أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

الإطعام‏

السيد فيصل عباس شكر


قال تعالى ذكره: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا. "صدق اللَّه العلي العظيم" عندما يقف المرء أمام أية ظاهرة اجتماعية أو أخلاقية أو تربوية أو غير ذلك من الظواهر التي تصبح من المسلّمات في المجتمع وتعتبر أمراً طبيعياً في حياتهم وعاداتهم، فإن لهذه الظواهر أو العادات أسباباً حقيقية مهدت لانطلاقها واستمراريتها. والمتأمل في ظاهرة إقامة الولائم والموائد وإطعام الطعام في العاشر من المحرم الحرام ذكرى شهادة سيد الشهداء وأصحابه عليهم السلام يدرك جيداً أن هناك الكثير من الحيثيات والأسباب جعلت مسألة الإطعام في هكذا ظرف أمراً طبيعياً، وسوف نعرض بعضها في هذا المقام:

أولاً: محبوبية الإطعام: فالإطعام من الأمور التي حث عليها الشرع المقدس واعتبرها من أفضل المظاهر الاجتماعية والأخلاقية والقيمية، وقد سنها لنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ونقل لنا المحدثون الروايات المتواترة عن أئمة الهدى عليهم السلام في الحث على الإطعام خاصة للمحتاجين والمؤمنين فقد روي عن الإمام السجاد عليه السلام أنه قال "من أطعم مؤمناً أطعمه اللَّه من ثمار الجنة" ويكفينا ما نقله اللَّه تعالى في سورة الدهر عن السيرة العملية لآل محمد صلى الله عليه وآله "يطعمون الطعام على حبه... الخ"

ثانياً: محبوبية مطلق الإنفاق حباً بآل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله سواء أكان هذا الإنفاق متقوماً ببذل المال أم ببذل الطعام أو المهج فهو أمرٌ محببٌ بل أكثر من ذلك فإن شيعة أهل البيت عليهم السلام يعتبرونه واجباً إلهياً وذلك من جهة حسن المودة والصلة وأقلّ مظاهر الوفاء لهم صلوات اللَّه عليهم. فقد روى ابن سنان، قال: قلت لأبي عبد اللَّه الصادق عليه السلام جعلت فداك إن أباك كان يقول في الحج يحسب له بكل درهم أنفقه ألف درهم. فما لمن ينفق في المسير إلى أبيك الحسين عليه السلام؟ فقال: يا ابن سنان يحسب له بالدرهم ألف وألف حتى عدّ عشرة ويرفع له من الدرجات... الخ، فهذا الحديث بعمومه يؤكد لنا أن الإنفاق في سبيل الحسين عليه السلام من أعظم القربات إلى اللَّه تعالى ومما لا شك فيه أن الإطعام حباً بأبي عبد اللَّه عليه السلام لون من ألوان الإنفاق ومظهرٌ من مظاهره.

ثالثاً: لقد قامت السيرة العملية منذ زمن أئمتنا عليهم السلام على مرغوبية الإطعام في العاشر لكن بمظاهر مختلفة فقد روى البرقي عن الإمام السجاد عليه السلام: أنه لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام لبس نساء بني هاشم السواد والمسوح وكنّ لا يشتكين من حرّ ولا برد وكان علي بن الحسين عليه السلام يعمل لهن الطعام للمآتم. فالرواية المذكورة تصرح بأن الإمام السجاد عليه السلام مع ما نزل به من المصائب كان يعمل الطعام في تلك المرحلة ليطعم نساء وأطفال بني هاشم عليهم السلام.وعلى ذلك جرت سيرة شيعة أهل البيت عليهم السلام في كل البقاع التي سكنوها من دون فرق بين مكان وآخر فقد قال المقريزي في خططه: "كان الفاطميون في يوم عاشوراء ينحرون الإبل والبقر ويكثرون النوح والبكاء وما زالوا على ذلك حتى انقرضت دولتهم، وفي مقام آخر ينقل المقريزي حال الخليفة الفاطمي يوم العاشر من المحرم فيقول: "إذا كان يوم العاشر احتجب الخليفة عن الناس فإذا ارتفع النهار ركب قاضي القضاة والشهود وقد غيروا زيّهم ثم صاروا إلى مشهد الحسين عليه السلام فإذا جلسوا جعلوا ينشدون الشعر في رثاء أهل البيت عليهم السلام إلى أن يقول: "ثم يستدعيهم الخليفة إلى القصر [يعني عامة الناس‏] فيقرأ القرآن ثم ينشد المنشدون، ويتقدمون بعد ذلك للمائدة المؤلفة من الأجبان والألبان والعسل وغير ذلك، وبعد الفراغ من الأكل انصرف النُوَّاح وطافوا بالقاهرة... الخ" وفي مقام ثالث يقول المقريزي: "وفي عهد بني بويه كان الشيعة والحكام يمثلون دور الفاطميين في مصر... الخ".

من كل ما مضى يتبين لنا أن مسألة الإطعام وإقامة الموائد حباً بسيد الشهداء عليه السلام وإكراماً لآل رسول اللَّه صلى اللَّه عليهم أجمعين هي سيرة قائمة منذ زمن أئمتنا عليهم السلام إلى يومنا هذا.

* السنة في موائد يوم العاشر من المحرم:
مما لا شك فيه يوم العاشر من المحرم هو يوم حزن ومصاب وبلاء على أهل البيت عليهم السلام وهو يوم عظيم على شيعتهم لذلك ينبغي الابتعاد عن كل ما يتنافى مع مظاهر الحزن والأسى. لذلك أطبق علماء الشيعة وفقهاؤهم تبعاً لأئمة الهدى عليهم السلام على ضرورة الإمساك عن الطعام والشراب في العاشر من المحرم حتى وقت العصر فقد قال الشيخ عباس القمي قدس سره في كتابه مفاتيح الجنان: "وينبغي أيضاً للشيعة الإمساك عن الطعام والشراب من دون نية الصوم وأن يفطروا في آخر النهار بعد العصر بما يقتات به أهل المصائب كاللبن الخاثر والحليب ونظائرها، لا بالأغذية اللذيذة... الخ" ونظير ذلك روى العلامة المجلسي قدس سره. والحمد للَّه أولاً وآخراً

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع