على طريق فرعية ينساب بين الحقول حصانٌ يجر عربة. إنه على
عجلة للعودة إلى الإسطبل كي يحصل على حصة كافية من الشوفان مكافأة له على عمله.
هذا الغذاء الجيد يعطيه الطاقة الضرورية للقيام بعمله اليومي. لذا نستطيع القول أن
الحصان محرك حي، وهو، حسب تعبير الفيزيائي الشهير "غاموف GAMOW‚ محرك يسير على
الطاقة النووية، وهذا ما سنكتشفه الآن. في بحثنا عن مصادر الطاقة وأشكالها المتنوعة
وعلاقاتها الوثيقة. بكل ما يحيط بنا في مجال الطاقة وتأثيرها على حياتنا.
* الحصان يسير على الطاقة النووية:
تقول العامة أن الطاقة هي قدرة المادة على إعطاء قوىً قابلة على إنجاز عمل معيّن.
ولكن للطاقة أشكالاً متنوعة، كما أن وجوهها المختلفة تساعد في عملية تحويل اللطاقة
من شكل إلى آخر. فالحصان المحرّك يولّد الطاقة الكيميائية الموجودة في الشوفان
والتبن إلى طاقة من نوع آخر، فمن أين تأتي هذه الطاقة الكيمياتئية؟ أن الشوفان
والتبن هما نباتات تُحوّل نور الشمس وحرارتها من أجل نموّ النبتة، وهي تلتقط النور
والحرارة في أجزائها المختلفة (الجذور، الجذوع، الأوراق والثمار).
ثم إن كل أنواع الطاقة تأتي من نور الشمس وحرارتها، ولا يتعلق الأمر بالطاقة
المنتشرة الظاهرة فقط، بل أيضاً بالطاقة الكامنة في النباتات المأكولة من الحيوانات
التي تستطيع الجري (الطاقة الحركية) وتتسلّق المنحدرات (الطاقة الكامنة)، فالحصان
محرك ذو قوة نووية.
* الطاقة الأولية:
ما هو المصدر الأول للطاقة؟ لقد أوضح "ألبير أينشتاين" Albert Einstein أن
المادة تستطيع أن تتحول إلى طاقة، وهذا هو السياق المتبع داخل نظامنا الشمسي والذي
يعطي إنتاجاً ضخماً. فلو كنا تستطيع أن نحوّل الماء الموجود في قدح زجاجي إلى طاقة،
لحصلنا على نسبة منها تساوي ما يعطيه 280 ألف طن من البترول.
إن إنسان اليوم قد تعلّم أن يستغل المادة وأن يحوّلها إلى طاقة جبارة، ولكن ذلك جاء
على شكل قنابل هيدروجينية مرعبة.
* الطاقة والسيارة:
ينطلق السائق بسيارته نحو عمله دون أن يتأكد من وفرة الوقود في الخزان، وعندما تفرغ
السيارة من البنزين على مرتفع بسيط، يدرك السائق أن هناك منحدراً سيصل إليه بعد
اجتياز المرتفع، وبعده يصل إلى محطة للمحروقات. وقد يساعده الحظ فتصل السيارة إلى
قمة المرتفع، ثم تنحدر بسرعة إلى أن يوقفها أمام محطة المحروقات. هذا المثل يجعلنا
نفهم أمراً مهماً في العلوم وهو: إشكال الطاقة وتحولاتها.
* الطاقة الناتجة عن الحركة:
نعلم أن الطاقة التي يملكها جسم ما هي قدرة هذا الجسم على القيام بعمل معين. ولا شك
في أن تأدية العمل تعني تحريك قوة ما (كرفع الثقل لأن الثقل قوة، أو دفعه وإنزاله).
فالسيارة التي انطفأ محركها قد أدت عملها، إذ إنها عندما اجتازت المرتفع حركت وزنها
الخاص في المنحدر، وهذا الوزن هو الذي بانحداره ساعد السيارة للوصول إلى محطة
المحروقات. فالجسم المتحرك يملك إذاً طاقة خاصة به، ويستطيع معها أن يؤدي عملاً
معيناً. وهذا النوع يسمى في علم الفيزياء: الطاقة الحركية.
* الطاقة الكامنة في الأجسام الموجودة على مرتفع:
عندما تكون السيارة على قمة المرتفع، ومحركها متوقف عن العمل، لا تملك عندئذٍ
الطاقة الحركية. ولكن موقعها يسمح لها بتأدية العمل. فإذا ربطنا السيارة على
المرتفع بحمل موجود على الجانب الآخر من المرتفع بواسطة حبل من الفولاذ، ودفعنا
السيارة نحو المنحدر فإنها باندفاعها تستطيع أن تجر وراءها الحمل المربوط بها وأن
توصل باندفاعها نحو المنحدر هذا الحمل إلى قمة المرتفع. فهذه القدرة على تأدية عمل
معين بفضل الموقع (كموقع السيارة على قمة المرتفع) تسمى الطاقة الكامنة، وهي
شكل من أشكال الطاقة، يعود إلى موقع الجسم. فالطاقة الكامنة في السيارة المنطفئة
على قمة المرتفع تختلف عن الطاقة في سيارة منطفئة في السهل.
* مخزون الطاقة الآلية:
إن السيارة المنطفئة على قمة المرتفع قد فقدت بتوقفها طاقتها الحركية، ولكنها
بالمقابل تملك طاقة كامنة. فلو قسنا الطاقة الحركية التي كانت تملكها السيارة قبل
توقف محركها إلى الطاقة الكامنة التي حصلت عليها عند قمة المرتفع، لوجدنا أن
الطاقتين تتساويان تقريباً، وهذا يدل على أن الطاقة الحركية تحوّلت كلياً إلى طاقة
كامنة. لقد حصلت السيارة على الطاقة الكامنة في صعودها المرتفع، وذلك على حساب
الطاقة الحركية. وبالمقابل، فإنها تأخذ بانحدارها سرعة معينة مستفيدة بذلك من
الطاقة الحركية.
تقول القاعدة الأساسية في الفيزياء: "لا تولد الطاقة من لا شيء"، ولا تتلف بل
إنها تتحوّل أي تنتقل من شكل لآخر".
* شكل آخر للطاقة: الحرارة:
وصلت السيارة أخيراً إلى محطة الوقود، كبح السائق سرعتها فتوقفت. لقد كانت السيارة
تملك طاقة حركية فقدتها عندما توقفت ولكنها لم تُضعها. ولكن يوقفها ضغط السائق
بقدمه على الفرامل فأحدثت صفيحا الفرامل احتكاكاً على الأطباق وتوقفت السيارة كلياً.
هذا الاحتكاك أحدث حرارة: إنها الطاقة الحرارية. فالطاقة التي كانت قد فُقدت ظاهرياً،
أصبحت حرارة تبددت بعدئذ في الجو المحيط، إنه تحوّل آخر للطاقة يمكن إهماله بسبب
أهمية حجم الهواء.
* الطاقة: أشكالها وتحولاتها:
كم هي أشكال الطاقة؟ بما أن الطاقة تعني القدرة على تأدية عمل ما، فالجواب عن هذا
السؤال هو نفسه يؤدي إلى السؤال: كم هي الأشياء التي تؤدي عملاً ما؟
علمنا من قراءة الفقرات السابقة إن كل شيء أو كائن حي يتنقل، يستطيع أن يؤدي عملاً
(الطاقة الحركية) أو هو موجود على مرتفع (الطاقة الكامنة) أو يمكنه
أن يحترق (كالمحروقات التي تحوّل الطاقة الكيميائية إلى حرارة أو طاقة حرارية).
إذا فكرنا جيداً في هذه الأشياء، نرى أن النباتات تملك أيضاً الطاقة، فعندما تكبر
فإنها تنمو وتعطي خشباً لفي احتراقه يولِّد الحرارة التي بدورها يمكن أن تتحوّل إلى
طاقة حركية (مثلاً العربات البخارية القديمة) وهذه النباتات تعطي الثمار أو
الخضار التي تتحول عبر الحيوانات والناس إلى طاقة.
فكم هي أشكال الطاقة؟ بطريقة علمية مبسّطة، يميز علماء الفيزياء ستة أشكال للطاقة،
كل واحد منها قابل أن يتحول إلى أي شكل آخر.. نستطيع أن نتحقق من كل ذلك بسهولة
عندما نرى الرسم البياني المواجه.
وأشكال الطاقة هي:
1- الطاقة الآلية تضم الطاقة الحركية والطاقة الكامنة.
2- الطاقة الحرارية.
3- الطاقة الكيميائية.
4- الطاقة الكهربائية.
5- الطاقة الإشعاعية (النور مثلاً).
6- الطاقة النووية.