نهى عبد اللَّه
حاولت التحديق جيداً بالغرفة التي رُميت فيها، تنبعث منها رائحة الرطوبة والعفن،
والعتمة تلفّ المكان، وكثير من القذارة.. عاجلتها يد السجّانة وانتزعت الحجاب عن
رأسها بشماتة: "هذا ممنوع هنا". ودون أن تفكر وضعت يديها المقيّدتين على رأسها
لتحاول منعها: "ما شأنكم بحجابي؟ بمَ يضركم؟"، لتصرخ سجّانتها: "انتهينا". ووكزتها
لتوقعها أرضاً، فيما رمت جملتها الأخيرة قبل أن توصد باب الزنزانة: "المحقّق سيراك
بعد قليل". سيطرت الصدمة على "سكنة"، "محقّق! وأنا دون حجاب!" لم تستطع تقبل الأمر،
فنجاحهم في تجريدها من حجابها كان يعني لها أنّ الإسرائيلي وعملاءه قد انتصروا على
المقاومة الإسلامية، التي كان محورها الأساس هو هذه القيم.
قاطعتها أسيرة سابقة، بدا أنّها ستشاركها الزنزانة نفسها: "أنصحك بالهدوء، فأيّ
حركة منك سيعتبرونها تهديداً، وسيسعدهم أن يغطّوا رأسك بكيس خيش قذر، لنهار كامل".
لم تدري الأسيرة السابقة أنّها ألهمتها فكرةً نيّرةً للتو.
بعد ساعات، صرخت السجّانة: "سكنة، المحقّق سيراك"، ففاجأتها "سكنة" بصفعة قوية وهي
تضحك، وتحدّتها: "حاولي سحبي". انهال الضرب عليها من كل جهة، وأخيراً، جاء الكيس،
الذي تناوب على رؤوس عشرات المعتقلين، وبدت بقع دماء وقيح تغطي لونه، تحكي عن تعذيب
كل من لبسه، أحكمت العميلة وضعه بقوّة على رأس "سكنة"، وصرخت بها: "أرجو أن تختنقي
به". واقتادتها إلى غرفة التحقيق وهي تظن أنّها نجحت بعقابها.
لم تهتم "سكنة" لرائحة الكيس ولا لقذارته، ففي كل مرة كانت تُستدعى للتحقيق في "معتقل
الخيام"، كانت تكيل الصفعات للعميلات، اللٍّاتي حسبن أنهنّ يعاقبنها بالكيس، فيما
كان بالنسبة إليها ملاذاً، فلن تَمثُل أمام رجلٍ، دون حجاب.
1.قصة مستفادة من وقائع حقيقية للأسيرة المحررة سكنة بزي.