سارة الموسوي*
يزداد استهلاك الطعام وخاصة الحلويات التي يختارها الكثيرون عندما نشعر بالبرد بحجة أنها تساعد في وتوليد الطاقة والدفء. فهل من علاقة بين نوعية الطعام والطاقة والدفء؟ وهل تتغير احتياجات الإنسان الغذائية في الطقس البارد؟ وما هي الأطعمة الأنسب لحاجاتنا في هذا الطقس؟
* مصدر الطاقة الأجود
الطعام هو مصدر الطاقة، فلا طاقة دون طعام. وكل نوع من الطعام له مسار معيّن في الجسم، ويولّد كميّة طاقة محدّدة.
لذلك فإن جميع الأطعمة؛ من سكريّات، نشويّات، بروتينات أو دهون، يستخدمها الجسم لتوليد الطاقة. إلاّ أن الفرق يكمن في استمرار بقاء هذه الطاقة وعدمه، فمثلاً:
1 - النشويات على نوعين:
أ- النشويات البسيطة: كالخبز الأبيض، الحلويات، السكر الأبيض، الأرز الأبيض، المعكرونة البيضاء، والمشروبات الغازية... كلها سريعة الهضم وسريعة الامتصاص، لذلك فهي تعطي طاقة سريعة وآنية.
ب- النشويات المركبة: كالحبوب الكاملة ومنتجاتها، النخالة، البقول من بازيلا، فول، وعدس، الجزر، البطاطا الحلوة والفواكه مع قشرتها... فهي بطيئة الهضم، وبطيئة الامتصاص، وتبقى لفترة أطول في المعدة. لذلك فهي تعطي الجسم الطاقة على دفعات خلال فترة طويلة.
2 - البروتينات: كاللحوم، اللبن، الحليب، البقول، والأجبان... هي بطيئة الهضم وتُشعر بالشبع لفترة طويلة.
3 - النشويات المركبة (العالية بالألياف)+ البروتينات، تعطي الطاقة الأكبر والأدوم خلال النهار.
4 - المكسرات: خاصة اللوز لأنه أكثر المكسرات غنى بالمواد الغذائية. فهو مصدر للبروتين والدهون الجيدة، كما ويحتوي على الفيتامين E والمغنيزيوم المهمَّين لتحويل السكر في الدم إلى طاقة.
* تتغير الحاجات مع تغير الطقس
يشعر الكثير من الناس بالجوع في فصل الشتاء أكثر من غيره من الفصول، ويعزون ذلك إلى الاضطرار للبقاء في المنزل فترة أطول، أو للشعور بالبرد، وغير ذلك إلا أن السبب الأهم لهذا الجوع هو ساعات النهار القصيرة، وبالتّالي قلّة التعرّض لأشعّة الشمس، مما يؤدي إلى انخفاض مخزون الجسم من هورمون السيروتونين serotonin (وهو هورمون السعادة والإحساس الجيد)، الأمر الذي يسبب الشعور السييء والكآبة لدى بعض الناس . لذلك فإن الجسم يطلب كميات أكبر من النشويات لتصنيع هذا الهورمون، الأمر الذي يُفسِّر زيادة الجوع والطلب الأكبر على النشويات والسكريات.
لذلك، فدليلك الغذائي لهذا الفصل:
1 - كن حذراً في انتقاء النشويات.
2 - انتقِ النشويات العالية الجودة والمركّبة. (كالمذكورة أعلاه).
3 - خفف من تناول النشويات البسيطة.
ملاحظة: النشويات البسيطة هي ذات مؤشر كربوهيدراتي مرتفع، أي أن تناول هذا النوع من النشويات يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في سكر الدم ويتبعه ارتفاع سريع في هورمون الإنسولين (المسؤول عن نقل السكر من الدم إلى الخلايا)، مما يؤدي إلى هبوط مفاجئ لسكر الدم، فيشعر الإنسان عندئذ بجوع مفاجئ، وتكرُّر ذلك يوصل إلى السمنة.
4 - زدْ من تناول فواكه وخضار الشتاء الغنية بالفيتامين ج: كالبروكولي- الفليفلة الخضراء- البندورة- البرتقال- الكيوي... بالإضافة إلى الثوم والبصل.
5 - يمكنك الاستفادة من شراب الأعشاب الساخن على أنواعه، فهي غنية بالمواد المضادة للأكسدة التي تقوي المناعة وتخفف أعراض الزكام والمغص والمشاكل المعوية.
6 - استفد من منافع العسل الجمة الخاصة بنزلات البرد. وقد ذكره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: "نعم الشراب العسل، يرعى القلب، ويذهب برد الصدر"1.
7 - لا تهمل الفيتامين د، خاصةً في أيام الشتاء القصيرة، لأنك أقل عرضة لأشعة الشمس، ولأن منافعه لا تقتصر على العظام فحسب، إذ إن الدراسات أظهرت أنه الفيتامين الوحيد القادر على الحماية من نزلات البرد. لذلك زد من استهلاك مصادره في الغذاء كالسمك، والبيض، والبقول ومنتجات الحليب المدعمة. ولأن المصادر الغذائية غير كافية في تأمين حاجة الجسم منه،
فلا بد من تناول المكملات الغذائية من الفيتامين د يومياً بعد استشارة الطبيب.
* أخصائية تغذية.
1 بحار الأنوار، المجلسي، ج59، ص295.