نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

حكمة الأمير: أركان الإيمان

  علي ذو علم



قال علي عليه السلام: "الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان"(1). لو عدنا إلى أمير المؤمنين ومولى المتَّقين علي عليه السلام وطلبنا منه الجواب عن ماهيَّة الإيمان، لوجدناه يحدِّد ثلاثة أركان للإيمان الصحيح والسعادة الحقيقية:

1- معرفة بالقلب:
إنَّ ما يشكِّل الإيمان واليقين الصحيح هو المعرفة ولكنَّها ليست المعرفة الذهنية الصرفة، بل المعرفة القلبية. والمعرفة هذه هي في الواقع معرفة بحقيقة الوجود والذي هو سبب إيجاد العالم، وهي سبيل لمعرفة الغاية والهدف من وجود الإنسان أي الرجوع إلى الله تعالى ومعرفة الطريق الذي يؤدِّي إلى السعادة والحياة الأبدية. المعرفة القلبيَّة هي المعرفة العميقة والداخلية التي تشكِّل الحجر الأساس للإيمان. وتحصل هذه المعرفة عن طريق السعي والجهد العلمي والعملي. يمكننا الحصول على هذه المعرفة من خلال المطالعة والتحقيق والسؤال والجهاد والسعي العلميّ. ويعتبر هذا الجهد العلمي هو المقدِّمة ولكن ما يؤدِّي إلى لطافة هذه المعرفة ويساهم في إيجاد التقوى الإلهية هو الارتباط المعنوي والقلبي للإنسان بالله تعالى من خلال المحبَّة لأولياء الله والعبادة والذكر والدعاء والعمل طبق تعاليم الإسلام أي الالتزام العملي بمقتضى الإيمان، وهذا كلّه يؤدّي إلى تعميق المعرفة القلبية.

2- وإقرار باللسان:
إنَّ الإقرار بالإيمان وإظهاره هو جزء أساسي من الإيمان الصحيح. هذا الإقرار ليس مجرَّد أقوال وكلمات يتم تكرارها عند قولنا: أشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّداً عبده ورسوله" بل بالإضافة إلى هذا هو ذكر الله وتذكر آياته وعلاماته التي تؤدِّي إلى الهداية، وهو دعوة الآخرين إلى الخير والسعادة والهداية. كما أنَّ الإظهار والإقرار هو عمل إلهي يجب الإتيان به بهدف القرب من الله تعالى.

3- وعمل بالأركان:
القسم الثالث من أقسام الإيمان هو العمل والسلوك بواسطة الجوارح وأعضاء البدن. وأمَّا عدم العمل فيعني عدم الإيمان الحقيقي الكامل. العمل الصالح والخالص الذي يكون فيه رضا الله تعالى من اللوازم التي لا تنفك عن الإيمان. طبعاً وجود المعرفة القلبيَّة والإيمان الحقيقي عند الشخص يؤثِّر بشكل كبير على طبيعة سلوكه وعمله، حيث لا يصدر من المؤمن الطاهر إلا العمل الصحيح والعمل الإيماني. من الخطأ الفاحش الاعتقاد بأنَّ طهارة القلب لا تؤدي إلى السلوك السوي والسليم. كيف يمكن لمن يمتلك معرفة قلبية بالله تعالى والآخرة والرسول والأئمة، أن لا يهتم بالصلاة والإنفاق وخدمة الخلق وترويج دين الله...؟ كيف يمكن أن نصدِّق من يؤمن بالرسول صلى الله عليه وآله ويوالي أمير المؤمنين عليه السلام ويقول بمظلومية الإمام الحسين عليه السلام ثم لا تكون أعماله وسلوكياته في طريق تعاليم هؤلاء العظماء؟! لو عدنا إلى القرآن الكريم لوجدنا عدداً من الآيات القرآنية توضح التوأمة بين الإيمان والعمل الصالح، وتعتبرهما السبب الذي يوصل إلى النجاة والحياة الهادفة، وتوضح أن الإقرار باللسان هو عمل ملقى على عاتق اللسان. وخلاصة القول إنَّ المعرفة القلبية والإقرار باللسان والعمل الصالح هي أركان أساسيَّة لا تقبل التفكيك عن الإيمان الحقيقي. والذي يرغب في أن يكون من أتباع أمير المؤمنين عليه السلام يجب عليه أن يتبنَّى التعريف الذي قدمه للإيمان وأن يستمع منه للأركان الأساسية له.


(1) نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام، ج4، ص50.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع