ايفا علوية ناصر الدين
لا يموت الشهداء ولا يرحلون. يستلقون بأجسادهم على تراب الوطن، يتلمسون حبيباته المجبولة بدمائهم، يحفرون على قسماته شارات النصر...
ويفوح من أنفاسهم الدافئة عطر الشهادة فيستبشرون، يرفعون بجباهم المتعالية نحو السماء وهي تناديهم وقد شرّعت لهم أبوابها المزدانة بالنور: إن هلمّوا إلى النعيم، طوبى لكم هذا الفوز العظيم، ومبارك ما جنته أيديكم التي رفعت قبضاتها رايات حق، ورسمت بأناملها أجمل لوحات التضحية والفداء، وسطّرت أروع ملاحم البطولة والإباء...، تخفق قلوبهم وترتسم تلك الابتسامة المشرقة على محياهم ثم يغمضون أعينهم ويسافرون في رحلة الخلود.
لا يموت الشهداء... ها هي أرواحهم طيوراً تحلّق في نهاراتنا المشرقة، نجوماً تتلألأ في ليالينا المظلمة، وروداً تعبق بأريجها في أجوائنا الرحبة، ها هي أرواحهم تسكن في مساحاتنا، تتألق في خيوط الشمس، تسطع في بدور القمر، تتغلغل في النسائم، تترنم في ألحان الطبيعة، تترقرق على صفحات الأنهار، تزهو في وريقات الأشجار، تزهر في اخضرار الربيع، تتماوج في بيادر القمح، تتنزل مع حبات المطر... وما زالت تزخر بالعزيمة والعطاء. لا يموت الشهداء فهم ﴿أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.
11 تشرين الثاني: يوم الشهيد.