دخل الشيخ المفيد إلى مجلس عبد الجبَّار المعتزلي في بغداد، وجلس في طرف المسجد قرب الأحذية، وقال:
أيّها الشيخ أتأذن لي في مسألة؟ فأذن له القاضي.
فقال: أمسلِّم أنت بحديث الغدير أم لا؟
فأجاب القاضي بالإيجاب، أي أنَّه مسلِّم بذلك.
فسأله الشيخ: ما المراد بالمولى؟
فقال: الأولى... فقال الشيخ: لم وقع الخلاف بين السنّة والشيعة بتعيين الإمام؟
فقال القاضي: يا أخي إن الغدير رواية، وخلافة أبي بكر دراية والعاقل لا يدع الدراية للرواية بل الدراية مقدّمة.
فقال الشيخ: فماذا تقول في هذا الحديث: "إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا علي حربك حربي وسلمك سلمي"؟
قال القاضي: حديث صحيح.
قال: فماذا تقول في أصحاب الجمل الذين قاتلوا عليّاً عليه السلام؟
قال القاضي: تابوا...
فقال الشيخ: إن الحرب دراية والتوبة رواية والعاقل لا يدع الدراية للرواية! فسكت القاضي، ثم سأل عن اسمه وقام من مكانه وأجلسه فيه وقال: أنت المفيد حقاً.
فتغيّرت لذلك وجوه الحاضرين، فتابع القاضي قائلاً: أيّها العلماء، لقد عجزت عن الجواب فإن رددتم عليه أقمته وأعدته إلى مكانه.