* ما نقص من مال صدقة:
شعار طرحه الإسلام بثقة التوكل على اللّه وبإيمان العلم بسريان سنته التكوينية في جميع أجزاء هذا الوجود. "فالخلق عيال اللّه وأحبهم إليه أنفعهم لعياله". وعندما تصبح الصدقة كما الخلق الحسن، والإنفاق كما الالتزام بالأحكام من شعارات الإسلام، فذلك لأنها تساهم في إيصال هذه البشرية التي اكتوت بنيران الظلم إلى سلام العدالة، ولأنها تسير بهذه البشرية الشاردة إلى جنة المقصود وموئل الضياء. ولعل السمة الأبرز للمجتمع المكون على أساس الإسلام هي روحية التكافل والتعاضد الناتجة عن الفهم لروح الإسلام والتحقق بصفات الإيمان. وذلك ما دعت إليه الأحاديث الشريفة للرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، فهذا حديث للرسول صلى الله عليه وآله يقول: "ألا وإن أحب المؤمنين إلى اللّه من أعان المؤمن في الفقر في دنياه ومعاشه، من أعان ونفع ودفع المكروه عن المؤمنين". ما يدل على الزكاة والخمس والصدقة ومطلق الإنفاق في سبيل اللّه هو حاجة للإنسان أولاً يؤديها بنية القربة ثم إن آثارها تتسع لتطال المجتمع بتأثيرها النوراني ثانياً.

* ثقافة الصدقة:
يزخر القرآن الكريم كما الأحاديث الشريفة بأنواع الدعوة إلى الخير. والمميز في هذه الدعوة النزوع لجعل الخير ثقافة عامة يحياها الإنسان بعمله بعد أن تلون عقله وفكره. فليس المطلوب أن تفعل الخير اليوم وتنساه غداً وأن تستكثر معروفاً تفعله وأن تتبع إحسانك مناً أو أذىً، بل المطلوب أن ينبع الخير من السريرة الطيبة التي تنطوي عليها نفسك وأن ينضح إناؤك بما فيه من حب وطيبة.

* الصدقة ذات مزايا عديدة ومهمة:
فما ورد بحق الصدقة يحير الإنسان، بحيث يظن أنها بر ليس فوقه بر. فبعد الإيمان باللّه العظيم وملائكته وكتبه ورسله، تأتي الصدقة على رأس أنواع البر بحسب الآية الكريمة: "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر من امن باللّه واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب..." ثم من بعد ذلك وبحسب الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تتابع المزايا المميزة للصدقة منها:

1- "إن صدقة النهار تميت الخطيئة كما يميت الماء الملح" رسول الله صلى الله عليه وآله.
2- "صدقة العلانية تدفع سبعين نوعاً من أنواع البلاء" أبو عبد اللّه عليه السلام.
3- "صدقة النهار تزيد في العمر وتثمر المال" أبو عبد اللّه عليه السلام.
4- "البر وصدقة السر ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان سبعين ميتة سوء" أبو جعفر عليه السلام.

* الإمداد والصدقات:
ضمن التوجه الأساسي للجنة إمداد الإمام الخميني قدس سره القاضي بكفالة اليتيم وبإعالة كل من لا معيل له ولا كفيل، بادرت اللجنة بدايةً إلى التصدي لتلك المهمة الإنسانية والاجتماعية بإمكاناتها الذاتية في لبنان. ومع توسع نطاق نشاط اللجنة مع بدايات التسعينات، وحرصاً منها على إشراك جميع أصحاب الهمم العالية في تلك المهمة المقدسة، أنشأت اللجنة قسماً خاصاً للصدقات مهمته استقبال جميع أنواع الصدقات والنذورات والكفارات والتبرعات والحقوق الشرعية للقيام بواجبات الإعالة والمساعدة، وكانت باكورة أعمالها "صندوقاً" تمخض عن فكرة خلاقة ومبدعة عنوانها مشروع "صندوق الصدقات". ونرى في كل هذه الآيات والأحاديث كم هي أهمية الصدقة لدى بني البشر، فكيف بمن يبادر إلى دعوة الناس لدفع الصدقة ويضع صندوقاً للصدقات قرب منزله أو متجره أو مكتبه، فمن المؤكد أن ينال ثواباً عندما يقوم كل متصدق بوضع صدقته في هذا الصندوق. ومن المعلوم أن أي صدقة مهما كانت صغيرة أو كبيرة لها الأثر الإيجابي على المتصدق نفسه، ثم على اليتيم والمسكين والمحتاج. وقد اعتمدت لجنة الإمداد منذ انطلاقتها لتغطية جزء من مساعداتها للأيتام والأسر المحتاجة التي ترعاها على مشروع صندوق الصدقات والذي يغطي حالياً حوالي 32% من تقديماتها، وقد وزعت حتى الآن أكثر من 31250 صندوق صدقات في كل المناطق اللبنانية، إضافة لبعض الصناديق التي يتم نشرها في مواسم الحج والمناسبات الأخرى، أو الصناديق الموزعة في بعض نقاط الاغتراب اللبناني في الخارج.

وهناك أموال الصدقات ترسل على أرقام الحسابات أو بواسطة حوالات وشيكات، وتصرف هذه الصدقات بكاملها على الأيتام والمستحقين دون أي حسم للمصاريف الإدارية أو الخدماتية على الإطلاق. هذا، وقد سعت لجنة الإمداد منذ بداية مشروع الصدقات أن تعمل بشكل ممكن، لذا، وضعت برامج خاصة بحيث يكون في الحاسوب لكل صندوق هوية تذكر تاريخ ولادة الصندوق ومحل إقامته أي تركيبه.. ويقوم فريق من الأخوات بعد هذه الأموال وفرزها وتدوينها فوراً في الحاسوب وإصدار الإيصالات المالية لأصحاب الصناديق لإرسالها لهم لاحقاً. وتحول أموال الصدقات إلى قسم المساعدات الإجتماعية في لجنة الإمداد عبر آلية إدارية ممكننة وسريعة، حيث توضع الأولوية لتوزيع المساعدات النقدية ومصاريف العلاج والدواء للمرضى المستحقين إضافة إلى تأمين الغذاء والألبسة إلى مئات الأسر من الأيتام المساكين التي أعدت ملفاتهم من قبل. وقد بلغ عدد الأسر الذين ترعاهم لجنة الإمداد في مختلف المناطق اللبنانية 4160 أسرة يتيم وعاجز ومسكين ومريض ومعاق. وعدد أفرادها 10730 فرداً بينهم 3940 يتيماً قاصراً ومحتاجاً. وعمدت لجنة الإمداد منذ البداية لتكون صلة الوصل الأمينة بين المحتاج والمتصدق لتصل المساعدة للمستحق الفعلي وحفظ ماء وجهه. حيث تصل صدقاتكم إلى أشد الناس حاجة وأكثرهم فقراً في أقصى الأماكن حيث قد لا يصل إليها الآخرون.