مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع الإمام الخامنئي: البصيرة طريق المواجهة(*)



إنّ مقارعة الاستكبار العالمي أمر مهم ومعقد. والكفاح أمام كل ظاهرة يكون بطرق مختلفة. فالعدو الذي يهاجم البلد عند الحدود يقارع بطريقة معينة، أما العدو الذي يستخدم الأساليب الأمنية فيقارع بطريقة أخرى. بينما العدو الذي يهدد أساس الشعب والمجتمع والبلد ويستخدم مختلف الأساليب يقارع بطريقة مختلفة. إن الكفاح الصحيح والمنطقي والمعقول وفي الوقت ذاته الحاسم، يحتاج إلى عدة أمور:

1- الإيمان
من هذه الأمور الحافز النابع من الإيمان. لا يمكن من خلال إصدار الأوامر فرض الصمود في الميدان على الشباب. يجب أن تتدفق المحفِّزات من القلب. ويجب أن تكون المحفِّزات نابعة من الإيمان. هذا شيء متوفر لدى شبابنا اليوم بالحدِّ الكافي. إنني أتحدث عن اطلاع ومعرفة بجيلنا الشاب وشرائحنا الشبابية. شبابنا اليوم لديهم دوافع أكثر وليست أقل من شباب سنة 1979 الميلادية حين هجم النظام البهلوي العميل لأمريكا على شبابنا في الشوارع وضرّجهم بالدماء. كما أنَّ دوافع شبابنا اليوم ليست بأقلّ من اليوم الذي توجَّه فيه عدد من الشباب واحتلوا السفارة الأمريكية التي أصبحت مركزاً ومقراً للتآمر ضدَّ الثورة، إن لم تكن أكثر. والسبب واضح؛ لأنَّ هناك ثلاثين عاماً من التجارب المتراكمة في تاريخ هذا الشعب. إن ذهنية الشباب اليقظة وإن لم تشهد تلك الأيام لكنها تستلهم وتكتسب من تلك التجارب. تجارب الشعب تزداد غنى وعمقاً وفائدةً جيلاً بعد جيل. إذاً، شبابنا اليوم لا تعوزهم المحفِّزات والدوافع على الإطلاق. بغض النظر عن بعض الثوريين المهترئين النادمين الذين بدأوا ولأسباب شتى يفضِّلون الحياة الرغيدة والاستسلام، أو الذين لم يروا التناغم مع العدو وتوجيهاته عيباً، فإنَّ شباب البلد وكتله الهائلة ومعظمهم من الشباب يمتلكون هذه المحفِّزات العميقة. أقول لكم: لو وقع اليوم حدث مثل الحرب المفروضة التي وقعت سنة 1980، لكان تدفُّق الشباب على الجبهات وتطوّعهم لمواجهة العدو العلني المهاجم أكبر من سنة 1980 و1981.

2- البصيرة
العنصر الآخر الضروري هو البصيرة، حيث ترون أني أشدِّد في لقاءاتي بالشباب والطلاب وشرائح الشعب المختلفة على البصيرة وأكرِّر ذلك، فذلك لأنَّه في الواقع البالغ الأهمية للعالم اليوم والوضع الاستثنائي لبلدنا العزيز -وهو وضع ممتاز في العالم اليوم– هو ما تحتاجه أية حركة عامَّة وهو البصيرة عامَّة. وطبعاً أقول لكم أيضاً إنَّ بصيرة شبابنا اليوم أشدُّ يقيناً من بصيرة الشباب في مطلع الثورة وأثناء الثورة. كثير من الأمور تعلمون بها اليوم وهي بالنسبة لكم من الواضحات بينما كان يجب أن نشرحها ونبينها للشباب يومذاك، لكن شبابنا اليوم يدركون هذه الأمور، فالبصيرة قويَّة. ومع ذلك أشدّد على البصيرة.

* ما هو الاستكبار الذي يجب مقارعته؟
المسألة الأولى في البصيرة هي: معرفة ما هو هذا الاستكبار الذي يجب مقارعته وكفاحه؟ الاستكبار معناه وجود قوَّة في العالم أو عدَّة قوى تنظر إلى نفسها فتجد أنَّها ذات إمكانات ماليَّة وتسليحية وإعلاميَّة، لذلك تعطي لنفسها الحقّ بالتدخّل في شؤون البلدان والشعوب الأخرى تدخُّلَ المالكين. هذا هو معنى الاستكبار. روح التسلّط والهيمنة. هذا شيء كان قائماً بصورة واضحة في بلادنا قبل الثورة. أي إنّ أمريكا أنشبت أظافرها باستكبار في هذا البلد الكبير وفي هذا الشعب العظيم بما له من تاريخ ثريّ، وراحت تتدخّل في الأمور المهمة والأساسية لبلادنا. والسبب هو أنَّ ساسة البلاد كانوا فاسدين، ولم تكن لهم مكانتهم لدى الشعب وكانوا يبحثون لأنفسهم عن سند فاستندوا إلى أمريكا. وأمريكا لا تعطي لأحد شيئاً بالمجان، فجعلت دعمهم رهناً بتدخلها التام في شؤون البلاد.

* الاستكبار الأميركي عالمي
أمريكا مستكبرة بكلِّ معنى الكلمة. والقضية ليست قضيتنا وحسب، بل قضية العالم.. قضية العالم الإسلامي. الأمريكان يحملون هذه الروح الاستكبارية حيال كلِّ أنحاء العالم. يوم تقلع أمريكا عن الاستكبار وعن التدخّل غير المبرَّر في شؤون الشعوب، ستكون بالنسبة لنا حكومة كباقي الحكومات. ولكن طالما بقي الأمريكان طامعين في العودة لإيران واستئناف العهد الماضي وتغيير التاريخ وإعادة الزمن إلى الوراء وطالما أرادوا الهيمنة على بلادنا فلن يستطيعوا بأية وسيلة فرض التراجع على بلادنا. ليعلموا ذلك. ولا تغرّنهم هذه الاضطرابات التي حدثت بعد الانتخابات. الجمهورية الإسلامية أقوى وأعمق وأصلب جذوراً من هذه الأمور. واجهت الجمهورية الإسلامية أحداثاً أصعب بكثير وتغلَّبت عليها كلها. ويأتي الآن بضعة أشخاص إمَّا أنَّهم سذَّج -ولا نريد إصدار أحكام حولهم وحول دوافعهم- أو أصحاب نوايا سيئة وخبيثة أو ليسوا أصحاب نوايا سيئة جداً لكن فيهم شيء من السذاجة وسوء فهم الأمور، يواجهون الجمهورية الإسلامية. هؤلاء لا يستطيعون فرش السجادة الحمراء لأمريكا في بلادنا.. ليعلموا هذا.. الشعب الإيراني صامد. أقول لكم أيها الشباب: أيها الشباب الأعزاء.. عليكم الإمساك بهذا البلد بقوَّة وبإرادة متينة. بمستطاع هذا البلد بفضل عزيمتكم وإرادتكم القوية المنبعثة من الإيمان الديني أن يزداد اقتداراً يوماً بعد يوم. عليكم إيصال بلدكم إلى حيث لا يتجرّأ أحد على تهديده. هذا منوط بعزمكم وإرادتكم.

* الإيمان والاقتدار يصنعان النصر
الاقتدار الحقيقي لشعب ما رهن بالعلم. العلم هو الذي يوفِّر سائر مصادر الاقتدار وأرصدته للبلد. لا تغفلوا عن العلم، سواء كنتم طلاب مدارس أو طلبة جامعيين وفي أية مرحلة كنتم. قضية العلم وقضية البحث العلمي على جانب كبير من الأهميَّة إلى جانب الحافز الديني. الدين مهم جداً. ليس الدين لمجرد عمارة الآخرة، إنّما هو يعمِّر دنياكم أيضاً. الدين يمنحكم الوجد والنشاط والطراوة والفتوة. الدين يمنحكم الروح التي تجعلكم ترون جميع القوى المادية صغيرةً وتافهة ولا أثر لتهديداتها وأعمالها. إعلموا أنَّ النصر حليفكم وأنَّ النصر الإلهي لكم. هذه القوى الكبرى التي تهدِّد -وأذنابهم الداخليون الذين يساعدونهم- ليس لهم من سبيل أمام الشعب المقتدر المؤمن سوى التراجع. ثقوا بالله تعالى وأحسنوا الظن به. حينما يؤكد الله: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(الحج: 40) وأنه عزّ وجلّ سينصر يقيناً وبلا أدنى شك الذين يدافعون عن دينه وأهدافه، فهذا كلام صادق ووعد صادق. ثقوا بهذا الوعد، وتقدموا إلى الأمام باقتدار، وعزيمة كافية، وتهذيب للنفس، وبناء للذات.. البناء العلمي للذات، وكذلك البناء الأخلاقي للذات.. وسترون إن شاء الله اليوم الذي تعلو فيه بلادكم بفضل جهادكم إلى ذروة الفخر والاقتدار. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


(*) كلمة ألقاها الإمام الخامنئي في الطلاب بمناسبة اليوم الوطني لمواجهة الاستكبار والذي صادف في 13 آبان 1388 هجري شمسي الموافق لـ3/11/2009.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع