مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

حكمة الأمير: أفضل الأعمال‏.. ما خالف هواك


الشيخ علي ذو علم


عن أمير المؤمنين عليه السلام "أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه" (1)

يؤكد القرآن الكريم كما تؤكد كلمات المعصومين عليهم السلام على أهمية ودور العمل في تحديد مصير الإنسان، فالإيمان والعمل توأمان لا يفترقان أحدهما عن الآخر، حتى أن اللَّه تعالى لا يقبل أحدهما من دون الآخر.

إلا أنّ الكثير من الناس يهتمون بالأمل ويتغاضون عن أهمية العمل، لذلك يوصي أمير المؤمنين عليه السلام بأن نجعل العمل رفيقنا الدائم. ويعتبر الأمل العدو الأساس، لأن الآمال الدنيوية البعيدة تجعل الإنسان متقاعساً عن الاستفادة من إمكانياته وقدراته، وتبعده عن نيل الكمال المطلوب.وبما أنّ الأعمال لا تتساوى من حيث القيمة والأهمية، كان لا بدّ من معيار للتفاضل بينها. لذلك أكد القرآن الكريم على أهميّة "العمل الصّالح" الذي يلبي حاجات المجتمع، وضرورة الإتيان بهذا العمل على أكمل وجه. وجعل الشرط الأساس لقبوله ووجوده قيامَهُ على "التقوى والإخلاص".

فالقيمة والأهمية العظمى هي للعمل الذي يقوم على الإخلاص والتقوى حتى لو كان قليلاً من الناحية الكمية. والعكس صحيح فقد يكون العمل كبيراً في الكم إلا أنه قليل وصغير من حيث القيمة والأهمية لاعتماده في الأساس على الدوافع الذاتية والدنيوية وغير الإلهية. من هنا، على الإنسان أن يسعى من خلال الممارسة والتذكر المستمر إلى تنقية عمله وقوله من الشوائب والدوافع المادية ليرتقي العمل وتزداد قيمته. بالإضافة إلى ما ذُكر، يشكل العلم والمعرفة الإشارات الأساس لقيمة عمل الإنسان، فإذا كان سعي الإنسان وجهده يعتمدان على علم ومعرفة عميقة كانت قيمته أكبر. لذا نجد أن العبّاد العلماء الذين يصلون إلى معرفة عظمة الخالق جل وعلا يشتغلون بعبادته.

ومن علامات العمل القيّم صعوبته والمشقة التي يقاسيها المرء فيه. وكلما كان العمل صعباً تكتنفه المشكلات تمتَّعَ بأفضلية وبأهمية خاصة. لقد كان الرسول صلى الله عليه وآله إذا خُيِّر بين عدة أعمال جماعية يختار أصعبها. وهذا الأمر ينطبق على جميع أفراد المجتمع باختلاف أعمالهم وأشغالهم، ينطبق على المرأة والرجل والصغير والكبير وكل من له علاقة بأعمال المجتمع. فمن يأتِ بالأعمال الشاقة عن إخلاص وتقوى بناءً لحاجة المجتمع له، فإنّ له ولعمله قيمةً وأهميةً خاصةً عند اللَّه تعالى، لا بل إن هذا العمل هو من الفضائل التي يجب أن يغتنمها الشخص. هؤلاء الأشخاص المخلصون لا يؤدون عملهم لأن هذا أو ذاك يشجعهم عليه، أو لأن أجرهم وحقوقهم في هذا العمل أكبر أو لأنهم سيحصلون على ترقيةً من خلاله... هؤلاء لا يضعفون ولا يتزلزلون لو لم يُعتنَ بهم ولم يتم الالتفات إلى أهمية عملهم، بل همّهم الأساس أداء واجبهم.

إذاً، أتباع أمير المؤمنين عليه السلام هم الذين لا يفرُّون من العمل لصعوبته، وهم الذين يأتون بالأعمال، سواء العبادية أو الفردية أو تلك الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، عن إخلاص وتقوى ويعتبرونها نوعاً من العبادة. ولذلك فهم يتحملون كل الصعوبات والشدائد، لأنهم تعلموا من إمامهم أنّ أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه.


(1) نهج البلاغة (خطب الإمام علي عليه السلام)، الشريف الرضي، ج 4، ص 55.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع