ورد الحثّ الشديد في الروايات على ذكر الله والإتيان
بالنوافل، ولا سيما النوافل اليومية. وأكّدت الروايات على بعض الأوقات ومنها ما
يعرف بساعة الغفلة، وهي في وقتين من النهار:
1ـ ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
2ـ ما بين أذان المغرب ومغيب الشفق.
ففي الرواية أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقول: "أكثروا ذكر الله عزّ وجلّ في
هاتين الساعتين وتعوّذوا بالله عزّ وجلّ من شر إبليس وجنوده وعوّذوا صغاركم في
هاتين الساعتين، فإنهما ساعتا غفلة" (1). أما بين الطلوعين فقد وردت الروايات بالحثّ
الشديد على ذكر الله، وكراهية النوم في هذه الساعة، فورد عن الإمام علي بن أبي طالب
عليه السلام أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيّما امرئ مسلم جلس في
مصلاه الذي صلى فيه الفجر يذكر الله حتى تطلع الشمس كان له من الأجر كحاج بيت الله
وغفر له. وإن جلس فيه حتى تكون ساعة تحل فيها الصلاة فصلى ركعتين أو أربعاً غفر له
ما سلف وكان له من الأجر كحاج بيت الله" (2). وورد في رواية أخرى عن محمد بن مسلم
عن أحدهما (الباقر أو الصادق) عليهما السلام قال: "سألته عن النوم بعد الغداة، فقال:
إنّ الرزق يُبسط تلك الساعة فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة" (3). وورد عن رسول
الله صلى الله عليه وآله: "تنفَّلوا في ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين، فإنّهما
تورثان دار الكرامة، قيل: يا رسول الله، وما ساعة الغفلة؟ قال: بين المغرب والعشاء"
(4). ومن هنا نعرف السر في تسمية ركعتي صلاة الغفيلة بهذا الاسم.
* كيفية صلاة الغفيلة
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: "من صلى بين العشاءين ركعتين، يقرأ في الأولى
الحمد
﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا
فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ
إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ
وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾
(الأنبياء: 87 88)، وفي الثانية الحمد وقوله:
﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ
يَعْلَمُهَا إِلاَ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ
مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ﴾
(الأنعام: 59)، فإذا فرغ من القراءة رفع يديه وقال: اللهم إني أسألك
بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا
وكذا، وتقول: اللهم أنت ولي نعمتي، والقادر على طلبتي، تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد
وآله لما قضيتها لي، وسأل الله حاجته، أعطاه الله ما سأل" (5).
وهذه النافلة قد ثبت
استحبابها، ولذا ذكر الإمام الخميني"قدس سره" في تحرير الوسيلة أنه: (الأقوى ثبوت
صلاة الغفيلة، وليست من الرواتب، وهي ركعتان بين صلاة المغرب وسقوط الشفق الغربي
على الأقوى) (6). قال الشيخ البهائي في كتاب (مفتاح الفلاح): قد ورد عن أصحاب
العصمة عليهم السلام، في فضيلة هذا الوقت، روايات عديدة ويطلق عليها ساعة الغفلة
كما يطلق ذلك على ما بين غروب الشمس وذهاب الشفق وينبغي أن يكون الإنسان متيقظاً
فإن النوم في ذلك الوقت شؤم. روى رئيس المحدثين في الفقه عن الباقر أنه قال: "نومة
الغداة مشؤمة تطرد الرزق" (7).
(1) مفتاح الفلاح، البهائي العاملي، ص 197.
(2) الاستبصار، الشيخ الطوسي، ج 1، ص 350.
(3) م. ن.
(4) ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص 44.
(5) وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج 8، ص 121.
(6) تحرير الوسيلة، الإمام الخميني، ج 1، ص 136.
(7) مفتاح الفلاح، م. س، ص 3.