مثلما يكون للأذان وهو البشارة والدعوة إلى الصلاة، وقع
مؤثِّر وإيجابيّ في النفوس (لطالما ردّد الرسول صلى الله عليه وآله -كما جاء في
الحديث الشريف- مخاطباً بلالاً: "أرحنا يا بلال")، تُثير مسألة احترام الصلاة
والسموِّ بمكانتها الوجْدَ والنشاط لدى عباد الله، وتزيّن السحب الظلماء وتمحو
الاضطرابات من آفاقهم. وهذه الميزة من خصوصيَّات الصلاة تؤدِّي لاطمئنان القلوب
وزوال القلق ومناعة الروح لدى المصلِّين.
* تعميم الصلاة
إنَّ من الجحود أن لا يُقيم المرء الصلاة وهو يعيش وسط محيط إسلامي ولا يعتبرها أهمّ
وأفضل وظائف المسلم. ومثل هذا يمسي أسود الوجه أمام الله تعالى وعباده، ومقصراً في
حق نفسه؛ لأنّه حرمها من بركات الصلاة.
* علائم إيفاء الصلاة حقَّها
العلامة الأولى:
حينما يقبل المجتمع الإسلامي بشيوخه وشبابه وصبيانه على اختلاف مكانتهم
الاجتماعيَّة أو العائليَّة وفي كلّ الظروف الزمانيَّة والمكانيَّة والمناخيَّة
وحتَّى في أيّام الراحة والمشقَّة أو الحزن والفرح، حين يُقبِلون على الصلاة
اعتقاداً منهم بأنَّها عمود الدين وجزء لا يتجزأ من حياة المسلم ولا يتركونها مهما
كانت الظروف والأسباب فإنّ ذلك يعدّ من الدلائل الهامة والواضحة على إيفاء الصلاة
حقّها.
* العلامة الثانية
والعلامة الأخرى، "إقامة الصلاة" بمعنى التوجّه إلى معاني الصلاة وكلماتها مصحوباً
بالخشوع والحضور القلبي، وتلك هي روح الصلاة وبدونها تكون كالجسد الخالي من الروح،
وإن كان إسقاط التكليف يتمثَّل في الحدِّ الأدنى من أداء الصلاة، لكنَّه لن يحقِّق
الأهداف والمقاصد التي من أجلها شُرِّعت الصلاة. وهذا في الواقع يحتاج إلى تعليم
وتمرين؛ فإن تمّ تأمينهما بعونٍ ربّاني فستكون الصلاة ذات عمقٍ روحي وديني وستكون
عملاً وفير البركة.
* العلامة الثالثة
ومن علامات إيفاء الصلاة حقها: "إعمار المساجد وزيادة صلوات الجماعة" الأمر الذي
يعني ظهور بركات الصلاة على مستوى التعاون والتضامن الاجتماعيِّ. ومثل هذه الفريضة،
مع اتّكائها على العامل المعنويِّ، أي التوجه والذكر والحضور القلبي، مثل سائر
الواجبات الدينيَّة الأخرى إذ تشمل مجالات حياة الإنسان كافَّة لا قسماً منها. وفي
الحياة الاجتماعيَّة والجماعيَّة تبرز الصلاة كأكثر العبادات الجماعيَّة حرارة
وحماساً، إذ تمثل دوراً كبيراً في هذا الميدان. وهذا المظهر بائنٌ في الصلوات الخمس
جماعةً وصلاة الجمعة والعيدين.
* العلامة الرابعة
والعلامة الرابعة: "تناول الصلاة في البحوث والتحقيقات العلميَّة" مثلما
يجري في البحوث الفقهيَّة الخاصة بالصلاة ومقدِّماتها، إذ تشكِّل هذه أطول البحوث
الفقهيَّة في الحوزات العلمية. كما ينبغي ترويج البحوث الكلاميَّة والعرفانيَّة
والاجتماعيَّة للصلاة وطرحها كسلسلة من البحوث الدينيَّة في المجتمع. وينبغي على
المحقِّقين والعارفين والكتَّاب أن يسمحوا في هذا المجال بتأليف الكتب وتدوين
المقالات وإجراء التحقيقات. ويجب طرح بحوث الصلاة في المجالات الإعلاميِّة
الدينيِّة وبمختلف اللغات والوسائل ومن جوانب شتّى، أمَّا في الكتب والحصص الدراسية،
فيجب تخصيص مناهج متينة وعميقة للصلاة، مختصَرة أو موسّعة حسب المراحل الدراسيَّة،
وأمَّا في الإذاعة والتلفزيون فينبغي أن يُعتَبر موضوع الصلاة موضوعاً يجب تعليمه
للجميع، فيتناولانها في برامج مخصَّصة أو كمادَّةٍ ضمنيَّة لبرامج مختلِفة لتبيين
آثارها وأسرارها وعمقها للمجتمع. وبالطبع فإنَّ الخُطَب الدينيَّة في المساجد
وغيرها لا ينبغي أن تخلو من وضوح أو توضيح المعارف المكنونة في الصلاة.
* حضور كبار القوم
ومن العلائم التي يجب توفرها لإيفاء الصلاة حقها: "أن يحضرها كبار القوم". ينبغي
حضور كبار القوم ومن تتوجَّه إليهم الأنظار ويُشار إليهم بالبنان إلى المراكز
العامَّة التي تُقام فيها الصلاة، حتَّى لا تُعتبر المصلّيات في المراكز العامَّة
مختصّة بالعاطلين والعجزة... وهناك علامات أخرى يمكن معرفتها بعد التدبر. وحينما
تبرز هذه العلامات جميعاً في مجتمع ما، يكون من النّصفة بمكان أن نقول: لقد وفيت
الصلاة حقَّها في ذلك المجتمع، وكلَّما زادت هذه العلائم كلَّما زاد الميل نحو
إيفاء الصلاة حقها.
*****
(*) نص البرقية
التي وجهها آية الله العظمى الخامنئي دام ظله لدى انعقاد الاجتماع الرابع للصلاة في
شيراز وألقاها بالنيابة عنه حجة الإسلام والمسلمين رسولي محلاتي.