صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

مجتمع: تصاعد الجريمة: أسباب وعلاجات


تحقيق: أحمد شعيتو


أيّة جريمة أفظع من تلك التي تحصل تحت سقف منزل واحد وبين أبناء عائلة واحدة، بل من ربّ عائلة بحقّ أولاده أو زوجته؟! تلك جرائم لم تعد غريبة على الأذن في لبنان.

*ما هي الجريمة الفرديّة؟
الجرائم الفرديّة أنواع، أشهرها السرقة والاعتداءات الجسديّة وجرائم الاغتصاب وصولاً إلى القتل. والجريمة ليست فقط فعل القتل، بل هي كلّ ذلك، ولكن أشنعها القتل وإزهاق الروح، فالله تعالى قال: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا (المائدة: 32).

والجريمة الفرديّة هي التي لا تكون مخطّطاً لها من تنظيمات، أي لا تشمل الجرائم المنظّمة التي ترتكبها جماعات وتطال مجموعات بشريّة بكاملها، بل وتحمل وقائع إبادة جماعيّة أحياناً ولكلّ الفئات العمريّة، مثل: جرائم الجماعات الإرهابيّة التي يمكن أن نتحدّث عن نماذج لا تعدّ ولا تحصى من تفنّنها في القتل، وهي قد قلّلت من شأن الجريمة الفرديّة لما تثيره من خلال الصور التي تبثّها على الشاشات والإنترنت للتباهي بجرائمها أو لإثارة التهويل.

*الجريمة في لبنان
تتنامى الجريمة في لبنان في ظلّ الضغوط الاقتصاديّة والنفسيّة والاجتماعيّة. ولكن ما يدعو إلى دقّ ناقوس الخطر عدّة أمور لافتة:
-1 تزايد الجرائم التي تحصل بين أفراد عائلة واحدة.
-2 تزايد فظاعة الجرائم وطرقها بأساليب لم نكن نشهد مثيلها إلّا في أفلام الرعب الهوليوودية.
-3 الأهمّ تزايد نسبة الجرائم خاصّة القتل بشكل كبير واستسهال ارتكابها حتّى لأسباب لا تعدّ عظيمة في مفهوم الارتكابات، بل إنّ الأعظم من ذلك أنّها باتت تمرّ "مرور الكرام" على المتلقّين. فهل ذلك متعلّق بتزايدها وكثرتها في الآونة الأخيرة؟

مسلسل جرائم لا ينتهي، بل في تصاعد في الكمّ وفي فظاعة المشهد حتّى الحدّ الكارثيّ هو ما وصل إليه الأمر في لبنان. آخره جريمة قُتل خلالها 3 من عائلة واحدة بسبب خلاف حول ميراث! منذ العام 2011 بدأ ازدياد واضح في أعداد الجريمة، وهذا ما جعله يطغى على جزء كبير من أخبار الإعلام والتحليلات.. تحدّثت أوساط أمنيّة في العام 2013 عن ارتفاع 55 % في نسبة الجريمة. لقد كان الحديث عن 5 جرائم في الأسبوع كما كان الحديث عن 155 جريمة في 7 أشهر.

*من أسباب ازدياد الجرائم
يكاد يجمع خبراء علم النفس والاجتماع على أنّ سببين أساسيين يزيدان في نسب الجريمة في لبنان: الضغط الاجتماعيّ والنفسيّ، وغياب الرادع الأمنيّ والقانونيّ أو محدوديّته. ومن ضمن الضغوط نذكر الفقر والمشاكل الاجتماعيّة، والمشاكل الماليّة والعائليّة، وارتفاع منسوب الطلاق.

الدكتور فضل شحيمي المختصّ في علم النفس يتحدّث لمجلة "بقيّة الله" عن الأسباب المباشرة في تنامي الجريمة بشكل كارثيّ في الآونة الأخيرة، ويتحدّث عن وسائل الحدّ منها.

في البداية يلفت إلى الأسباب المرضيّة التي يمكن أن تؤدّي إلى ارتكاب الجريمة:
-1 انفصام الشخصية.
-2 اضطراب الشخصية.
-3 النزعة الإجرامية.
-4 شخصية لا اجتماعية.
-5 شخصية حادّة.

* الأسباب
يقول الدكتور شحيمي: "في الحالة الطبيعيّة يكون لدى الإنسان روادع، وإذا أحسّ الإنسان أنّ الروادع القانونيّة غير موجودة يدفع ذلك "الأنا العليا" لديه إلى الإحساس أنْ لا سلطة معنويّة تسيطر على تفكيره فيصبح ميّالاً أكثر لتطبيق هذه الجريمة". يضيف: "ومع انعدام الروادع القانونيّة تزداد مخالفة القانونين الشرعيّة والوضعيّة وتنعدم روادع الخوف".

يعدّد شحيمي هنا عدّة أسباب:
1- اضطراب الشخصيّة اللااجتماعيّة، وتبرز أكثر عندما تنعدم الروادع فعندما ينعدم الخوف تبرز هذه الشخصيّة وهذا يؤدّي ارتكاب جريمة.

2- المحفّز الذي يدفع إلى ردّة الفعل: فعندما يحصل تحفيز "للروح الشريرة" لشخصيّة "انفجاريّة" تفقد أعصابها.. وبحسب الوسيلة المتوفّرة بين يديه يرتكب جريمة، فوسيلة الإجرام قد تكون الضرب أو سكينة أو سلاحاً، فالمحفّز موجود وسلاح الجريمة موجود فيقدم على ارتكاب الجريمة بينما في اللاوعي لديه أن لا رادع وأنّه لن يُقاصص".

3- الوضع الاقتصاديّ والاجتماعيّ، حيث لا يرى أيّ فرق بين حياة بائسة في المجتمع أو في السجن.

4- انعدام القيم: لم يعد هناك تركيز على القيم في العمليّة التربويّة كالاحترام وغيره، إلّا نادراً.

5- وسائل الإعلام: "ما نراه اليوم من مشاهد الجريمة مثل الذبح وغيره، والتعوّد عليه، جعل الجريمة غير مستهجنة ووسائل الإعلام تساهم في التخفيف من وطأتها عبر طريقة تقديمها". كما يلفت إلى أنَّ "التفنّن في الجريمة مثل الذبح والحرق والتفجير، جَعلَنا نرى طريقة القتل بإطلاق النار مثلاً أمراً عاديّاً".

*سبل التخفيف والحدّ
يعدّد شحيمي أساليب للحدّ من الظاهرة:

1- التوعية للأسباب النفسيّة التي تؤدّي إلى الجريمة.

2- عدم الترويج لمشاهد وأفكار عنفيّة والتقليل من "التسويق" للجريمة.

3- عدم تغطية المخالفات والارتكابات التي تدفع المرتكب إلى الإحساس بعدم المسؤوليّة.

4- العلاجات النفسيّة والوقائيّة لتفادي وصول الحالات المرضيّة إلى حالة ارتكاب الجريمة.

5- معالجة ظاهرة المخدّرات، وهي أحد الأسباب التي تحدّ من القدرة على التحكّم.

*العدالة الاجتماعية عامل أساس
في اجتماعٍ للأمم المتحدة حول الجريمة جرى الربط بين التنمية والسلام وبينه وبين احترام حقوق الإنسان.. فلا شكّ في أنّ جزءاً مهمّاً من تقليل نسب الجريمة هو وجود عدالة اجتماعيّة، ولكن الأهمّ هو وجود دولة تحمي المواطن وتكون حاضرة بهيبتها ووجودها في كلّ حيّ ومنطقة لكي تشكّل رادعاً.. وإذا حصلت الجريمة على حين غرّة تكون الدولة حاضرة لحماية الحقّ والقانون وتقتصّ من المجرمين لكي يكون ذلك رادعاً أيضاً ولا يكون هناك من يحمي المرتكبين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع