* نزهة عرفانية
﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ
فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ
دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا
غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى
نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ
لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم﴾
إن الله تعالى نور يشرق فيضيء كل شيء ولذا هو النور بكل مخلوق، فهو لا
شك معروف وظاهر عند كل مخلوق فلا يجهله شيء. فقد قال تعالى موضحاً:
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ
﴾ فهل يسبحه أهل السماوات والأرض وأهل الأرض وهم يجهلونه! بل
إنها هادي أهل السماوات، وهادي أهل الأرض في تجلِّيه لهم، وهذه هي الرحمة الإلية
العامة.
* عطر بلاغي
﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾
عبَّر اللَّه تعالى بها عن حالة أهل النار عندما يمسهم العذاب. والجؤار صوت الحيوان
الوحشي كالظباء وغيرها عند الفزع، وقد شبّه هنا صوت الإنسان عند رؤيته العذاب
بالجؤار كناية عن رفعه الصوت بالاستغاثة والتضرُّع.
* زهرة جمالية
﴿
وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
هذه الآية من أرقى الآيات القرآنية معنًى وأدقها إشارة وأبلغها منطقاً
في الدلالة على المعاد. فاللَّه تعالى يبيّن فيها أنه موجد العالم على عجيب سعته في
جميع أجزائه وعناصره على نظام يدهش اللب ويحير العقول، ثم أسكن هذه العناصر
والأجزاء الليل والنهار وكأنهما وعاء يحويها أو مهد يضمها، يتفاعلون فيها بشتّى
أنواع التفاعل، ثم إنه يصاحبها في جميع الحوادث والأفعال والأقوال، فيكون السميع
للأقوال (كلام، وأصوات، وإشارات)، وهو العليم بالأعمال والأفعال الحسنة والسيئة،
وما تكنه النفوس من سعادة أو شقاء: لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في
الأرض.
* ثمرة لغوية
﴿
إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى
وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ
وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ
وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا
فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ
تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ
جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ
سِحْرٌ مُّبِينٌ ُ﴾
من الآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة لنبي اللَّه عيسى عليه السلام. وإخراج
الموتى كناية عن أحيائها. وهنا عناية ظاهرة للدلالة على أن إحياء الموتى كان يتم
وهم داخل قبورهم إذ يعيد إليهم الحياة ثم يخرجهم من القبور إلى الحياة الدنيا.