أبو مهدي إسماعيل
* المعجزة: كلُّ نبيٍّ كان يحتاج إلى سلاح يتزود به من أجل أن يثبت صدق مدَّعاه في النبوة، وإلا ساد الهرج والمرج، هذا السلاح الموجود عند النبي يُسمى ب"المعجزة". فالمعجزة كما عرَّفوها: "أمر يعجز البشر متفرقين ومجتمعين عن الإتيان بمثله"(1). هذه المعجزة كانت تختلف من نبي لنبي آخر على اختلاف العصور، فمعجزة النبي موسى عليه السلام كانت أن تتحول العصا إلى أفعى، ومعجزة النبي عيسى عليه السلام كانت أن يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن اللَّه، حيث اشتهر في عصره الطب، ومعجزة النبي محمد صلى الله عليه وآله القرآن الكريم(2).
* القرآن المعجزة الكبرى الخالدة: القرآن الكريم يُعتبر أقوى سند حي على نبوة الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله، لأنه معجزة "ناطقة" و"خالدة" و"عالمية"، والتدليل على ذلك:
1- بعده الشخصي: فيشمل الناس جميعاً دونما تمييز بين طبقةٍ وأخرى، أو تفرقة في الدين أو الجنس أو اللُّغة، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ (الأعراف: 158)، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾(الأنبياء: 107).
2- بعده الزماني: فإنه يعم كل زمان من لدن البعثة النبوية الشريفة حتى قيام يوم الدين، وعلى هذا فالقرآن الكريم تخطَّى حدود الزمان، ولم يأتِ لفترة أو مرحلة معينة، وهذا هو سر خلود معجزة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.
3- بعده المكاني: فإنه يعمُّ المكلفين من البشر في الأرض أم في السماء، ولم يُحَدُّ ضمن إطار رقعة أو إقليم معين من الأرض، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (سبأ: 28).
4- بعده الموضوعي: فإن القرآن الكريم جاء ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾، ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ (الأنعام: 38). فقد حمل القرآن للناس أفضل ما تحكم به شعوب العالم في مجال العقيدة والأخلاق والتشريع، بما يحقق للفرد والجماعة السعادة في الدنيا والآخرة، كما قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: "جئتكم بخير الدنيا والآخرة"(3).
* شهادات حول القرآن:
"جان ديفن بورث" مؤلف كتاب "الاعتذار إلى محمد والقرآن": "القرآن بعيد للغاية عن كل نقص، بحيث لا يحتاج إلى أدنى إصلاح أو تصحيح، وقد يقرؤه شخص من أوَّله إلى آخره دون أن يحس بأي ملل". تولستوي في كتابه "حكم النبي محمد": "ومما لا ريب فيه أن النبي محمداً صلى الله عليه وآله من عظام الرجال المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة". "غوته" الشاعر الألماني: "إذا توغَّل فيه (القرآن) فيجذبه دون اختيار إلى جماله السَّاحر". يقول "ويل ديورانت" المؤرِّخ المعروف: "القرآن أوجد في المسلمين عزَّة نفسٍ وعدالةٍ وتقوى لا نرى لها نظيراً في أية بقعةٍ من بقاع العالم". المستشرق البريطاني (دينورث): "يجب أن نعترف أن العلوم الطبيعية والفلكية والفلسفة والرياضيات التي شاعت في أوروبا هي بشكل عام من بركات التعاليم القرآنية، ونحن فيها مدينون للمسلمين، بل أن أوروبا من هذه الناحية من بلاد الإسلام". الكاتب الإنكليزي "برنارد شو" يتحدث عن الإسلام فيقول: "إن أوروبا بدأت تحس بحكمة محمد صلى الله عليه وآله وبدأت تعشق دينه... وسيكون دين محمد صلى الله عليه وآله هو النظام الذي يؤسس عليه دعائم السلام والسعادة... فقد نادى الإسلام بالحرية والإخاء والمساواة... وأقام موازين الحق والعدل والإنصاف".
إن هذه الشهادات وغيرها من التصاريح التي تصدر من هنا وهناك، ما تزيد المسلم إلا اعتزازاً وفخراً بالقرآن الكريم، وبنبي الإسلام محمد بن عبد اللَّه صلى الله عليه وآله، فهما رمز السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.
(1) الزرقاني "مناهل الفرقان"، ج1، ص66.
(2) معاجز رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كثيرة حتى عدَّها بعض العلماء بـ 4000 معجزة، لكن ما يهمنا في الأمر القرآن الكريم تناسباً مع الموضوع المطروح.
(3) كتاب "موجز علوم القرآن" لمؤلفه الدكتور داود العطار، ص54 - 53 (بتصرف).