ما إن خرجت من مدخل المنزل صبيحة (4/10/2015م) حتى هبّ هواء عابق بأريج زهور لم أشمّها من قبل. وبينما كنت أبحث عن مصدر هذا الهواء شاهدت شخصاً قادماً من الشرق وهو يحمل على كتفه حقيبةَ سفر، وعلى رأسه قبّعة، وعلى عينيه نظارة؛ وعندما وصل إلى السيّارة فتح بابها الأمامي وجلس قربي وهو يقول: سلام عليك.
قلت بعد أن غيَّر حالي: وعليك السلام. قال: سيّدنا مدة غيابي عن المنزل بالعادة تكون بين عشرة أيّام وعشرين يوماً، وعندما أعود هذه المرة من عملي إن شاء الله سأزوركم لأهنّئكم بمنزلكم الجديد.
قلت: لكن وجهك النوراني يقول إنّك لن تعود إلّا شهيداً، قال بعد أن ارتاح على مقعده: "منذ سنوات وأنا أنتظرها، فهل حان وقتها اليوم؟ أنا مستعد لها أكثر من أيّ يوم مضى... الله يسمع منك هالكلام الحلو".
بعد صمت دام لحظات قلت: مهلاً هل لي من طلب؟ قال: تفضل، قلت: قبل يومين كان عيد الغدير، المناسبة السنويّة التي يتآخى فيها المؤمن مع أخيه المؤمن، هل توافق على أن أكون أخاً لك؟ قال: مرحباً بك، أنتَ أخي في الله. ولن أدخل الجنة إذا ما رزقني الله الشهادة إلّا وأنت معي، هذا عهدٌ ووعد.
غادر أخي إلى حيث يجب أن يكون في سوريا لمواجهة الإرهاب التكفيري هناك، كما كان على مدى سنوات الجهاد الـ28 الماضية في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
بعد مرور 9 أيام عاد القائد مهدي حسن عبيد "أبو رضا"(*) شهيداً.
وبعد عشرة أيام على مراسم تشييعه أخبرَتِ الحاجة أمّ رضا زوجتي أنّها شاهدت في منامها ليلة الجمعة زوجها أبو رضا يخرج من زيارة أبو مهدي وهو يلبس ثوباً أبيض.
هاني محمد فخر الدين ـ الأنصار - بعلبك
(*) استشهد دفاعاً عن المقدّسات، بتاريخ 13/10/2015م.