديه...".

* تجديد التوبة
يُستحب لكل واحدٍ منَّا أن يجدّد التوبة بينه وبين الله تبارك وتعالى. فابن آدم في حالة لا يدري معها إلى أين يكون مصيرُه، لذلك يستحب له أن يتدارك ما أسلف من ذنوب ومعاصٍ، بتوبة طاهرة زاكية قربةً للمولى عزَّ وجلَّ، وإنابة إليه. وليتذكر قول مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: "من تاب قبل أن يعاينَ، قَبِلَ الله توبته" (3) وقوله صلى الله عليه وآله أيضاً: "إنَّ الله يقبل توبةَ عبدِه ما لم يُغرغر..." (4) أي ما لم تصل النفس إلى حلقه أو حَنْجَرته.

* الصدقة
كما يُستحب لكل واحد منا أن يوصيَ بثُلُثِ ماله إن كان موسِراً، وأن يوصيَ بالخيرات للفقراء من أرحامه وغيرهم، فقد يكون في آخر أيام حياته، ومالُه الذي أنفق جُلَّ وقته في جمعه سيصادر منه كلُّه عمَّا قريب، وسيكون الحساب عليه... فالأسلم له أن يتبرَّع، في زمن صحته وعافيته، بعنوان صدقاتٍ وهباتٍ ومبراتٍ وخيراتٍ، للمستحقين والمحتاجين وأهلِ الفاقة والعوز. روي عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: "الصدقة تمنع ميتة السوء" (5). ورُوي عن الإمام الباقر عليه السلام أن الله تبارك وتعالى يقول: "ابن ادم، تطوّلت عليك بثلاثة: سترت عليك ما لو يعلم به أهلك ما واروك، وأوسعت عليك فاستقرضت منك فلم تقدِّم خيراً، وجعلت لك نظرة عند موتك في ثلثك فلم تقدم خيراً"(6).

* ذكر شهادة لا إله إلاَّ الله
ويستحب الإكثار من ذكر شهادة لا إله إلاَّ الله، فعن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: "لقِّنوا موتاكم لا إله إلاَّ الله، فإنَّ من كان آخر كلامه لا إله إلاَّ الله، دخل الجنَّة" (7). وأفتى الفقهاءُ رضوان الله تعالى عليهم، بعدم حرمة كراهة الموت... نعم يُستحب عند ظهور أماراتِهِ، أن يحبَّ الإنسان لقاءَ الله الكريم. ويُكرهُ تمنّي الموت، ولو كان في شدَّةٍ وبليةٍ، بل ينبغي أن يقول: "اللهمَّ ما علمت الحياةَ خيراً لي فأحيني، وتوفَّني إذا علمت الوفاةَ خيراً لي" (8). ويكره طول الأمل وأن يحسب الموت بعيداً. ويُستحب للمحتضر أن يذكرَ الله ذكراً كثيراً، وروي عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: "كل أحدٍ يموتُ عطشانَ إلاَّ ذاكِرَ الله" (9) كما يُستحب قراءةُ سورةِ: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وقال مولانا زينُ العابدين عليه السلام، عندما حضره الموت: "اللهمَّ ارحمني فإنَّك كريم، اللهمَّ ارحمني فإنَّك رحيم"، فلم يزلْ يُردِّدها حتى تُوفيَ صلوات الله عليه (10).

* سورة "يس"
ولسورة "يس" المباركة أسرارٌ كثيرة، في الدُّنيا والآخرة. وأكثر الناس لا يعرفون من آثارها ومنافعها إلاَّ القَدْرَ اليسير. فقد جرت العادةُ على قراءتها للمحتضر والميت, ولكنَّ المسلَّم به، أنَّ أسرارها جليلة، وفوائدَها عميمة, حيث رُوي عن مولانا الصادق عليه السلام قوله: "من قرأ "يس" ومات في يومه، أدخله الله الجنَّة، وحضر غُسْلَه ثلاثون ألف ملَك، يستغفرون له ويُشيِّعونه إلى قبره بالاستغفار له، فإذا أُدخِل إلى اللحد، كانوا في جوف قبره يعبدون الله، وثواب عبادتِهم له، وفُسح له في قبره مَدَّ بصره، وأومن ضغطة القبر" (11). وقال النبي صلى الله عليه وآله: "يا علي اقرأ "يس" فإنَّ في قراءة "يس" عشرَ بركات: ما قرأها جائع إلاَّ أُشبع، ولا ظامىءٌ إلاَّ رُوي، ولا عارٍ إلاَّ كُسي، ولا عزبٌ إلاَّ تزوج، ولا خائفٌ إلاَّ أمن، ولا مريضٌ إلاَّ برىء، ولا محبوس إلاَّ أخرج، ولا مسافرٌ إلاَّ أُعينَ على سفره، ولا قرأها رجل ضلَّت له ضالة إلاَّ ردَّها الله عليه... ولا مدين إلاَّ أدَّى دينه، ولا قُرئت عند ميتٍ إلاَّ خُفِّف عنه تلك الساعة" (12).


(1) روضة الواعظين، الفتال النيسابوري، ص 221.
(2) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 3، ص 50.
(3) الكافي، الكليني، ج 2، ص 440.
(4) بحار الأنوار، المجلسي، ج 6، ص 19.
(5) ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص 140.
(6) بحار الأنوار، م. س، ج 67، ص 19.
(7) وسائل الشيعة، م. س، ج 2، ص 456.
(8) الكافي، م. س، ج 2، ص 548.
(9) بحار الأنوار، م. س، ج 78، ص 240.
(10) الدعوات، الراوندي، ص 250.
(11) بحار الأنوار، م. س، ج 78، ص 239.
(12) الدعوات، م. س، ص 215.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع