فاطمة برّي بدير(*)
*من فروق اللغة
- الفرق بين العام والسنة
- "العام" جمع أيام، و"السنة" جمع شهور.
- العام يفيد كونه وقتاً لشيء والسنة لا تفيد ذلك، ولهذا يقال: "عام الفيل" ولا يقال: "سنة الفيل"، ويقال في التاريخ: سنة مائة وسنة خمسين ولا يقال: عام مائة وعام خمسين، إذ ليس وقتاً لشيء مما ذكر من هذا العدد.
ومع هذا فإنّ العام هو السنة والسنة هي العام وإنْ اقتضى كل واحد منهما ما لا يقتضيه الآخر، كما إنّ الكلّ هو الجمع والجمع هو الكلّ وإنْ كان الكلّ إحاطة بالأبعاض والجمع إحاطة بالأجزاء(1).
*من عيوب النطق عند قبائل العرب
كان لكل قبيلة عربيّة عيب في النطق. وقد اشتهر منها:
- "عجعجة قضاعة": وهي جعل "الياء" بعد "العين" جيماً، مثلاً: الراعي تصبح الراعج.
- "طمطمانيّة حِميَرٍ": يستبدلون "ال" بـ"ام" فيقولون "ليس من امبر امصيام في امسفر"، يعني "ليس من البر الصيام في السفر".
- "فحفحة هذيل": وهي جعل "الحاء" "عيناً"، مثل: العسن بدل الحسن، واللعم بدل اللحم.
- "عنعنة تميم": وهي إبدال "الهمزة" المبدوء بها "عيناً"، مثل: أن تأتي، تصبح "عن تأتي".
- "كشكشة ربيعة": وهي إبدال "الكاف" بحرف "الشين" في المؤنث المخاطب مثل: زوجش بدل زوجك، وابنش بدل ابنك. وهذه ما زالت موجودة اليوم في اللهجات السعودية.
- "شنشنة اليمن" بجعل "الكاف" "شيناً" مثل: شلمني بدل كلمني ولبيش بدل لبيك.
*إعدام لأسباب لغويّة
كان المواطن الصينيّ الذي يقوم بتعليم اللغة الصينيّة لأيّ أجنبي يُحكم عليه بالإعدام، لأنّه يسهّل على الغرباء النفاذ إلى أسرار الصين. هذا ما كانت عليه الحال في الإمبراطورية الصينيّة القابعة خلف أسوارها الأسطوريّة، في القرن الثامن عشر.
ولطالما كانت الكتابة التصويريّة الصينيّة عامل حماية لها من ألاعيب الأغراب. لكن الأمر تغيّر اليوم، فالصين أنشأت "معهد كونفوشيوس" لتعليم اللغة الصينيّة للأجانب، وتقوم بنشر فروعه في أنحاء القارّات. وثمّة حاجة، حاليّاً، إلى حوالي عشرة آلاف معلّم لغة صينيّة في العالم سنوياً، لكنّ الصين، على وفرة إمكانيّاتها، لا تقدر على إرسال أكثر من ألفي معلم.
من جهة أخرى، قامت الصين بتيسير تعليم اللغة الصينيّة عن طريق إنشاء كتابة أبجديّة خاصّة بها بالحرف اللاتينيّ?.
*رحلة الخط العربي
اقتبس "المُعَينيّون" في اليمن (وهم من أقدم الأمم الآرامية) الحروف الفينيقية وكتبوا بها، ثم انتهت إلى السَبَئيّين ثم الحِمْيَريّين مع التنقيح والتحوير إلى الخط المسند، ومن بلاد اليمن انتقل الخط مع كِندة (وهم بطنٌ من كهلان) حين هاجروا إلى دار معدّ. ثمّ انتقل إلى النبط وهم عرب كانوا في بلاد مدين وسينا وفلسطين وحوران قبل الميلاد وبعده، ومن كِندة والنبط تعلّمه أهل الحيرة والأنبار، ونقله إلى مكّة "حرب بن أميّة" قبيل الإسلام، وعلّم عدداً من أهلها الكتابة، ومنهم: عمر وعثمان وطلحة وأبو عبيدة...
يتلخّص من ذلك أنّ أقدم حلقة في سلسلة الخط العربي هي الخط المصري القديم ومنه أخذ الفينيقي ومن الفينيقي أخذ الآرامي الذي هو المسند. ومن المسند تولّد النبطي والكِندي، ومن هذين الأنباري والحيري. والخط الحيري هو نفسه الخط الكوفي بعد بناء الكوفة، لكن الكوفيين اخترعوا فيه زخرفة كالتي استعملها السريانيون في خطهم المعروف بالـ "سطرنجيلي" الذي كانوا يكتبون به كتب الدين ويزيّنون به المعابد. أما الرقاع وما شاكلها فكانت تكتب بخط الحيرة العادي المعروف بالنسخي.
هذه خلاصة ما يقال في تاريخ الخط العربي ونشأته قبل الإسلام(2).
*من نوادر العرب
- عمى البصر وعمى البصيرة
جاء رجل إلى الشاعر بشار بن برد [وكان ضريراً] يسأله عن دار صاحبٍ له، فأخذ بشّار يصف له الطريق إلى الدار غير أن الرجل لم يفهم. فما كان من بشّار إلا أن أمسك بالرجل وقاده قوداً عبر الطرقات حتّى وضع يده على باب الدار، وجعله يلصق يده بالباب وراح يردّد كلماته المشهورة:
أعمى يقود بصيراً لا أبا لكم | قد ضلّ من كانت العميان تهديه(3) |
*نقرأ لكم
- من رواية (باب الشمس):
في هذه الرواية وصف إلياس خوري القرى الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي عام 1948 م في مشاهد من ذكريات أهلها:
في شعب "أخبرتني نهيلة عن مذبحة الكهول في القرية وكيف دخل الضابط الإسرائيليّ "أبراهم"، وأمر الجميع بالتجمّع قرب البركة ووقف بينهم متفقّداً، كأنّهم طابور عسكريّ، حتّى الحاج موسى درويش المقعد أمر بجلبه من بيته... وتدفّق الماء الأسود من فمه ومات... الضابط بدأ ينتقي الرجال بإصبعه... انتقى حوالي عشرين شيخاً... وانطلقت الشاحنة، وبدأ إطلاق النار فوق رؤوس الناس، الذين تفرّقوا في الحقول... وروى مروان الفاعور الوحيد الذي نجا من مذبحة الوحل... "كان مطر كثيف، والشاحنة تسير تحت المطر... وصلنا إلى زبوبا قرب جنين... أنزلونا من الشاحنة وأمرونا بالعبور إلى الجانب العربيّ وبدأ إطلاق النار فوق رؤوسنا... عشرون رجلاً يمشون، ينزلقون، يتمسّكون بحبال المطر المدلّاة من السماء، ويقعون، يحاولون النهوض، يلتصقون بالوحل... صار الوحل مثل الصمغ... التصقوا بالأرض، سقطوا وابتلعهم صمغ الوحل... وبدأ الموت... هكذا مات رجال شعب في مذبحة الوحل، التي جرت في أحد أيام تشرين الثاني 1948م"(4).
(*) كاتبة واعلامية.
1- الفروق اللغوية، أبي الهلال العسكري، ص347.
2- مقتبسة من كتاب "تاريخ الأدب" للعلامة المرحوم "حفني ناصف".
3- الأغاني، الأصفهاني، ج3، ص59.
4- من رواية "باب الشمس" للكاتب والروائي اللبناني إلياس خوري، ص228.