نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قضايا معاصرة: الإرهاب ... ذريعة الإستقواء الدولي

موسى حسين صفوان


رغم النداءات المتكررة والتصريحات، والمواقف التي صدرت عن فعاليات عربية وإسلامية، وأخرى من مسؤولي العالم الثالث، والتي تدعو إلى اتخاذ موقف دولي موحد من موضوع الإرهاب، وتحديد مفهومه، والتفريق بين الإرهاب بعنوانه السلبي الذي يتميز بالظلم والغدر والنيل من الأبرياء المسالمين وبين الدفاع المشروع عن النفس، وبالتالي عن الوطن من الاعتداءات الغاشمة.

كما هي الحال في فلسطين المحتلة وغيرها من بقاع الأرض. رغم كل ذلك، فإن الدول الإمبريالية المستكبرة، لم تكتف بتجاهل الحقائق، والنظر بعين واحدة، والكيل بمكيالين، بل زادت وقاحة بأن سخرت المنظمات الدولية التي تحمل الشعارات الإنسانية العريضة، مثل حقوق الإنسان، والعدالة، والحضارة، لتحولها إلى أبواق تبرر لتلك القوى الغاشمة مشاريعها التسلطية، ووسائلها التدميرية للهيمنة على مقدرات الشعوب، وفرض حقائق القوة الوحيدة، بلباسها القبيح وسلوكها الوقح. إن الولايات المتحدة الأميركية، التي تدّعي أنها بلد الحرية، تصادر اليوم حرية الشعوب، وتفرط في استعمال حق الفيتو المزعوم للحيلولة دون إنصاف الشعوب المضطهدة في أنحاء العالم، ففي مؤتمر دوربان مؤخراً شهد العالم كله كيف مارست تلك الدولة المتعجرفة إرهابها الدولي، وعنصريتها الفظة لتدفن رقاب الأمم في الرمال، وتستر عورة إسرائيل التي باتت مكشوفة أكثر من أي وقت مضى.

غير أن الواقع يقول أن المنطق، والحجة، والبراهين والأدلة، والمشاهدات الحية للجرائم والمجازر، ليست هي الحاكمة لمواقف الدول المستكبرة المتعجرفة، والتي تمارس فعل الاستقواء بأساطيلها العسكرية والاقتصادية، وإن كانت تحرك مشاعر الجماهير الإنسانية، وتؤثر في طبيعة الرأي العام الإنساني وليس الدولي... ففي الواقع الإنساني الراهن، وبعد أن أصبحت أميركا مجدداً القطب الأوحد الذي يسيطر على مقاليد القوة، وبعد أن ظهر - حتى الآن على الأقل - فشل مقولة تعدد الأقطاب، فلا المجموعة الأوروبية، ولا الآسيوية، ولا حتى دول الإتحاد السوفياتي السابق، بقادرة على لعب دور فاعل في السياسة الدولية، ويبقى العم سام هو اللاعب الأوحد على ساحة الصراع الدولي، بكل ما يحمله من قيم استكبارية، ومشاريع هيمنة وتسلط... بينما في الجانب الآخر، نجد الأمة الإسلامية والعربية، فضلاً عن بقية شعوب العالم الثالث، تعاني من التفكك والتشرذم والاستلاب والتبعية الاقتصادية، وبالتالي السياسية.

إن أكثر صور الإرهاب الفردي - فيما لو درسناها - تمثل ردات فعل للسلوك العنصري، والاستعلائي، ومشاريع الهيمنة الاستكبارية على مقدرات الشعوب، وبينما نجد الإعلام - الذي هو الآخر أحد وسائل الاستكبار. يركز على عمليات واشنطن، والخبر، وأمثالهما... ينسى أو يتجاهل المجازر الأميركية - الإسرائيلية في فلسطين، ولبنان - والتي لا يتسع المجال لتعدادها، ولا يجدي حتى التأكيد اليومي على ذكرها، ونشر صورها في وسائل الإعلام، لأن إرهاب الدولة المنظم الذي تقوده أميركا، وتنفذه إسرائيل، وتمشي في ركبه سائر دول المنطقة من حيث تدري أو لا تدري، هذا الإرهاب لا يهمه الحجة، ومراعاة المعايير، ولا يحرجه البغي والظلم، والاستغباء، لأن حجة القوي هي دائماً الأقوى، والضرر المعنوي والافتضاح، لا اعتبار له عنده فهو يهيمن بالقوة والغلبة وليس بالحجة، ولا قيمة للحجة في مجال الحوار معه. إن الفرق بين قوى الاستكبار المتسلطة، والإسلام قائم في المنهج، فالمسلمون لا يمكنهم وضع الحجة جانباً، ولا يمتلكون القوة الكافية بالاعتبار العسكري والإقتصادي، وبالتالي ينبغي عليهم دراسة عناصر القوة المتوفرة لديهم من أجل مواجهة المشروع الإستكباري.

إن أمة حزب الله في لبنان استطاعت أن تنتصر في الوقت الذي فشل غيرها رغم كفاءته العسكرية والتكتيكية، لأنها استطاعت أن تنضج خطابها السياسي، وتقلص من مقدار الهواجس الداخلية المتأسسة على انعدام الثقة الموروثة عن الخلفيات الثقافية والتاريخية والبيئية، ولم يعد مفهوم المقاومة الإسلامية متعارضاً مع مفهوم الوطنية مما خلق ساحة داخلية متماسكة، لم يستطع الاستكبار اختراقها... ومن هنا فعندما يفهم المثقفون المسلمون والعرب عناصر القوة في حضارتهم ويحشدونها محلياً، وعالمياً، ويفعِّلون مؤسسات الدعوة الإسلامية يستطيعون مواجهة زحف العولمة، والوقوف في وجه النموذج الاستعلائي الغربي، لأنه لا الأسلحة ولا القوى الطاغية قادرة على استعباد فكر الإنسان... وما قيام مئات المنظمات غير الحكومية في دوربين بالتصدي للمشروع الأميركي الصهيوني إلا خير دليل.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع