ديما جمعة فوّاز
لطالما استوقفني مشهد الأمّ الحنون حين يطلب منها ولدها
بإلحاح أن تقدّم له الحلوى قبل وجبة الغداء.. تجدون في عينيه إصراراً طفوليّاً
شديداً يمكن أن ينفجر غضباً وبكاءً أو يتحوّل إلى حالة هستيريّة تزداد حدّتها كلّما
طال الوقت ولم ينل مطلبه..
جميعنا نتفهّم تلك الأمّ، ونعرف يقيناً أنّها أكثر خبرة بمصلحَة ولدها، وأنّ
هدفها ليس إذلاله أو إزعاجه. ببساطة، هي تريد منه أن يحصل على وجبته الغذائيّة
المناسبة والتي ستعطيه الطاقة لينمو ويزداد صحّة وطاقة. وجميعنا نعرف يقيناً أنها
ستقدّم له، بعد وجبة الطعام، ما يريده من حَلوى. ولعلّها ستكرمه أكثر ممّا يتوقع،
فتفاجئه بقالب حلوى لذيذ لم يتوقّعه.
يمرّ الوقت بطيئاً، ليشعر ذاك الطفل، للحظات، أنّ والدته تناسته أو أهملت حاجاته
فيستشيط حنقاً، ويسيء الظن بها. مع أنه لو هدأ قليلاً واكتفى بالطلب بهدوء وإصرار
وأدب، فإنّها سوف تقدّر له ذلك.
وهنا، من باب تقريب الفكرة دعونا ننتقل إلى حادثة مشابهة نوعاً ما. نعرف أنّ الخَلق
كلهم عيال الله، وهو الأعرف بمصلحتهم، ولعلّنا حين نرفع دعاءنا لله بطلب معيّن،
ونكرّره كلّ ليلة، علينا دوماً أن نستذكر ذلك الطفل، ونعرف يقيناً أنّه "لعل الذي
أبطأ عنّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور" فلا نسيء الظنّ أو نيأس من رحمته، جلَّ
وعلا، طالما أنّ عطاياه الجزيلة كانت ولا تزال تظلّلنا برحمته، ونعمه، بل علينا أن
نكرّر الدعاء بإصرار وثقة أنّه لا بدَّ سيجيبنا وأنّه يؤخّر ما نطلبه لمصلحتنا، وهو
القريب منّا، الذي كلّما ناديناه، لبّى نداءنا، فلنأنس بالتضرّع بين يديه، وننتظر
قالب الحلوى!